- En
- Fr
- عربي
متقاعد يتذكر
رفاق السلاح رفاق اليوم والغد
"أولاد الحلال كتار"... وأولاد الحلال الذين يقصدهم المؤهل الأول المتقاعد عاكف الكوسا، هم الذين نصحوه يوماً أن يتطوّع في الجيش، وهذا ما حصل... الطريق التي كان رسمها لنفسه حين بدأ يدرس العلوم الفندقية، لم تكن لتوصله الى "عالم العسكر" وتحديداً القوات الجوية. لكن طائرة جاثمة أمام معهد الصنائع حيث يتدرب اختصاصيو ميكانيك الطيران، أعادت الى باله حلم التحليق في الأعالي. فقد كان يعشق الطائرات وكل ما يتعلق بها. وأمام المعهد كان يقف متأملاً المتدربين متمنياً أن يكون واحداً منهم.
تحقق حلمه مع إعلان الجيش رغبته في تطويع عسكريين لصالح سلاح الجو. كان ذلك في العام 1958، وكان المؤهل الأول المتقاعد عاكف الكوسا في عداد 130 شاباً تقدموا للتطوّع.
يقول المؤهل الأول المتقاعد عاكف الكوسا متحدثاً عن أبرز المحطات في حياته العسكرية:
في بدايـة العـام 1959 قلنا الى رياق حيث بقينا لمدة 10 أيام تسلمنا خلالها معداتنا وانطلقـنا الى معهد التعـليم في طرابلس القبة، حيث خضعنا لدورة عسكرية دامت نحو 7أشهر، واستكملت دراستنا بدورة فنية في قاعـدة رياق الجوية.
كنت أمارس هواية التصوير قبل تطوعي، وفي رياق عينت مصوراً جوياً للقاعدة.
وكانت الصور التي ألتقطها مادة لرسم الخرائط العسكرية للمناطق اللبنانية كافة. طلعاتنا المتكررة كانت تسمح بتصوير التغيّر المتواصل في المعالم الجغرافية: "الخنادق، المتاريس، الحدود..."، وهي كانت مهمة حيوية على صعيد الجيش ككل. بقيت أعمل في هذه الوظيفة حتى العام 1967 حيث تابعت الدراسة في مكتب رقيب.
في العـام 1968 انتدبت لدورة شهادة عليا Brevet Supérieur في فرنسا لمدة 6 أشهر فنجـحت ونلـت في نهايتـها الشـهادة. بعد عودتي من هناك كانت القيادة قد اشترت طائرات الميراج، وتم إنشاء مطار في بلدة القليعات، فانتقلت الى القاعدة الجوية هناك حيث عملت كمصوّر جوي حتى العام 1975. مع بداية الأحداث اللبنانية أصبحت في قلب العاصمة حيث عملت في قاعدة بيروت الجوية، وبقيت فيها حتى تم تسريحي في 30 تشرين الثاني 1990.
سرّحت من الجيش وفي حوزتي ثلاثة أوسمة وميدالية عسكرية أفتخر بها بقدر افتخاري بكوني عسكرياً خدمت الجيش اللبناني. فالجندي اللبناني لم يتأثر بالأحداث التي جرت من حوله؛ وبقي ولاؤه دوماً وأولاً لوطنه، وهو ظل وفياً لأصدقائه، لا تغيّره أو تبدله تيارات طائفية أو حربية خارجية. ورغم السياسات المتقلبة فإن روح العسكري تجعله فرداً من عائلته الكبيرة، يحب رفاقه ويشعر بالإنتماء إليهم وبالغربة بعيداً عنهم. وختم قائلاً: أنا اليوم لا أزال أعيش في محيطي العسكري نفسه؛ فالواحد منا وإن خرج من الجيش يظل منتمياً إليه، ورفاق السلاح بالأمس هم رفاق اليوم والغد...
تصوير: المجند قاسم الطفيلي