- En
- Fr
- عربي
مناورة
في أعالي جرود العاقورة، صدحت أصواتهم وعلا ضجيج أسلحتهم... هم مستقبل الجيش الواعد، قادة المستقبل يتدرّبون على تحمّل مسؤولية المؤسسة والوطن. وضعوا السيناريو وخططوا ونظّموا ورسموا الاستراتيجية في صندوق الرمل ونفّذوا مناورةً، هي خلاصة كل تدريباتهم في الكلية الحربية قبل مغادرتها في آب القادم.
الإمكانات قليلة والمطلوب كثير، وقف قائد الجيش مخاطبًا ضباط المستقبل، مؤكدًا أنّ الإرادة الصلبة تذلّل الصعوبات كلّها، مشيرًا إلى أنّ خوض معركة حقيقية قد يكون بالنسبة إلى الجيش أسهل من الموقف الصعب الذي يعيشه اليوم في مواجهة شعبه.
كلمات العماد عون التي تردّد صداها في الجرد، توجّهت إلى التلامذة الضباط في السنة الثالثة في الكلية الحربية، الذين نفّذوا مناورة قتالية بالذخيرة الحية، في حضور عدد من كبار ضباط القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة.
العماد عون الذي نوّه بالأداء المُتقن والمميّز وأثنى على جهود التلامذة الضباط والوحدات المشاركة، وعلى الحرفية التي أبدوها في أثناء المناورة، شدّد على أهمية مثل هذه المناورات والتدريبات التي ينفّذها هذا الجيل ولم يختبر مثلها من سبقه. وأكّد أنّها تصقل مهاراتهم وتبدّد مخاوفهم وتبني ثقتهم بأنفسهم وتؤهلهم ليكونوا قادةً مسؤولين، يشكّلون قدوةً حسنة وثابتة لعسكرييهم في الميدان.
خاطبهم قائد الجيش كمخاطبة الأب لأبنائه: ما اختبرتموه في الكلّية ما هو إلّا جزء بسيط ممّا ستواجهونه في حياتكم العملية. فلا يعتقد أحدكم أنّ النجمة التي سيعلّقها هي التي ستسهّل حياته، بل هي مقدمة لمسار طويل من التعب والكدّ والجهد، مسار يتطلّب صقل المهارات الثقافية والجسدية، وتعلّم اللغات وتحصيل الشهادات، فهذه الأسس تدعم شخصية الإنسان في المجتمعَين المدني والعسكري.
إلى الميدان
ولأنّ قدرات العسكري تُحسم في الميدان، حضّر العماد عون ضباط المستقبل نفسيًا للمسؤولية الملقاة على عاتقهم، تجاه أنفسهم وعناصرهم والعتاد وبقعة العمل، وللصعوبات التي سيواجهونها: «حين تتخرّجون ستواجهون تحديَين أساسيَّين يحتاجان إلى ضبط النفس، هما الكورونا والتحركات الشعبية، وآمل أن تكون المرحلة الماضية عبرة لكم لتتعلّموا كيفية التعامل مع المتظاهرين. فقد نتمنّى لو كنّا في معركة حقيقية بدل أن نكون في هذا الموقف الصعب في وجه الشعب».
كانت أعين ضباط المستقبل مسمَّرةً على القائد القدوة بالنسبة إليهم، يصغون إليه وهو يحادثهم ويحفظون كلماته. يقول لهم إنّ القيادة فنّ، والنجاح هو ثمرة كل عمل دؤوب يشترك فيه الجميع بإرادة صلبة وعزيمة قوية في وجه التحديات، لاسيما خلال المراحل الصعبة والظروف القاسية التي تحتاج إلى أقصى درجات الوعي والتحمّل.
وفي ختام حديثه، حمّل قائد الجيش التلامذة الضباط مسؤوليةً كبيرة، فهم «سفراء الجيش في المجتمع»، وعليهم يعتمد أبناء مجتمعهم ووطنهم، ويعتمد مستقبل الجيش وتطوره وصموده في وجه الصعوبات والتحديات...
خبرات تلتقي
حضور ضيف مميّز، في الصفوف الأمامية للمنصة، هو اللواء الركن المتقاعد سمير القاضي (رئيس الأركان بين العامَين ١٩٩٧ و٢٠٠٠)، جمع خبرات القدامى بحماسة الشباب. اللواء الركن الذي مضى على تقاعده قرابة العشرين سنة، أعاده الحنين إلى أحضان المؤسسة وأبدى رغبته بالاطّلاع على كل جديد فيها، فدُعي ألى حضور هذه المناورة. وها هو يشيد بالتطور الذي شهدته المؤسسة، مبديًا إعجابه بحرفية «مستقبل الجيش الواعد»، مستعيدًا من خلال الشباب ذكرياته في مدرسة الرجال. وإذ ينظر إلى ضباط المستقبل بأمل، يحمّلهم مسؤولية هذا الوطن الصغير بحجمه والكبير بجيشه... مستقبل لبنان والجيش بين أيديكم، فكونوا على قدر المسؤولية. لقد تركنا لكم مهمة قيادة السفينة فأوصلوها إلى برّ الأمان!