- En
- Fr
- عربي
قضايا ساخنة
ترسيخاً لمفهوم ايديولوجي قديم
اذا كان قطاع غزة قد شكل كابوساً على الاحتلال الاسرائيلي طوال 38 عاماً، فإن الضفة الغربية كانت المنطلق القوي لشعلة الكفاح المسلح الفلسطيني قبيل عدوان 1967 بسنتين، بحيث انطلقت أولى الحركات الفلسطينية المسلحة عام 1965 متخذة من الضفة قاعدة أساسية في العمليات العسكرية.
إلا ان حرب عام 1967 والتي كان من نتائجها احتلال ما تبقى من فلسطين - الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس - عزز جذوة العمل الفدائي لفترة قبل أن ينغمس في صراعات عربية أتاحت للاحتلال فرصة المسارعة لوضع خطط الاستيطان، ولا سيما في الضفة والقدس ترسيخاً لمفهوم ايديولوجي.
لم يمنع صغر مساحة الضفة الغربية (5844 كلم2) اسرائيل من نشر المستوطنات على هذه الأرض بحيث لم تخلُ أي منطقة من المستوطنات أو الكتل الاستيطانية، بهدف السيطرة على كل الأرض الفلسطينية، وقد بلغ عدد المستوطنات في الضفة وحدها 127 مستوطنة.
وبمجرد النظر الى خريطة توزيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية يمكن إدراك أن إقامة هذه المستوطنات في مواقعها الحالية لم يأت عبثاً، بل هي وضعت ضمن خطط مدروسة بعناية لتحقيق الأهداف الفلسطينية لكي تصبح هذه التجمعات في النهاية، جيوباً صغيرة، أو كما يسمى كانتونات مغلقة وسط المحيط الإسرائيلي المتمثل في المستوطنين الذين سكنوا هذه المستوطنات، كما أن توزيع هذه المستوطنات يميل إلى الانتشار مع التركز، أي أنها تنتشر على جميع الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لكنها تتركز في بعض المناطق، خصوصاً بالقرب من التجمعات السكانية الفلسطينية الكبيرة، وقد أقيمت هذه المستوطنات تحت تبريرات وإدعاءات، منها:
1 - ادعاءات دينية، وفي ضوئها أنشئت مستوطنات مثل مستوطنة كريات أربع في الخليل، ومستوطنة ألون موريه في نابلس.
2 - ادعاءات الملكية السابقة منذ ما قبل عام 1948، حيث تم إنشاء مستوطنات مثل مستوطنة غوش عتصيون في الخليل وكفار داروم في قطاع غزة وبيت هعرفاه في أريحا.
3 - مبررات استراتيجية، حيث تم بناء مستوطنات القدس وسلفيت ومستوطنات الغور.
أما أبرز الأهداف المتوخاة من اقامة المستوطنات فتتمثل بالآتي:
1 - خلق حاجز لمنع التواصل الجغرافي بين الفلسطينيين وإخوانهم في المحيط العربي.
2 - خلق جدار أمني بين السكان الفلسطينيين والسكان الإسرائيليين داخل خط الهدنة.
3 - تجزئة الأراضي الفلسطينية وإعاقة التواصل الجغرافي.
المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ومحاورها
يتضح من خريطة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية أن معظم هذه المستوطنات تقع على ثلاثة محاور رئيسية هي:
- المحور الشرقي (غور الأردن).
- المحور الغربي (المحاذي لخط الهدنة).
- محور ارئيل (عابر السامرة).
بالإضافة إلى تكتل العديد من المستوطنات في مناطق مثل القدس والخليل وبيت لحم ونابلس ورام الله.
* المحور الشرقي (غور الأردن):
أقيمت مستوطنات هذا المحور بناءً على خطة ألون التي تقضي بالسيطرة الإسرائيلية على منطقة الغور.
ويضم هذا المحور 27 مستوطنة، تبدأ من مستوطنة ميحولا في أقصى الشمال في منطقة طوباس إلى مستوطنة متسبية شاليم على الشاطئ الغربي للبحر الميت في محافظة بيت لحم.
