- En
- Fr
- عربي
طب وصحة
انطلق التحضير في الطبابة العسكرية لمواجهة فيروس كورونا قبل تسجيل أول حالة في لبنان. واليوم، مع إطلاق تقنية الـ Plasmapherisis، تكون الطبابة العسكرية حققت خطوة متقدمة على صعيد امتلاك الأسلحة الدفاعية ضد الوباء.
البلازما سائل أصفر اللون يشكل نسبة ٥٥٪ من حجم الدم ويحمل خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية حول الجسم. بعد إصابة شخص ما بأي فيروس، تحتوي البلازما على أجسام مضادة تساعد في مكافحة المرض. ويشرح المعاون التقني لرئيس المختبرات العسكرية المركزية الرائد الطبيب وسام مكي: «يمكن لهذه البلازما أن تكون علاجًا شافيًا للمصابين بفيروس كورونا، وتؤمّن مناعة منفعلة للمريض، لأنّه يحصل على مناعة من متبرع سبق أن أصيب بالوباء وشُفي منه بشكلٍ نهائي. أي أنه يستفيد من مناعة شكّلها المصاب السابق ضد الفيروس عبر تقنية الـ Plasmapherisis أو فصادة البلازما، والتي تقضي بوضع المتبرع على جهاز لفصل الدم واستخراج البلازما منه».
القصة الكاملة
في آذار الماضي، ومواكبةً لما يحصل على صعيد العالم في مواجهة كورونا، وعبر اللجنة المتخصصة لمتابعة الموضوع في الطبابة العسكرية، قدّم الدكتور جورج جعلوك (مستشار تقني في بنك الدم في المختبرات العسكرية المركزية)، بروتوكولًا علاجيًا متكاملًا بعد التنسيق مع أطباء في روما وبافيّا. يقضي البروتوكول بسحب البلازما من أشخاص تعافوا كليًا من الفيروس وباتوا بصحةٍ جيدة، وتخزينها لحين استعمالها لعلاج مرضى كورونا في حالات معينة. سلك هذا البروتوكول العلاجي الطريق نحو إقراره والموافقة على اعتماده عبر رئاسة الطبابة العسكرية إلى قيادة الجيش التي وافقت عليه بسرعةٍ قياسية.
من هو الشخص الذي يستطيع التبرع بالبلازما؟ يجيب الدكتور جعلوك: «المتبرع بالبلازما ضد كوفيد ١٩ هو شخص شُفي منه ومرّ على شفائه ١٤ يومًا من دون تسجيل أي عوارض، وخضع لفحصي PCR أتت نتائجهما سلبية».
بعد ملء استمارة والخضوع لاستجوابٍ خاص بكوفيد ١٩ يجيب خلاله على أسئلة دقيقة ومحددة جدًا، تُجرى للمتبرع بالبلازما فحوصات للتأكد من أنّ مناعته الحالية تسمح له بالتبرع. يُطبق هذا المسار وفق أعلى المعايير في المختبرات العسكرية المركزية. أما الوقت الذي تتطلبه الإجراءات الإدارية والتقنية الخاصة بعملية التبرع فلا يتخطى الساعتين كحدٍ أقصى.
وتجدر الإشارة إلى أنّ البلازما المستخرجة من متبرع واحد يمكن أن تسهم في علاج ثلاثة مصابين بفيروس كورونا. ويؤكد رئيس بنك الدم في المختبرات العسكرية المركزية الرائد بسام العاكوم على جهوزية البنك لمواكبة تنفيذ هذا المشروع، فيقول: «بدأنا باستدعاء عسكريين مصابين سابقين بالكورونا لاستخراج البلازما وجهّزنا الثلاجات اللازمة لحفظ كميات معينة منها على درجة حرارة ثلاثين تحت الصفر، ونستطيع تخزينها لمدة عام كامل، وبنك الدم جاهز لتسليم أي وحدة بلازما على مدار الساعة».
في موازاة الجهود العالمية
أثبت استخدام البلازما في معالجة الكورونا فعاليته كأحد الخيارات المطبقة لمعالجة المصابين، واعتبرته منظمة الصحة العالمية نهجًا صالحًا للغاية، مع الأخذ بعين الاعتبار التوقيت المناسب لتعزيز مناعة المريض. وتزامن إطلاق تقنية الـ Plasmapheresis في المختبرات العسكرية المركزية مع إطلاق حملات إعلانية من قبل الـ FDA (وكالة إدارة الغذاء والدواء لخدمات الصحة وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة الأميركية)، وحملات مماثلة في إيطاليا، تدعو المصابين السابقين للتبرع بالبلازما والمساعدة في إنقاذ حياة المرضى الحاليين.
تميّز الجيش اللبناني عن القطاع المدني في هذا المجال
يشير رئيس المختبرات العسكرية المركزية الرائد الصيدلي حبيب عبدو إلى تميّز الجيش اللبناني في استخدام تقنية الـ Plasmapheresis والتي يمكن أن يكون قد تم استخدامها في مستشفيات مدنية في لبنان، ويقول: «نتميز بالجهوزية، وعندما نقول جهوزية عسكرية، نقصد بها السلطة المعطاة لنا لاستدعاء العسكريين الذين أصيبوا بالكورونا وهم أصحّاء حاليًا، للتبرع بالدم في أي وقت، بينما في الحياة المدنية، يخضع التبرّع بالدم وبالتالي بالبلازما للإرادة الشخصية للمتبرع». إذًا، يتميّز الجيش بقدرته على خلق مخزون من البلازما لاستثماره على نطاق واسع عسكريًا ومدنيًا. ويضيف الرائد عبدو: «بعد الحصول على موافقة قيادة الجيش، يمكن إعطاء وحدات بلازما ضد كوفيد ١٩ لمرضى مدنيين ليسوا على عاتق المؤسسة العسكرية، هذا الأمر يحصل أيضًا على صعيد تأمين وحدات الدم في مختلف الأوقات وعلى امتداد الأراضي اللبنانية».
ويؤكد الرائد عبدو على الواجب العسكري والوطني والإنساني، إذ إنّ الوقوف إلى جانب بعضنا البعض في أثناء الأزمات، دليل على قوة مواجهتنا لها، ويختُم: «نحن في الجيش أطلقنا هذه التجربة على أمل أن تنعكس إيجابًا على المواطنين جميعًا وأدعوهم إلى عدم التردد والتبرع بالبلازما طوعًا».
ما تتردد، تبرّع
انتهت جولتنا في المختبرات العسكرية المركزية بمواكبة الرائد وسيم مرعي وهو مصاب سابق بالكورونا، وُضع على جهاز التبرع بالبلازما مع تأثّر واضح على وجهه، لأنّه لا يريد لمعاناته مع كوفيد ١٩ أن تتكرر مع أي شخص آخر، وإذ اعتبر أنّ إقدامه على التبرع خطوة عادية جدًا، قال لنا: «هذه خدمة إنسانية ووطنية، المرض يمكن أن يصيب قريبًا لنا أو أخًا أو صديقًا. لذلك على أي مصاب سابق أن يقوم بهذه الخطوة ليخلّص إنسانًا آخر». وأطلق مقولة تصلح لأن تكون شعارًا: «ما تتردّد، تبرّع».
نعم، هذا جيشنا البطل، دماؤه على كفّه حفاظًا على أمن لبنان، ودماؤه لنا جميعًا عبر التبرّع بها في مواجهة الوباء، ساهم معنا بشفاء المرضى، لأن العلاج في داخلك، العلاج هو أنت.