- En
- Fr
- عربي
برامج دعم القروض الصغيرة والمتوسطة في لبنان شركة كفالات ش.م.ل نموذجًا
المقدّمة
يرتكز الاقتصاد العالمي بنسبة 80 إلى 85 % على بناء المشاريع الصّغيرة والمتوسّطة الحجم، لذا تبذل الدّول وبخاصة النامية منها، جهودًا مضنية لرعاية هذه المشاريع وتأمين التّمويل اللازم لها، نظرًا لقدرتها على خلق فرص عمل. أمّا في لبنان، فتشكّل المشاريع الصغيرة الحجم أكثر من 90% من المشاريع القائمة، لكنّها تعاني صعوباتٍ بالغة في الحصول على التمويل. وقد شهد لبنان منذ عقد التسعينات من القرن العشرين، ظهور العديد من المؤسسات والهيئات والبرامج التي تعنى بتقديم القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسّطة الحجم ومن أبرزها شركة "كفالات".
أتى تأسيس "شركة ضمان قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ش.م.ل." في 28 نيسان 1999 والتي جرى تعديل إسمها بحيث أصبح "شركة كفالات ش.م.ل. كفالة قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة" في12/11/1999 ضمن إطار الخطة الخماسية للإنماء (1999-2004) التي اعتمدتها حكومة الرئيس سليم الحص آنذاك، وتبنّت فيها سياسات إقتصادية إجتماعية هدفت بشكل أساسي إلى تنشيط الحركة الاقتصادية ومعالجة الخلل في المالية العامة.
وقد جاء هذا التأسيس في ظروف بالغة التعقيد أبرزها: التأزم السياسي والاقتصادي، تسارع ازدياد أرقام الدين العام، ضعف التوجه إلى الاستثمار وانخفاض كبير في معدل النمو، وجود فائض كبير في كتلة الودائع النقدية في المصارف، عجز المصارف المتخصصة عن تأمين التسليفات اللازمة للقطاعات الانتاجية ... وغير ذلك.
وكانت شركة "كفالات" قد حدّدت عند تأسيسها فترة 6 سنوات لاكتمال تجربتها، وترسيخ قواعدها، وأشكال عملها وأساليبها، وهو ما اعتبرته الشركة آنذاك دورة مالية كاملة.
يهدف هذا البحث إلى التعرّف إلى السياسة التسليفية في شركة كفالات ش.م.ل. والدور التنموي الذي لعبته خلال السنوات الست الأولى من عملها 1999-2005 (أي الفترة التي طُبّق فيها برنامج كفالات الأساسي) ومعرفة ما إذا كانت الشركة قامت بالدور التنموي المرسوم لها في تنشيط قطاعات الانتاج أم أنها، كشركة مساهمة تسهم فيها أساسًا المصارف التجارية، كانت تقوم بدورٍ آخر يتمثّل بإعادة توظيف الاحتياطات القانونية الإلزامية المطلوب من المصارف إيداعها في مصرف لبنان، وهو ما يسمّى بإعادة التوظيف المالي.
وبصيغةٍ أُخرى، هل كان لشركة كفالات في فترة التأسيس دور تنموي أم إعادة توظيف مالي؟ وهل استطاعت الشركة أن تشكّل نافذة حقيقية في تسهيل عملية التسليف للقطاعات المنتجة؟ وما هي أوجه المقارنة بين التسليف التجاري المحض والتسليف المكفول من شركة كفالات؟ هل استطاعت الشركة توسيع دائرة الطبقة الوسطى في لبنان عبر كفالة قروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحفيز روّاد الأعمال، حيث أنّ الطبقة الوسطى كانت قد تراجعت وضعفت نتيجة سنوات الحرب الطويلة؟ هل أدّت الشركة دورًا في الحدّ من النزوح الريفي إلى المدينة من خلال إيجاد فرص عمل وتشجيع الاستثمار في الأرياف؟ وهل حققت "كفالات" ما كانت قد توقعته دراسة الجدوى الخاصة بها؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا البحث.
