- En
- Fr
- عربي
قضايا دولية
الدولة الهشَّة (fragile state) هي الدولة المنخفضة الدخل، والتي تُعاني ضعفًا في القدرات و/أو شرعية الحكم، مما يجعل مواطنيها عُرضة لمروحة واسعة من الأزمات على الصعيدين الداخلي والخارجي. مشاكل هذه الدول عديدة، أبرزها: ضعف البنى التحتية، انتهاكات حقوق الإنسان، العنف المستحكم، الأداء التسلطي للحكومة والانتشار الواسع للفساد والجريمة.
قابلية التعرّض للتعطيل أو الشلل
تُشير التقديرات إلى وجود ما بين 35 و50 دولة في العالم يمكن تصنيفها بالهشَّة. وتتميّز هذه الدول بقابلية التعرّض للتعطيل أو الشلل في واحد أو أكثر من الأجهزة بنسبة عالية.
وبما أن أسباب التعطيل أو الشلل تكون عادة متغلغلة في صلب آلية عمل المؤسسات، فإنّ هذه الأخيرة تتعطل تلقائيًا.
ويمكن تصنيف حالات الشلل أو التعطيل وفق الآتي:
1- على الصعيد الاقتصادي: الركود وانعدام العدالة.
2- على الصعيد الاجتماعي: الافتقار للخدمات الطبية والتعليمية.
3- على الصعيد السياسي: السلطة قائمة على تحالفات إقصائية، تعصّب أعمى، ...إلخ.
تتعرَّض آلية عمل المؤسسات الشرعية في الدول الهشَّة لتحديات المصالح الخارجة من رحم السلطات التقليدية، أو المتوارثة من جماعات حاكمة تتصف بقصر النظر، أو أمراء الحروب، أو أي صاحب سلطة غير قانونية.
كيف تصبح حالة الدولة هشَّة؟
تصبح الدول هشَّة نتيجة عدة ظروف، منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- الحالة السائدة عقب أزمات أو حروب، أو انتقال سياسي.
2- تفشّي الفساد الحكومي.
3- تعثّر التطور.
4- الأزمات الطويلة.
أنواع الدول الهشَّة
لا يمكن اعتبار الدول الهشَّة على المستوى نفسه، بل انّها تتوزَّع على مستويات أو فئات وفق ظروفها ومقوّماتها، وذلك على النحو الآتي:
1- الدولة الفاشلة (Failed state): وهنا نتحدث عن أعلى مستويات الهشاشة، حيث تنعدم سيطرة الحكومة المركزية على أي من مرافقها ومؤسساتها، وحيث يتصارع أمراء الحرب للسيطرة على الأرض والثروات، ويعيش الشعب في فقر وخوف. من أبرز الأمثلة على الدول الفاشلة، الصومال وليبيا وجنوب السودان.
2- الدولة المتأخرة أو المتخلّفة (Failing state): وهي حالة الدول التي ترزح تحت وطأة عصيان مسلَّح واسع النطاق، وافتقار ملحوظ لشرعية الحكم، ووضع اقتصادي متدهور، وفي معظم الأحيان أزمة نزوح داخلي واسعة. وتُعتبر جمهورية اليمن خير مثال عن الدول المتأخرة.
3- الدولة الضعيفة (Weak state): وهي حالة الدول الخارجة من نزاعات أو أزمات، والتي تتمتّع بقدر كبير من الاستقرار، غير أن مؤسساتها لا تزال غير متماسكة، والثقة بين أطراف النزاع السابق مفقودة. حكومات هذه الدول تعتمد بشكل أساسي على دعم المجتمع الدولي، على سبيل المثال لا الحصر، كوسوفو وليبيريا.
الأخطار الناجمة عن وجود الدول الهشَّة
لا يقتصر الضرر الناجم عن الدول الهشَّة على وضعها الداخلي، فمشاكلها وأخطارها سرعان ما تنتشر في المحيط القريب، ومنه تتوسَّع نحو الأبعد، لتشكِّل تهديدًا جديًا للأمن والاستقرار العالمي عمومًا والدول المحيطة والمجاورة خصوصًا. ولعل أبرز هذه الأخطار:
1- انتقال أي صراع مسلَّح يدور في الداخل، تدريجًا إلى الخارج لتنتشر تبعاته في كامل المنطقة.
2- تسبّب الصراعات الداخلية بأزمة نزوح ولجوء ضخمة تُرخي بثقلها على دول الجوار.
3- تشكيل ملاذات آمنة وبيئات حاضنة للإرهاب الدولي والجرائم الدولية المنظَّمة.
