- En
- Fr
- عربي
تربية وطفولة
تنشأ معظم المشاكل السلوكيّة لدى الأطفال عن عدم قدرتهم على ضبط انفعالاتهم ولاسيما الشعور بالغضب، والسبب أن معظم الأهالي يجهلون دورهم في مساعدة أولادهم في فهم المشاعر السلبيّة التي تختلج في داخلهم وتدريبهم على التعبير عنها بطرق بنّاءة. فالسيطرة على الغضب هي عملية تربوية تبدأ مع الطفل منذ سنوات الطفولة الأولى وترافقه في المراحل اللاحقة.
الهدوء والتعاطف والاحتواء
خوف وخيبة أمل
يعرّف الباحثون الغضب بأنه دفاع تلقائي عن النفس في مواجهة شعور قوي بالخوف او الألم أو خيبة الأمل. عندما يشعر الطفل بأنه مهدّد يلجأ إلى الهجوم. فهو يضرب أخاه الذي كسر له لعبته، ويصرخ في وجه والدته لأنها لم تكن عادلة في عقابها له، ويشاغب في الصف لأن المعلّمة أحرجته أمام رفاقه.
قد يكون الشعور بالغضب مبرّرًا في معظم حالات «الهجوم»، أما أسلوب التعبير عنه فهو ما يجب معالجته، لذلك ينصح الخبراء الأهل بتعليم أولادهم طرق السيطرة على غضبهم بأساليب بنّاءة، ويقدّمون بعض الإقتراحات التي تساعد في بلوغ هذا الهدف.
مواجهة الغضب بالهدوء
يؤكّد الخبراء أن الطفل يصبح قادرًا في السنوات الدراسية الأولى، على تحمّل تدفّق الأدرينالين والمواد الكيميائيّة الأخرى التي «تتعارك» في جسمه عند الشعور بالغضب من دون أن يصبّ غضبه بعنف على الآخرين. في هذه المرحلة، يجب على الأهل التزام الهدوء في مواجهة أي نوبة غضب صادرة عن الطفل وذلك بهدف تدريبه على الابتعاد عن ردود الفعل العصبيّة والاستعاضة عنها بالتفكير المنطقي الذي يساعد في تهدئة النفس بعيدًا من العنف والإضرار بالآخرين أو بمقتنيات المنزل. في الوقت نفسه، يوضح الإختصاصيّون أن التزام الهدوء لا يعني السماح للطفل بالتمادي في ردود فعله. فالعنف ممنوع وكذلك الأعمال التخريبيّة. وإذا ما حاول الطفل االلجوء إلى الضرب في أثناء موجة الغضب، على الأهل ردعه عن طريق التحدّث إليه بلهجة رصينة والإصرار على موقفهم من دون انفعالات أو صراخ. فالأهل الذين يواجهون غضب أولادهم بالصراخ إنما يعزّزون إحساسهم بالخطر ويدفعونهم بالتالي إلى مزيد من التصرّفات العدائية. كذلك يؤكّد الخبراء أن الأهل المعتادين على الصراخ في المنزل إنّما يقدّمون مثالّا سيئًا لأولادهم، وسوف يتبنّى هؤلاء الأسلوب نفسه في مرحلة المراهقة أو ربّما قبل ذلك.
الإعتراف بالمشاعر السلبيّة
عندما يساعد الأهل طفلهم في تحديد المشاعر السلبيّة التي أدّت إلى الغضب يصبح بإمكانهم تدريبه على التعبير عنها بهدوء. مثلًا، الطفل الذي يضرب أخاه لأنه كسر له لعبته هو طفل حزين لخسارة اللعبة، والولد الذي يصرخ في وجه والدته التي عاقبته هو طفل يشعر بالغبن. فمن الضروري إذًا أن يتعرّف الطفل إلى مشاعره الداخليّة، وأن يعتاد على التعبير الشفهي عمّا يشعر به، إذ أن بعض الأولاد، وللأسف، يخشون التعبير خوفًا من الإستهزاء بمشاعرهم وعدم تفهّمها. لذلك ينصح الإختصاصيّون الأهل باحترام مشاعر الطفل والإصغاء باهتمام إلى مخاوفه (وإن بدت غير مبرّرة بالنسبة إليهم) والعمل على تهدئتها.
اعتماد الأساليب البنّاءة في حل المشكلة
بعد تحديد مصدر الغضب، والتخلّص من المشاعر السلبيّة المرافقة له، يبدأ العمل على إيجاد الحلول التي تساعد في عدم تكرار الخطأ. وهنا دور الأهل في تدريب الأطفال على استخدام أساليب بنّاءة لعلاج مشاكلهم بدلًا من صبّ غضبهم على الآخرين. مثلًا، يمكن أن ينصح الولد الذي كسرت لعبته بوضع ألعابه المفضّلة بعيدًا عن متناول أخيه الصغير، مع الإيعاز إلى الأخ الأصغر بوجوب الإعتذار إلى أخيه والسماح له بمشاركة ألعابه كتعويض عن الضرر الذي سبّبه له.