أوّلًا: في سمات الاقتصاد اللبناني وحاجته إلى شركات مماثلة لشركة كفالات
أتى تأسيس شركة كفالات في 12/11/1999 انسجامًا مع رغبة الحكومة آنذاك في اعتماد خطة تنموية، تعيد تحديد المسار الإقتصادي الذي كانت قد اعتمدته حكومات الرئيس رفيق الحريري الثلاث ما بين1992 و1998. ونعلم أنّ هذه الخطة كانت موضع اختلاف وتباين، أديّا إلى تعطيل مضمونها الرئيسي، على الرغم من أنها تبنّت بعض التوجهات العامة ومنها إنشاء "شركة كفالات".
إنّنا نتساءل بالمضمون: هل استطاعت تلك الخطة الخروج عن المألوف في النهج الاقتصادي اللبناني؟ وهل كانت مختلفة في الجوهر عن خطة النهوض والإعمار التي اعتمدت منذ العام 1992 وحتى 1998؟ وهل خطة النهوض والإعمار اختلفت عن الرؤيا الاقتصادية العامة لدور لبنان وموقعه الاقتصاديين؟ وهي التي سادت في لبنان منذ الاستقلال وحتى تاريخه.
من المعروف أنّ الفكر الاقتصادي التدخّلي، كان قد ساد في معظم بلدان العالم منذ مطلع القرن السادس عشر وحتى النصف الثاني من القرن الثامن عشر في ظلّ الرأسمالية التجارية ، ليتراجع بعد ذلك الوقت مفسحًا في المجال للفكر الاقتصادي الليبرالي اللاتدخلي الذي ساد منذ تلك الفترة حتى عقد الثلاثينيات من القرن العشرين. وفي دورة ثانية، عاد الفكر الاقتصادي التدخلي ليسود (إن بمصادره الماركسية والاشتراكية أو الكينزية أو العالمثالثية) منذ ثلاثينيات القرن العشرين وحتى مطلع السبعينيات من القرن المذكور، قبل أن يتراجع في الربع الأخير من القرن العشرين مرة جديدة أمام الفكر الاقتصادي الليبرالي اللاتدخلي.
1- النظام الاقتصادي في لبنان ليبرالي على الدوام:
قد يكون لبنان البلد الوحيد الذي سلك طيلة فترة تطوره الاقتصادي الحديث، ولا يزال، مسلكًا ليبراليًا لا تدخلي، لم يقطعه سوى قيام بعض المؤسسات ذات الطبيعة الانمائية والمحدودة التي أنشئت في فترة حكم الرئيس فؤاد شهاب (1958-1964) مثل الانعاش الاجتماعي، المشروع الأخضر، مصرف التمويل الصناعي والسياحي والعقاري ... وغيرها.
تعود نشأة الرأسمالية الليبرالية في لبنان إلى بدايات القرن التاسع عشر مع توسع تجارة الحبوب والحرير. وشكّل نظام المتصرفية (1861-1914) إطارًا داعمًا لصعود الرأسمالية. وجاء إعلان دولة لبنان الكبير 1920 ليعزز تلك الحالة. وقد عزّز الأداء الجيّد للاقتصاد اللبناني خلال فترة الانتداب المضاف إلى جو الازدهار الاقتصادي والسلام السياسي الذي ساد في فترة المتصرفية، خيار حكومة الدولة الاستقلالية الأولى بعد العام 1943 لاختيار الليبرالية الاقتصادية، ليس كسياسة اساسية للتنمية الاقتصادية فحسب، بل أيضًا "كعلّة" أساسية لوجود الوطن الجديد.[1]
وقد عزّز هذا الخيار خروج لبنان من الحرب العالمية الثانية كدولة مستقلة يتمتع إقتصادها بصناعة منتعشة وفائض مالي في الخزينة ومعدلات بطالة منخفضة والاضطرابات السياسية والاقتصادية التي عرفها بعض البلدان العربية خلال عقدي الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين. كما كان لتطوّر القطاع المصرفي وقدرته على استيعاب عائدات النفط وجو الاستقرار السياسي الذي عاشه لبنان، دور في تعزيز هذا الخيار.
