- En
- Fr
- عربي
ملف العدد في الميدان
سياج الوطن، رجال لولاهم لكان لبنان في خبر كان، ولكانت أعراضنا وأرضنا مستباحة لتجار الفتن والقتل...
مرة جديدة رجالنا سطّروا ملاحم البطولة والفداء بدمائهم. فقد أفشل الجيش بتضحيات عسكرييه مخططات الإرهابيين التكفيريين، وحمى الوطن من أخطار كادت تهدد وحدته واستقلاله.
الفوج المجوقل، من نخبة الأفواج الخاصة، كان له الدور الأكبر في عملية استرداد المراكز التي احتلها المسلّحون الإرهابيون، وبالتالي حسم الجيش واحدة من أخطر المعارك التي واجهته.
استراتيجية الفوج في أرض المعركة
المجوقل فوج من الأفواج الخاصة في الجيش اللبناني وسراياه منتشرة في البقاع من أجل التدخل السريع في حال حدوث أي أمر طارئ.
في قيادة اللواء الثامن قابلنا احد ضباط الفوج، وقد كان لسريته الدور الكبير في المعركة واسترجاع المراكز العسكرية التي احتلها المسلّحون.
يصف الضابط ما حصل قائلًا: «وصلنا عند الظهر وكان مركز المصيدة محاصَرًا، ولدى محاولتنا الدخول تعرّضنا لإطلاق نار كثيف وسقط لنا جرحى. طلبنا المساندة بالنار، وبعد قرابة الساعة تمكنّا من الدخول، وفرّ المسلّحون باتجاه التلال. كانت المعارك مواجهات مباشرة وكان من الواضح أننا نتعامل مع مجموعات تعرف طبيعة الأرض، مدرّبة ولديها ما يكفي من الذخيرة والعتاد».
ويضيف الضابط: «في اليوم نفسه (السبت 2/8/2014)، تلقينا أوامر من قائد الفوج بتنظيف منطقة وادي حميد، وطلبت المساندة من السريتين الرابعة والخامسة، وقمنا بهاجمة المنطقة تحت غطاء ناري كثيف، وأمّنّا حماية متواصلة، وتمكنّا من مفاجأة العدو بردة فعل سريعة، فأطبقنا عليه وأسرنا بعض المسلّحين.
الأحد 3/8/2014، كانت معركتنا الأهم، وهي المعركة الحاسمة إذ أن المسلّحين الإرهابيين اقتحموا مركز مهنية عرسال. اشتبك الجيش معهم وقتل أعدادًا كبيرة منهم. حضر عناصر من الفوج المجوقل ودخل سبعة منهم إلى داخل المهنية، وطوق الآخرون المبنى». وأضاف متأثرًا: «على الجميع ان يعلم أن جنودنا الأبطال دافعوا ببسالة عن الوطن في وجه الإرهاب وحققوا الانتصار وسيطروا على المهنية واستعادوها من الإرهابيين بهذا العدد الضئيل، نعم إنهم نخبة الأفواج الخاصة».
وتابع: «لقد استخدم الفوج في المعركة دعم سرية الهاون من أجل تغطية التلال المشرفة على عرسال، واستعمل جميع الأسلحة الفردية والإجمالية.
بالنسبة الى المسلّحين كان مركز المهنية النقطة الاستراتيجة الأهم، وهم حاولوا اقتحامه مجددًا، فاشتبكوا مع السرية الثانية في الفوج عند العاشرة ليلًا، وحاولوا الالتفاف علينا، ولكننا نجحنا في دحرهم وإصابتهم إصابات مباشرة.
ومن ضمن مهمته في ساحة المعركة، تمكّن الفوج المجوقل من تحرير أحد جنود الجيش اللبناني الجرحى بعد محاصرته في أحد المنازل في عرسال، وخاض عناصرنا معارك ضارية مع المسلّحين قرب البلدية وأسروا العديد منهم.
في السياق نفسه، ومن ضمن عملياته النوعية، تمكّن الفوج المجوقل من تحرير سبعة من عناصر قوى الأمن الداخلي، بسرعة وبدقة متناهية. ونفّذت المجموعة العملية وعادت سالمة وأوقعت عددًا من القتلى في صفوف الإرهابيين، ومن ثم قمنا بتمشيط منطقة رأس السرج حيث كان يوجد الكثير من المسلّحين».
معنويات العسكريين
معنويات العسكريين كانت عالية جدًا، يتابع الضابط، و«هم يملكون إرادة قتال قوية وثقة بالتدريب لذلك لا يتردّدون، أما التضحية فهي سلاحهم الأقوى. طبعًا سقط للجيش العديد من الشهداء، ولكن في المعركة يستشهد عسكريون، وهذه وظيفتنا الأسمى. فواجبنا الدفاع عن أرضنا وعرضنا. خلال المعركة كنت أقول للعسكر إن رسالتنا رسالة سامية وإن الشهادة هي الحياة بعينها، فالإيمان بلبنان والجيش سيقطع دابر الفتنة من جذورها ونحن على يقين أن عدونا لا دين له ولا وطن ويجب أن نضربه بقوة».
أصيب عدد من عسكريي الفوج، يضيف الضابط، لكنهم عولجوا ميدانيًا وعادوا إلى القتال والدفاع عن لبنان بكل إصرار وتصميم، «فدماء رفاقهم لن تمر مرور الكرام».
العدو اعتمد اسلوب التضليل والتهويل
«المسلّحون حاولوا تضليلنا فارتدوا بزات مثل بزات الفوج المجوقل من أجل التمويه، ولكن مع حلول الليل ومن خلال مراقبتنا المتواصلة بالمناظير الليلية، تمكنّا من رصدهم وكشفهم، فوجّهنا إليهم ضربة مباشرة ودمّرنا عددًا من آلياتهم، وفرّ الباقون إلى الجرود باتجاه الأراضي السورية، ولقد ساندتنا مروحيات الجيش وقامت بتمشيط التلال وملاحقة المسلّحين الذين احتموا بالمغاور والجبال.
إن أهم ما أنجزه الفوج المجوقل كان تعطيله عنصر المباغتة الذي يعتمده إرهابيو «داعش»، فهم يعتمدون استراتيجيات المفاجأة والانقضاض وإرباك الجيش باحتلال مواقعه، لكننا في النهاية حققنا الانتصار وجسّد رجالنا بدمائهم معنى التضحيات الكبيرة، ولقد حسمنا المعركة واستسلم العديد منهم بعد المواجهات العنيفة.
بالتأكيد أن الكلفة كانت باهظة حيث قدم الجيش عددًا جديدًا من الشهداء على مذبح الوطن. لكن الدماء التي سالت ستشكل درعًا متينًا للمؤسسة العسكرية وتزيد من عظمتها وهيبتها التي حـاول الكــثيرون الإنتقــاص منهــا».
إنهم أبطال الجيش الذين يستشهد ضابطهم قبل جنودهم، تحية، وكل الوفاء إلى أرواح شهدائنا وعائلاتهم الصابرة، وتحية إكبار إلى الجيش اللبناني بكل أفواجه وألويته.