هشاشة الدولة وحالة الخدمات الأساسية
إن مستوى هشاشة الدولة شديد الارتباط بمستوى الخدمات الأساسية التي تقدّمها الحكومة لمواطنيها، والعلاقة عكسية، فارتفاع مستوى الخدمات الأساسية يوازيه انخفاض مستوى الهشاشة، والعكس صحيح. في هذا السياق يتأثَّر تقديم الخدمات بعدة عوامل، أبرزها:
1- القيود المالية، فالتمويل في معظم الأحيان لا يكفي لتلبية جميع المتطلبات.
2- محدودية الخبرات المتوافرة.
3- نقص في المعلومات الضرورية لتحديد نوع الخدمات المطلوبة وحجمها.
4- العنف الموجَّه الذي يؤدي إلى انحلال ممنهج للبنى التحتية اللازمة لتقديم الخدمات.
5- سقوط النظام الاجتماعي، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة عزل فئات معيَّنة وتهميشها اجتماعيًا.
معوقات جهود دعم الدول الهشَّة
إنّ شرعية أي سلطة هي حكمًا مستمدة بشكل مباشر من استجابتها لمتطلبات جميع مواطنيها من دون استثناء، وتلبية حاجاتهم من الخدمات والمنافع العامة. بهذا تكون عملية بناء الدولة مدخلًا لبناء حالة الأمن والاستقرار، إلا أن دعم هذا التوجه يتسم بالصعوبة لعدة أسباب أبرزها:
1- إن بناء الدولة هو عملية سياسية تستغرق وقتًا طويلًا لتصبح شاملة.
2- عادة ما يكون أمراء الحرب جزءًا من التسوية السياسية.
3- التسويات السياسية تُبنى بشكل أساسي على اتفاقيات تقاسم السلطة.
4- أصحاب النفوذ بحكم الأمر الواقع يرفضون تجاهلهم بشكل قطعي.
كيف يمكن تذليل معوقات جهود دعم الدول الهشَّة؟
يلجأ سكان الدول الهشَّة إلى أصحاب النفوذ من خارج النظام، كزعماء العصابات والميليشيات المسلَّحة ورجال الدين، في سبيل الحصول على الأمان والحماية والحقوق، والتي يفترض أن تؤمنها الحكومة. وبما أنه من الصعوبة بمكان تغيير هذا الواقع، أولًا لأن أمراء الحرب لا يتنازلون عن مكتسباتهم بسهولة، وثانيًا لأن قدرات الحكومة غير كافية للحلول مكانهم، لذا فإن الدعم المقدَّم للدول الهشَّة يجب أن لا يُثير حساسية قوى الأمر الواقع تجاهه.
وأول الغيث في هذا الاتجاه هو إصلاح الجهازين القضائي والأمني، مع الأخذ في عين الاعتبار ما يأتي:
1- أصحاب النفوذ من خارج النظام يُشكّلون خطرًا، ولكنّ خطرهم ليس أكبر من العديد من الشركاء داخل النظام، بمعنى أن الجميع متورّط ويجب الحذر والاحتراس في التعاطي معهم من دون استثناء.
2- ضرورة التكيُّف مع الأمر الواقع والتزام الهدف المنوي تحقيقه، فالدعم غير الحكومي يتطلَّب مهارات خاصة والمرور بإجراءات مختلفة عن تلك المتَّبعة في حال الدعم الحكومي.
3- فهم الحالة والواقع بشكل جيد، والعمل ضمن الإطار الذي لا يثير غضب قوى الأمر الواقع.
4- عدم التدخل إلا عندما يكون التدخل مثمرًا ويُشكّل قيمة مضافة.
المساعدة في بناء قدرات الدول الهشَّة
يُقدّم المجتمع الدولي المساعدة للدول الهشَّة، بهدف بناء القدرات التي تساعدها في تعزيز استقرارها ومواجهة التحديات التي تحول بينها وبين تحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية لرعاياها، فتخرج بذلك من دائرة الهشاشة.
ويعتبر تقديم الجهات الداعمة العون والمساعدة، وسيلة لتجنّب نزاعات جديدة، وبديلاً عن التدخّل الدولي. وتُمثّل هذه الوسيلة المخرج المناسب للحكومات التي لديها نية وإرادة صادقة للإصلاح لكنها تفتقر إلى القدرات، إلا أن عملية بناء القدرات يجب أن تترافق مع إعادة بناء وإصلاح على ثلاثة أصعدة:
1- القضاء.
2- حقوق الإنسان.
3- الحوكمة والحالة الاقتصادية- الاجتماعية.
المراجع:
- Lewis, Alexandra: Violence in Yemen: Thinking about violence in fragile states beyond the confines of conflict and terrorism, Stability: International Journal of Security and Development, May 2013.
- Menocal, Alina Rocha: State- building for Peace: navigating an arena of contradictions, Overseas Development institute, 2009.
- Pavanello, Sara & Darcy, James: Improving the provision of basic services for the poor in fragile environments, International Literature Review Synthesis Paper, Overseas Development institute, 2008.
- Fragile States, the Security Agenda.