وباختصار، كان لمظاهر الازدهار والتقدم التي عاشها لبنان منذ الاستقلال وحتى بداية الحرب (1975) دور في تعزيز خيار الليبرالية الاقتصادية بعدما كان هذا الخيار قد تكرّس في فترتي المتصرفية والانتداب.
في فترة الحرب (1975-1990) وعلى الرغم من ظروف العمل الصعبة والأزمات السياسية المتقلبة والنزاعات المسلحة، استطاعت الليبرالية الاقتصادية أن تظهر قدرًا كبيرًا من المرونة والتكيّف مع تطوّرات السوق، وساهمت في استمرارية النشاط الاقتصادي والتبادل التجاري وتوفير معظم السلع، كما أنّها تمكنت من استئناف النشاط الاقتصادي بشكل سريع بعد كل توقف للأعمال القتالية، كما حصل في أعقاب سنوات 1976-1982 –1989.[2]
في تلك الفترة كانت الليبرالية الاقتصادية تنتشر مجددًا على المستوى الكوني، وتتوسع إلى مناطق جديدة بعد انهيار الكتلة الاشتراكية وتحولها إلى إقتصاد السوق. وهذا ما أدّى إلى تجديد الاعتراف بالنظام الاقتصادي اللبناني، ووضعه في سياق الاتجاه السائد عالميًا بعدما كان نموذجًا فريدًا وشبه وحيد لليبرالية الاقتصادية المفرطة منذ الثلاثينيات وحتى السبعينيات من القرن العشرين.
وبعد فترة انتقالية أعقبت الحرب (1990-1992)، باشرت الحكومة اللبنانية في تنفيذ خطة لإعادة الإعمار لمدة عشر سنوات (1993-2002). ولقد أظهرت الخطة رغبة واضحة بإعادة انتاج النظام الاقتصادي القائم ذاته وعلى الأسس نفسها. وكان واضعو الخطة يعتقدون بأنّ الاقتصاد اللبناني سوف يتمكن بعد وقف الحرب، (كما في المرات السابقة) عن طريق إعادة تأهيل البنى التحتية وتطويرها وتحقيق الاستقرار المالي والنقدي، من استعادة ميزاته الإقليمية في المجالات التجارية والمالية والانطلاق في مسار النمو الاقتصادي.
ولم تخرج الخطة الخماسية للإنماء في لبنان (1999-2004) التي وضعتها حكومة الرئيس الحص في العام 1998 عن جوهر النظام الاقتصادي الليبرالي إيّاه الذي نشأ في لبنان منذ الإستقلال. فعلى الرغم من وجود بعض نقاط الإختلاف بين الخطة الخماسية وخطة "أفق العام 2000 للإنماء وإعادة الاعمار" إذ أعادت الخطة الخماسية الاعتبار لمبدأ الضريبة التصاعدية، وبدأت الخطوات التحضيرية لاعتماد الضريبة على القيمة المضافة واستحداث ضرائب جديدة على الأصول المالية ، إلا أن هذه الأخيرة (الخماسية) اشتركت مع خطة الإنماء والإعمار في عدد من التوجهات الأساسية مثل: التزام سياسة التثبيت النقدي، الخصخصة وإعادة هيكلة القطاع العام، طريقة معالجة الاختلالات المالية ... وغيرها. وهذا يدل إلى أنّ الخلافات السياسية في لبنان لم تصل لتطال جوهر النظام الاقتصادي أو وضعه موضع مساءلة أو في مهب التغيير. فهل كانت النتائج الاقتصادية للنظام اللبناني في مجال الإنماء مقبولة؟
2- النتائج التي تمّ الوصول إليها على صعيد الإنماء:
تأسيسًا على ما سبق، نعتبر أن لبنان لم يتبّع أي سياسات اقتصادية تنموية فعلية وفق مفاهيم التنمية المتعارف عليها، خصوصًا لجهة اضطلاع الدولة بدور وازن في الإقتصاد، إذ أنّ الإقتصاد اللبناني تميّز على الدوام بدرجةٍ عالية من الحريات الإقتصادية وتواضع دور القطاع العام .