وتتوزع هذه المستوطنات كالآتي:
- في نابلس: ميحولا، شدموت ميحولا، روتم، مسكوت، بترونوت شيلا، بلاس، حمدات، روعي، بقعوت، ارجمان، مسواه، يافيت، شالوم تصيون، بتسائيل، تومر، جلجال.
- في اريحا: نتيف هجدود، نعران، ناحل تسوري، نعامي، اليشع، مول نيفو، بيت هعرفاه، الموج.
- في القدس: كاليا.
- في بيت لحم: مشوكي دارجوت، متسبية شاليم.
ويلاحظ بالنسبة لهذه المستوطنات الآتي:
1 - قربها من نهر الأردن الذي يمثل الحد الشرقي للضفة الغربية، إذ تتراوح المسافة بين هذه المستوطنات ونهر الأردن ما بين 5,1 و6 كيلومتر.
2 - تمركز هذه المستوطنات عند أقدام الجبال، بالقرب من السفوح الشرقية للمرتفعات الوسطى، حيث نابلس والقدس والخليل خلفها، والسهل الخصيب أمامها.
3 - سيطرة هذه المستوطنات على مساحات واسعة من الأراضي بين مناطق زراعية ومناطق أمنية تجعل منها سلسلة متشابكة من البؤر الاستيطانية في هذه المنطقة الهامة اقتصادياً واستراتيجياً، حيث تمثل هذه المستوطنات خط الدفاع الأول من الشرق، كونها تمثل قواعد عسكرية متقدمة.
هذه الحالة تجعل هذا المحور يشكل حاجزاً أو سداً يفصل بين التجمعات السكانية الفلسطينية في الداخل وبين امتدادها العربي شرق النهر، وبالتالي المحيط العربي الأوسع، وهو من أهم الأهداف لإقامة هذه المستوطنات، بالإضافة إلى منع أو إعاقة أية عملية تسلل لأية قوة عسكرية قادمة من الشرق.
* المحور الغربي (خط الهدنة):
تنتشر مستوطنات هذا المحور في المنطقة المحاذية لخط الهدنة، ولا تبعد بمعظمها بأكثر من 3 كيلومترات عن الخط المذكور. ويضم هذا المحور 35 مستوطنة، عدا تلك التي تحيط بمدينة القدس، وهي موزعة على الشكل التالي من الشمال الى الجنوب:
- في جنين: حينانيت، ريحان، حرميش.
- في طولكرم: افني حيفتس.
- في قلقيلية: سلعيت، تصوفيم، تصوريغال، الفي منشيه، يرخاف.
- في رام الله: جبعات هيروشيد، عوفاريم، نيلي، كريات سيفر، حشمونئيم، متتياهو، شلتا، منورة، كفار روث، مكابيم (أ - ب)، موفوحورون.
- في القدس: هارادار، مفسيرت تصون.
- في بيت لحم: بيتار عيليب، بيتار، جبعوت.
- في الخليل: تسوريت، تيليم، ادورا، نيجوهرت، اشكلوت، تينه، شيمعة، شاني ليفه، بيت ياتير، سوسيا.
بالنسبة لموقع هذه المستوطنات نلاحظ ما يلي:
1 - محاذاتها لخط الهدنة، إذ لا تبتعد عنه أكثر من 3 كيلومتر.
2 - تقارب بعض هذه المستوطنات بما يجعلها كتلاً استيطانية، كما هو الحال في مستوطنات مكابيم (أ، ب) وكفار روث، منورة، شلتا، متتياهو، حشمونئيم، كريات سيفر، وذلك إلى الغرب من مجموعة من القرى والبلدات الفلسطينية في محافظة رام الله.
3 - تشكل مستوطنات تصوريغال، تصوفيم، الفيه منشيه، يرحاف، حزاماً استيطانياً يحيط بمدينة قلقيلية، ويعيق التواصل الجغرافي مع باقي المناطق الفلسطينية.
4 - يشكل انتشار مستوطنات هذا المحور حاجزاً بين التجمعات السكانية الفلسطينية في الشرق والتجمعات السكانية الإسرائيلية في الغرب.
