- En
- Fr
- عربي
كلمتي
حين مرّت بنا الأيام، بل السنون الصعبة، خصاماً وصراعاً وحرباً ودماراً... واشتدت وطالت وكادت تدوم في حسابات بعض المتشائمين... حين حصل ذلك، لم يخطر في بالنا أن نطلب التعميم أو الانتشار لدى الآخرين بداعي التشفي بهم، أو بحجّة أن يعرفوا طعم المعاناة والويل وعظائم الأمور كما عرفناها نحن، بل صلّينا بالمقابل من أجل أن ينتهي عذابنا، وأن يتوقف سفك دمائنا وخراب بلادنا، ومن أجل أن يتم الاكتفاء بذلك فقط تضحية وفداء، وفي قرارة نفوسنا المثل القائل: لا للضرر لأحد، حتى للأفعى في جحرها، إلاّ إذا انبرت إلى الأبرياء غارزة نابها في الأجساد.
ووضعت الحرب أوزارها بتدخل العقلاء من بعيد وقريب، وعاد لمؤسساتنا الوطنية دورها الإنقاذي والعمراني يوماً بعد يوم، وفي طليعة تلك المؤسسات جيش الوطن. ونجحت التجربة الجديدة، خصوصاً وانه تمت إعادة التأسيس على إيجابيات الماضي، عادات ومبادئ وتقاليد وأصولاً، مع تجنب كامل للسّلبيات بشكل أو بآخر، وعلى التطلّع الصّافي والجهد الصّادق والسعي النابض للمستقبل الواعد.
ودارت عجلة الحياة تبني هنا وهناك، وتمحو آثار الدمار وتزيل مسبباته، في تشريعات القوانين وفي تطبيقات الأنظمة، مع المحافظة على الصّيغ الأساسية القائمة على الحرية والمبادرة الفردية والتنوع الفكري والحضاري، وعلى اعتبار أنّ الوطن يستوعب الجميع، وأنّ الجميع بدوره ضروري لبناء الوطن وتطويره والدفاع عنه ومقاومة التعدي عليه وتحرير أرضه ودحر عدوه الإسرائيلي بالسلاح والإرادة الوطنية الجامعة. وبذلك أضحت التجربة اللبنانية طرازاً وطنياً وحضارياً تعتمده الشعوب، خصوصاً الشقيقة منها، من الجوار في فلسطين، مقاومةً ومواجهةً للعدوان واستعادةً للهويّة، إلى العراق أبعد قليلاً، نظام حكم وصيغة تفاهم وتوازن...
هذه هي صيغتنا الوطنية، وهذا هو جيشنا يرعاها ويدافع عنها، ويحمي مواطنيها عمّالاً وزرّاعاً وطلاّباً وأصحاب منشآت، وحملة أقلام في الفكر والإعلام والثقافة... إنها حماية طبيعية وحتمية ومتواصلة، ورغم أنّ المصاعب كثيرة فإنّ الحل هو في اثنين: الاعتماد على سواعد جنودنا وتخطّي الحاجة إلى المتطور من العتاد والوافر من السّلاح، وثانيها التنبّه الى اثنين: لاعبٍ بالنار عن جهل وتهوّر، ولاعبٍ بالنار عن خبث وتآمر... وسوء في النوايا!