ولقد استطاع الاقتصاد اللبناني بفضل عوامل داخلية وأخرى خارجية على امتداد ربع قرن (1950-1974) من تحقيق نمو اقتصادي مهمّ، ولكنه غير استثنائي، بل أتى ضمن سياق عالمي حققت فيه معظم بلدان العالم معدلات نمو إقتصادي مرتفعة في الحقبة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.
إلا أنّ النمو السريع في لبنان في ظل نظام إقتصادي مفرط في ليبراليته، أدّى إلى سلسلة من الاختلالات تمثّلت بتفاوتات كبيرة في توزيع الدخل بين القطاعات الاقتصادية والمناطق والطبقات الاجتماعية، الأمر الذي أحدث نزفًا سكانيًا حادًا من الريف باتجاه الخارج وباتجاه العاصمة التي أصبحت مع ضواحيها تستقطب حوالى نصف سكان لبنان.[3]
خلال فترة الحرب (1975-1990) تراجع النشاط الاقتصادي وانحسر الاستثمار، وبلغ التضخم أرقامًا قياسية وتدهور الحدّ الادنى للأجور، ممّا أدى إلى هروب الرساميل وتفاقم حركة الهجرة إلى الخارج والتهجير الداخلي. وقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي في نهاية الحرب إلى 40% عمّا كان يجب أن يكون عليه لولا وجود الحرب.
في الفترة الانتقالية (1990-1992) لم يتمكن النشاط الاقتصادي من الإقلاع، فحجم الدمار كان هائلًا والمساعدات والقروض الخارجية الموعودة لم تصل، وهذا ما أدّى إلى تأخير البدء بإعادة إعمار البنية التحتية التي باتت كلها بحاجة إلى ترميم وصيانة، إمّا بسبب الحرب أو بسبب التقادم الزمني. كما أنّ المؤسسات الخاصة لم تكن في وضع المتحمس للبدء بأعمال التوظيف وإعادة التوظيف لأنها كانت تترقب الظروف أو تنتظر التعويضات.
وعند انطلاق خطة "أفق العام 2000 للإنماء وإعادة الإعمار" (1993)، افترضت الحكومة أنّ تحقيق الاستقرار المالي والنقدي وإعادة إعمار البنية التحتية، سيؤديان إلى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 9% تقريبًا بين عامي 1995 و2007 [4] وإلى ارتفاع متوسط الدخل السنوي للفرد من 3,6 مليون ليــــرة بالأســعار الجارية في العام 1994 إلى 12,8 مليون ليرة عام 2007 [5]. وبصرف النظر عن تحديد أسباب الصعوبات الاقتصادية التي اعترضت خطة "أفق عام 2000 للانماء وإعادة الاعمار" فإن مراجعة النتائج تبيّن أن معدل النمو في الناتج المحلي الذي كان قد سجّل 8,7% تباعًا في عامي 1993 و1994 بدأ بالتراجع تدريجيًا حتى كاد ينعدم في الـ1998 وبلغ الصفر في العام 2000.
وعقد النمو الذي بدأ بدين عام صافِ بلغ حوالى 2,4 مليار دولار العام 1992 يمثل 43% من الناتج المحلي القائم انتهى في نهاية العام 2001 بدين عام بلغ 29,4 مليار دولار يمثل 176% من الناتج المحلي[6].
ومن المفيد الاشارة إلى أنّ الدين العام استمر بالنمو بين سنتي 1998 و2000 كما استمر ارتفاع العجز المالي والتجاري بينما استمر بالمقابل تباطؤ النمو الاقتصادي إذ بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الاجمالي صفر% العام 2000 خلافًا لتوقع الحكومة بأن يكون 3% في عامي 1999 و2000.[7]
إذًا وانطلاقًا من الوصف الذي عرضناه، يتضح وبشكل كبير أنّ مختلف المحاولات والصيغ "الاصلاحية" التي طرحت لم تختلف عن مضمون الليبرالية، السمة الاقتصادية للبنية الاقتصادية اللبنانية، كما أنّ مفهوم النمو كان تقنيًا ومجرّدًا من مفهومه الاجتماعي، بينما بقيت التنمية مطلبًا صعب المنال.