* محور أرئيل (عابر السامرة):
يمتد هذا المحور على طول الطريق الذي يبدأ من بلدة كفر قاسم القريبة من خط الهدنة غرباً، ويتجه إلى الشرق مخترقاً منطقة سلفيت ليتقاطع مع الطريق الرئيسي رام الله نابلس بالقرب من بلدة زعترة، ثم يواصل امتداده شرقاً ليلتقي مع الطريق الرئيسي في منطقة الغور الذي يمتد على طول الغور مخترقاً مدينة أريحا. وقد كثفت إسرائيل من مستوطناتها على طول هذا المحور والمناطق القريبة حيث أقامت 17 مستوطنة، منها مستوطنة ارئيل وهي أكبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي أقرت الحكومة الإسرائيلية مؤخراً جعلها مدينة، وهي تتوزع على الشكل الآتي:
- في قلقيلية: أورنيت، شعاري تكفا.
- في سلفيت: الكانا، عتيص افرايم، ايلي زهاب، بركان، بدوائيل، كريات نطافيم، بيت أبا (أ -ب)، رفافا، نوفيم، ياكير، ارئيل، كفاح تفواح.
- في نابلس: مجداليم، معالية افرايم.
وتكمن خطورة هذا المحور في عدة أسباب هي:
1 - أنه يستطيع تقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، قسم شمالي ويضم محافظات جنين وطولكرم ونابلس وقلقيلية، ومنطقتي طوباس وسلفيت، وقسم جنوبي يضم محافظات رام الله والقدس وأريحا وبيت لحم والخليل.
2 - يمكّن هذا المحور إسرائيل والمستوطنات الواقعة عليه الوصول بسرعة وبسهولة إلى منطقة الغور، كما يمكّنها من التحرك عسكرياً بسرعة على طول هذا المحور عند نشوب أية أزمة مع الدول العربية.
الكتل والأحزمة الاستيطانية
في الضفة الغربية وقطاع غزة
رأينا عند التعرض للمحاور الاستيطانية التي ضمت 79 مستوطنة كيف أمكنها فصل الضفة الغربية إلى جزءين شمالي وجنوبي، وعزل السكان الفلسطينيين عن شرق الأردن وعن الأراضي الفلسطينية غرب خط الهدنة، تاركة التجمعات السكانية الفلسطينية محاصرة في جزر محاطة بشبكة من المستوطنات، إلى ذلك عمدت إسرائيل إلى مزاحمة هذه التجمعات، والعمل على خنقها، فكل بلدة فلسطينية تجاورها مستوطنة أو أكثر، متخذة موقعها إما على موقع استراتيجي يشرف على هذه البلدة أو على طريق رئيسي يصل بين هذه البلدات، إلا أن الأخطر من هذا وجود عدد من الكتل الاستيطانية الواضحة الأهداف، أخذت شكل الأحزمة حول المدن الفلسطينية لتطويقها، ومنع التواصل في ما بينها، كما هو الحال في القدس والخليل وبيت لحم ورام الله.
* حزام القدس:
في 28 /6 /1967 بدأت إسرائيل مخططاتها لتهويد مدينة القدس، عندما أعلنت عن توحيدها وتوسيع حدود بلديتها، حيث عملت على مصادرة الأراضي لاقامة المستوطنات داخلها وحولها، واستطاعت أن تصادر 40% من مساحة القدس العربية وطرد سكانها منها وأنشأت الحي اليهودي مكان حارة الشرف (المغاربة) الفلسطينية، كما أقامت حولها 15 مستوطنة تحيط بالمدينة المقدسة من جميع الجهات.
ففي الشمال والشمال الغربي، أقامت مستوطنات راموت، ريخس شعفاط، بسكات عومر، بسكات زئيف، رامات أشكول، التلة الفرنسية، الجامعة العبرية، عطروت، نفي يعقوب.
