- En
- Fr
- عربي
صحة ووقاية
أكيد... وإنما ليس إذا أفرطنا في تناولها
ظلّت القهوة لمدة طويلة متّهمة بكونها وراء العديد من المشاكل الصحيّة، لكنّ الدراسات الحديثة تميل إلى القول إنها تحمل عددًا من الفوائد المهمّة إذا ما تمّ استهلاكها بطريقةٍ معتدلة.
دراسات موثقة: القهوة تحارب السرطان
تعتبر القهوة ثاني أهم مشروب ساخن في بلادنا العربية بعد الشاي، كما تعتبر من أكثر المواد استهلاكًا في العالم (12000 طن سنويًّا). وتتعدّد الآراء حول مفاعيل القهوة لكن دراسات شاملة حديثة أنه يمكن لهذا المشروب الأسمر أن يخفض بشكلٍ ملحوظ من مخاطر الإصابة بالسرطان.
فبعد أن شاع لعقودٍ أنّ القهوة تتسبّب بالسرطان، جاءت دراسات معمّقة أجريت على مدى سنوات طويلة لتثبت العكس تمامًا، حيث أكدت التجارب أنّ للقهوة دورًا فاعلًا في الوقاية من بعض أنواع السرطان، وذلك من خلال تحسين عملية إصلاح الحمض النووي. ولعلّ أفضل الأمثلة على هذه الحقيقة ما أكّده الباحثون حول وجود علاقة بين عدم تناول القهوة والإصابة بتليّف الكبد والسرطان فيه (وهو المسبب الاول لموت أكثر من ثمانية عشر ألف شخص في الولايات المتحدة الأميركيّة وحدها سنويًّا).
وفي العام 2011، وجد باحثون أنّ النساء اللواتي يتناولن يوميًّا أكثر من 3 فناجين من القهوة بنوعيها (العادية أو المنزوعة الكافيين)، كانت احتمالات إصابتهنّ بسرطان الرحم أقلّ بكثير من احتمالات إصابة من لا يتناولنها، أو من اللواتي يكتفين باحتساء عدد أقلّ من الفناجين. وفي الدراسة عينها، استنتج الباحثون أنّ الرجال الذين يستهلكون الكميّة نفسها من القهوة يوميًّا، يقلّ احتمال إصابتهم بسرطان المثانة بنسبة 60?. وقد ربطت تجارب موثّقة بين شرب القهوة وانخفاض احتمال الإصابة بأنواع عديدة من السرطانات منها سرطان الرأس والعنق والفم والحلق والحنجرة... وفي سياق توضيح قدراتها الصحيّة، خصوصًا في ما يتعلّق بالأمراض السرطانيّة، قال الباحثون إنّ القهوة مشروب معقّد، يحتوي على مئات المركبات الكيميائية ذات التأثير الإحيائي ومن بينها مضادات الأكسدة ومضادات الالتهابات، التي من شأنها أن تخفّف نسب الالتهاب في الجسم بما فيها السرطانيّة.
... وعدّة أمراض أخرى
بالإضافة إلى ما سبق، تخفض القهوة من خطر الإصابة بالسكري بنسبة 50? من خلال تنظيم مرور مادة الغلوكوز في الأمعاء الدقيق وتحسين أداء الجهاز البولي لوظائفه، وبالجلطات الدماغية بنسبة 16?، ويجمع الأطبّاء وعلماء الأوبئة وخبراء القهوة على أنّ تناول ثلاثة فناجين منها يوميًا، يقي من تشمّع الكبد، ويبعد خطر تليّف الخلايا. كما أنّ للقهوة قدرة على تخفيف آلام الرأس والصداع النصفي.
وبينما يواصل الأطباء بحثهم حول الأسباب الحقيقيّة لمرض الألزهايمر، فثمة أبحاث تفيد بأنّ شرب القهوة يخفض من احتمالات الإصابة به. وقد عمل الخبراء في كلّ من السويد والدانمارك لمدة تزيد عن عشرين عامًا ومن خلال تجارب شملت أكثر من 1500 شخص على إثبات وجود علاقة عكسية بين القهوة والخرف، نظرًا لكون أولئك الذين يتناولون بمعدّل 3 أو 4 فناجين يوميًّا كانت احتمالات إصابتهم بفقدان الذاكرة أقلّ بنسبة 65? من أولئك الذين يكتفون بتناول فنجان واحد أو اثنين. ويعرب العلماء المشاركون في التجارب عن اعتقادهم بأنّ مضادات الأكسدة الموجودة في القهوة تعمل على توسيع الأوعية الدموية في المنطقة المخصّصة للذاكرة في الدماغ.
أمّا في ما خصّ العلاقة التي تربط ما بين التوقف عن تناول القهوة ومعاناة الاكتئاب، فيوضح الخبراء أنّ الغموض لا يزال سيّد الموقف، رغم العمل الدؤوب في الولايات المتحدة الأميركيّة لإظهار حقيقة الأمر، لكنهم يؤكّدون وجود رابط ما بين شرب القهوة وزيادة الطاقة وبالتالي تحسن المزاج، ويشيرون إلى احتمال كون مادة الكافيين هي المسؤولة عن ذلك.
خير الأمور الوسط
في المقابل، يعترف الخبراء بقدرة هذا المشروب الأسمر على التسبّب بمشاكل صحيّة عديدة إذا تمّ تناوله بإفراط خصوصًا إذا كان الأشخاص يعانون أصلًا من أمراض معيّنة، كارتفاع ضغط الدم والاضطرابات المعويّة. ويمكن للقهوة أيضًا أن تتسبّب بالطفح الجلدي ونزيف الدماغ وبإجهاض النساء الحوامل، كما أنّ المبالغة في شربها يفقد الجسم مياهه لأنّ مادة الكافيين بطبيعتها مدرّة للبول.
ومن سلبيّات الإفراط في تناول القهوة أيضًا أنها تحتوي على حمض التانيك والمثيرات المعوية التي تعوق امتصاص الجسم للمعادن والفيتامينات، ممّا يمنعه من أداء وظائفه بشكل مناسب. وقد تتضمّن أعراض الافراط في استهلاك القهوة زيادة دقات القلب ونوبات من العصبيّة. إذًا خير الأمور الوسط...