رغم هذه الصورة، هناك محاولات كانت تتعاطى بجدّية مع الهمّ التنموي المشروع والضروري منها تأسيس "شركة كفالات".
ثانيًا: تمويل النموّ الاقتصادي في لبنان
النمو لا يتحقق بدون تمويل، فالتمويل عامل أساسي ومحرك رئيس لعملية النموّ. ويمكن تقسيم التمويل إلى فئتين: التمويل الراسمالي الذاتي، والتمويل عبر الاستدانة. غير أنّ الاعتماد على التمويل الذاتي في الزمن الراهن قد يكون غير مجدٍ أو غير كافٍ، أو قد يؤدي إلى إغفال فرص افتراضية في حال توافرها. لذلك تتجه معظم المؤسسات نحو الاعتماد بدرجة كبيرة على الاقتراض لتمويل عملية التنمية واستغلال الفرص الاستثمارية المربحة.
ولا تتمتع المؤسسات بالحرية المطلقة عند اتخاذ القرار بشأن التمويل، أو تحديد نسبتي الاقتراض والملكية، فثمة عوامل خارجة عن إرادتها تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على درجة النمو الاقتصادي المتوقعة. وهذه العوامل إمّا تتعلق بالوضع الاقتصادي العام في البلاد، أو بحالة القطاع الاقتصادي الذي تنتمي إليه المؤسسة، وكذلك بظروف عمل المؤسسة نفسها، والشروط التي يمكن أن يضعها مقدمو القروض[8].
1- عقبات الاستثمار والنمو في لبنان:
وكما أنّ في لبنان عوامل جاذبة ومشجعة للاستثمار، فهناك بالمقابل عوامل عكسية تقيّد الاستثمار والنمو وتضع دونهما عقبات متعددة، وأبرز هذه العقبات:
أ- صغر حجم المشاريع:
معظم المشاريع القائمة في لبنان تتصف بصغر حجمها (90%). وغالبًا ما تكون الأملاك الخاصة لصاحب المشروع هي الضامن للقروض، لذلك يفضّل أصحاب المشاريع عدم التوّسع في الاقتراض خوفًا من المخاطرة بأملاكهم. إضافةً إلى ذلك، فإنّ النمو الذي تحققه هذه المشاريع من خلال التمويل الذاتي يتسم بالبطء والمعدلات الضئيلة.
كذلك فإن المؤسسات الصغيرة تعمل في ظروف منافسة عالية، حيث تنتج في الغالب سلعًا أو خدمات متشابهة لا تمايز بينها. وكما هو معروف، فإنّه كلما زادت المنافسة السعرية بين الشركات تضاءل هامش الربح فيها، وانخفضت قدرتها على خدمة الديون، وذلك يحرمها الاستفادة من خط الائتمان line of credit أي الاعتماد الذي يفتحه المصرف للعميل الدائم، ويسمح له بالاقتراض عندما يلزمه المال، شريطة عدم تجاوز الكمية المقترضة في أي وقت للحدّ الأقصى المعيّن سلفًا[9].
وتعدّ درجة الشفافية في الكشف المالي وغير المالي للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في لبنان - وهي شركات عائلية من حيث شكل الملكية وطابع العمل والنشاط – في حالة شكّ وعدم تأكّد، الأمر الذي يجعل فرص حصولها على قروض من المصارف التجارية أمرًا بالغ الصعوبة.
ب- الآثار الاقتصادية للحروب:
هذا وقد تأثر الاقتصاد اللبناني بالحروب التي امتدّت لحقبة طويلة من الزمن، الأمر الذي حوّل أزمات الاقتصاد اللبناني الطارئة والمؤقتة إلى أزمة بنيوية ودائمة. وقد تأثر معظم القطاعات الاقتصادية، خاصة الانتاجية منها نتيجة هذه الحروب، الأمر الذي يستدعي حصول هذه القطاعات على قروض ميسّرة كشرط ضروري لإعادة إنطلاقها.