وفي الجهة الجنوبية هناك مستوطنات جفعات همتوس - جيلو - هارجيلو، وسوف يكتمل الطوق الجنوبي بإقامة مستوطنة هارحوماه (جبل أبو غنيم)، أما من الشرق فهناك مستوطنات معالية ادوميم وكدار اللتان تدخلان مع مستوطنة جبعات زئيف في الشمال ضمن حدود القدس الكبرى.
لقد استطاعت إسرائيل بهذا الطوق الاستيطاني حول المدينة المقدسة عزلها تماماً عن محيطها الفلسطيني، فالمستوطنات الشمالية فصلت القدس عن شمال الضفة الغربية، حيث محافظات رام الله ونابلس وباقي المحافظات، والمستوطنات الجنوبية عزلت القدس عن محافظات بيت لحم والخليل، ولم تقف إسرائيل عند هذا الحد، بل عمدت إلى ممارسات، مثل منع سكان الضفة أو حتى الذهاب إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه، وذلك عبر العديد من الحواجز العسكرية المنتشرة على الطرق المؤدية إلى القدس.
* حزام الخليل:
أقامت إسرائيل العديد من المستوطنات في مدينة الخليل من خلال مصادرتها للأراضي من أصحابها تحت دعاوى دينية باطلة، الأمر الذي جعل هذه المستوطنات تشكل حزاماً شرقياً حول مدينة الخليل، وتقسم المدينة إلى قسمين شرقي وغربي، والمستوطنات التي أقامتها إسرائيل من الشمال إلى الجنوب، هي: رامات مامرية، سومرة، كريات أربع، الحي اليهودي، هداسا الدبويا، بيت رومانو، تل الرميدة، هارمنوح، وقد جعلت هذه المستوطنات سكان مدينة الخليل يعيشون في جحيم إذ يعتدي المستوطنون يومياً على المواطنين.
* الكتلة الاستيطانية في محافظة بيت لحم:
أقامت إسرائيل كتلة من المستوطنات إلى الجنوب من مدينة بيت لحم وعلى الطريق الرئيسي الخليل - بيت لحم، حيث لا تكاد تبعد المستوطنة عن الأخرى أكثر من كيلومتر واحد والمستوطنات هي:
نفي دانيال، اليعازر، روش تسوريم، بيت عين تسوريف، الون شيفوت، كفار عتصيون افرات، مجدال عوز، مسئوات يتسحاق، وهذه الكتلة الكبيرة تستطيع أن تفصل تماماً بين مدينة الخليل في الجنوب ومدينة بيت لحم في الشمال.
* الكتلة الاستيطانية في محافظة رام الله:
تعتبر مستوطنات هذه الكتلة جزءاً من مستوطنات المحور الغربي الذي سبقت الإشارة إليه، ومستوطنات هذه الكتلة هي: مكابيم (أ،ب)، كفارروث، منورة، شلتا، متتياهو، حشمونئيم، وكريات سيفر، وتتوسط هذه المستوطنات مجموعة من البلدات الفلسطينية وهي: المدية، نعلين، دير قديس، حزمة، عين حارث، بلعين، أم صفا وبيت سيرا. وثمة حزام استيطاني حول مدينة رام الله يضم مستوطنات: طلمون، ياديائير، بيت حورون، جبعات زئيف، بيت آيل، بسجوت، كوخاف يعقوب (من الشرق)، عطروت، جفعوت، جفعات حدشاه (أ-ب) إلى الجنوب.
والواضح أن الهدف من تداخل المستوطنات الإسرائيلية مع البلدات الفلسطينية هو عزل هذه التجمعات السكانية الفلسطينية من جهة، واستخدامها كخطوط دفاع عن التجمعات السكانية الإسرائيلية داخل الخط الأخضر.
* حزام قلقيلية:
تمتاز قلقيلية بقربها الشديد من التجمعات السكانية داخل خط الهدنة، لأن المسافة بين المدينة وساحل البحر هي نحو 10 كيلومتر، ولخطورة هذا الموقع سارعت إسرائيل الى تطويق المدينة بعدد من المستوطنات، وهي: تصور يغال، تصوفيم، ألفيه منشية، ويرحاف، وتدعي إسرائيل أن هذه المستوطنات مهمة من الناحية الأمنية الإسرائيلية.