ج - الهوّة المعرفية والتكنولوجية:
على الرغم من التقدّم النسبي الذي حقّقه لبنان في مجال الخدمات الإلكترونية ومكننة المؤسسات، إلا أنّ لبنان لم يبلغ مرحلة إنتاج التكنولوجيا بدلًا من استيرادها. وتبقى المشاريع الانتاجية في لبنان - الصغيرة الحجم أصلًا – عاجزة عن مواكبة التقنيات الحديثة وغير قادرة على الحصول على تمويل من المصارف التجارية، حيث أن تخلّفها التقني يشكل مصدر عدم ثقة المصارف بقدرة مردودها على تغطية سداد القروض التي يمكن أن تحصل عليها.
د- تكلفة الأموال:
تشكّل تكلفة الأموال المحور الأساسي الذي يدور حوله الإقراض. وفي لبنان، تشكّل معدلات الفائدة المرتفعة أهم العقبات في وجه الاستثمار والنمو.
لقد سجّل النشاط الاقتصادي في لبنان منذ بداية العام 2003 تطورات بارزة في المجال النقدي بتأثير مؤتمر باريس (2)، أدتّ إلى تحسّن مركز لبنان الائتماني وتخفيض سعر الفائدة. فبالاضافة إلى قروض مؤتمر باريس (2) توافر للدولة خلال الفصل الأول من العام 2003 ما يربو على ٢٣٠٠ مليار ليرة من اكتتابات المصارف بسندات خزينة من دون فائدة، واتّجه بالتالي ضخّ النقد من قبل الدولة نحو المصارف التي سجلت الودائع لديها تسارعًا في نموّها، فيما ضاقت من جهة أخرى مجالات توظيفاتها. وقد أدّى ذلك إلى تدخّل مصرف لبنان لاستيعاب فائض السيولة الذي توافر للمصارف، ما سمح له بتخفيض الفوائد بما يتناسب وعوامل السوق[10]. غير أنّ انخفاض سعر الفائدة عمّا كان عليه، لا يؤدي بالضرورة إلى تنشيط الاستثمار والنمو في لبنان، ممّا يستوجب وجود التسليفات المدعومة فوائدها والموافق عليها من مصرف لبنان لتمويل قطاعات الإنتاج الرئيسة وصغار المنتجين ومتوسّطيهم.
هـ- قيود الائتمان:
إضافة إلى سياسة البنوك التسليفية بخصوص حجم القرض ومدته وكلفته، هناك قيود إقتصادية وتشريعية تحدّد مقدار القرض الذي يمكن لأي بنك منحه لعميل واحد (20% من الاموال الخاصة للمصرف )[11]. من أهمّ هذه القيود، الاحتياطي الإلزامي القانوني الذي يعدُّ أداة فعالة للتأثير على حجم التسليفات وبالتالي على حجم الكتلة النقدية، والموافقة المسبقة من مصرف لبنان على قرارات المصارف المتعلقة بالتسليف والتوظيف والمشاركة والمساهمة.
في مواجهة العقبات المشار إليها آنفًا، شهد لبنان في الفترة المستهدفة بالبحث تأسيس بنوك وصناديق استثمارية جديدة تتطلع إلى الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. أضف إلى ذلك أنّ اتفاق الشراكة الأوروبية يدعم التحالفات الاستراتيجية بين الشركات اللبنانية والأوروبية، ومن شأن هذه التحالفات أن تحسّن نوعية منتجات الشركات اللبنانيّة وأن تفتح أسواقًا جديدة لها وتمكّنها من مواجهة شروط التسليف المتشدّدة وعقبات الاستثمار[12].
كما أنّ هذه العراقيل والعقبات لا تغنينا عن لفت الانتباه إلى نموذج من القروض، ساد في تلك الفترة في لبنان، اتجهت بشكل أساسي إلى المناطق الريفية وبخاصة الجنوب بعد تحريره العام 2000. هذا النمط من القروض يتميز بخصائص وسمات تختلف عن سمات المشاريع وخصائصها التي نهتم بعملية إقراضها، والتي تشكل "شركة كفالات" مجال نشاطها الرئيس. إنّها برامج القروض الصغرى (Micros – credits) وهي برامج لتوفير قروض صغيرة الحجم من 50 إلى 1000 دولار أميركي حسب المنطقة ولآجال قصيرة (ثلاثة اشهر في المتوسط ولا تزيد عن عام) وهي تهتم بالطبقة الفقيرة والفقيرة جدًا التي لا تستطيع الحصول على القروض بالطرق التقليدية، والتي تخصّص لمشاريع ذاتية تدرّ دخلًا يسمح للمقترضين بإعالة أنفسهم وعائلاتهم.
يحظى هذا النوع من القروض باهتمام عالمي كبير خصوصًا في الدول النامية، وفي لبنان نشطت في السنوات الأخيرة مؤسسات دولية تهتم في هذا النوع من القروض اعتمادًا على ثلاثة مبادىء رئيسة هي:[13]
- معرفة احتياجات المستفيدين.
- تقليل تكلفة الوساطة المالية بوسائل شتّى مبتكرة.
- استعمال طرق مبتكرة لتشجيع تسديد القروض.
هذا الشكل من أشكال القروض قد يساعد على تخطي عتبة الفقر. لكن هذه المشاريع والقروض الصغرى تختلف عن برامج "كفالات" وقروضها، فهي ليست مؤهلة للتعامل مع البنوك التجارية. أمّا "كفالات" فهي الكفيل والوسيط بين المشروع والبنك التجاري.
2- تسليفات القطاع المصرفي في لبنان
هذا وشهدت الفترة المستهدفة بالبحث الظواهر الآتية:
- تراجع حجم التسليفات قياسًا بالودائع وهذا يؤكد بطء عجلة الاقتصاد وضعف النمو وتراجع القدرة التنافسية للمؤسسات المحلية .
- تركزّ التسليف ( في فترة 2003-2005) في بيروت وضواحيها بنسبة تفوق الـ80% بينما نالت كل المناطق الأخرى ما يقل عن 20% [14].
- استحوذ قطاع التجارة والخدمات على نسبة 45,1% من التسليفات في العام 2002 وتراجعت هذه النسبة إلى 42,49 % في العام 2005 وتراجعت تسليفات البناء من 19,6٪ العام 2002 إلى 15,49% العام 2005 . أما تسليفات الافراد فقد ارتفعت من 13,3% العام 2004 إلى 17,42% العام 2005 والوساطة المالية من3,16 % إلى 4,17% في حين أنّ الزراعة حافظت على نسبتها المتدنية[15].
تؤكد هذه النسب حقيقة مفادها أنّ قطاع التجارة والخدمات هو القطاع المفضل في تسليفات القطاع المصرفي وليس القطاعات الانتاجية، كما أنّ ارتفاع تسليفات الأفراد يفسّر الميل المتعاظم للاستهلاك على حساب الانتاج.
كما تبيّن هذه المؤشرات مدى حاجة لبنان إلى الإنماء المتوازن والتوزيع الأكثر عدالة للتسليفات على المناطق والقطاعات وإلى شركات ضامنة للقروض كشركة "كفالات". بالإضافة إلى معرفة ما إذا كانت قروض "كفالات" تتوجه إلى الأرياف وإلى فرص العمل المحفزة للنمو أم لا؟ وما إذا كانت تسهم في تحقيق الإنماء المتوازن؟
3- قدرات الجهاز المصرفي ومدى ملاءمة قروضه لمتطلبات النمو:
يتمتع الجهاز المصرفي بقوة مالية تتزايد يومًا بعد يوم. وعلى الرغم من هذه المكانة، لا تزال مساهمة المصارف اللبنانية في تنمية المشاريع الانتاجية (زراعة وصناعة) ضعيفة وهامشية. ولعلّ ذلك عائد إلى سياسة المصارف التجارية المتعلقة بتحديد أولويات لاستخدام الأرصدة المتاحة. فالمصرف يهمّه بالدرجة الأولى الحفاظ على معيار السيولة، ومتى أمكنه الاطمئنان إلى هذا المعيار، يكون مستعدًا لبناء هيكل قروضه بمنح قروض للمقترضين الذين يكونون على مستوى التأهيل المناسب للحصول على القروض من ناحية القدرة على السداد ودفع الفوائد المتوجبة وتأمين الضمانات الكافية، والتي غالبًا ما تكون عائقًا أمام صغار المستثمرين.
من هذا المنطلق، نلاحظ توجّه معظم تسليفات المصارف لتمويل المشاريع الضخمة والتي تعود بغالبيتها لرجال أعمال ميسورين بينما تكون حصة متوسطي المنتجين وصغارهم أنواعًا أخرى من القروض.
ومن خلال الإطّلاع على برامج الإقراض في عدد من المصارف اتضح أنّ حوالى 60 %من القروض المصرفية تتركزفي اتجاهين رئيسين هما:
- قروض لتمويل الاستثمار في خدمات البنية الالكترونية من أجهزة إتصال ومعلوماتية.
- قروض لتلبية احتياجات المعيشة: قروض سكنية، قروض تعليمية قروض شخصية (لشراء سيارة أو أثاث أو ما شابه).
ولا جدال في أنّ هذا الاتجاه في الإقراض لا يشجع النمو، فبعض القروض يخصّص لتلبية احتياجات المعيشة، والبعض الآخر (الاستثمار في البنية الالكترونية) لا يمكن أن يسهم بفعالية في النمو الاقتصادي إلّا إذا ترافق مع زيادة التمويل في المشاريع الانتاجية التي هي بحقّ نقطة المحور أو المركز من دائرة النمو الاقتصادي[16].
إذًا على ضوء ما تقدم ذكره، لا نستطيع الحكم بعدم ملاءمة قروض المصارف لعملية النمو، وإنما نستطيع التأكيد أن هذه القروض لا تدير عجلة النمو الاقتصادي كما هو مطلوب. من هنا يبرز الدور الأساسي لمصرف لبنان من خلال سياسة الفوائد المدعومة بالنسبة للقروض الزراعية والصناعية على وجه الخصوص، بالإضافة إلى الدور الريادي لمصارف الأعمال والمصارف المتخصصة بتوفير جميع الضمانات لصغار المقترضين، وفق شروط ميسرة ومناسبة.
4- القروض المدعومة، حجمها وأهميتها:
إنّ القروض المدعومة هي القروض الممنوحة من المصارف اللبنانية لفترة تتراوح بين 5 و7 سنوات، والمدعومة من مصرف لبنان لتمويل المؤسسات السياحية والزراعية والصناعية، بما فيها تلك التي تصنع محليًا أجهزة المعلومات والتقنيات المتخصصة وتقوم بالخدمات المرتبطة بها ومؤسسات الصناعات الحرفية، وذلك على كامل مسؤولية المصارف العاملة في لبنان[17].
يتّضح من خلال مصادر مصرف لبنان أنّ قطاع الصناعة استأثر بين سنتي 1998 و2003 بأكثر من نصف التسليفات المدعومة فوائدها، كما أنّ حجم التسليفات كان يتذبذب صعودًا ونزولًا بين سنة وأخرى[18]
والانخفاض الملحوظ كان في سنوات 2003-2004 -2005.
وعليه يمكن القول أنّ أهمية القروض المدعومة، تبرز كونها تسهم بصورة جيدة في كسر حواجز الاستثمار من خلال تشجيع صغار المستثمرين للاستفادة من تخفيض الفوائد على قروضهم ولكنها غير كافية لدفع عجلة النمو في لبنان.
5- القروض المتخصصة:
أنشىء نظام هذه المصارف في لبنان بموجب القانون 22/67 تاريخ 21 أيار 1967، وقد أعطى القانون لهذه المصارف وحدها الحقّ دون غيرها بإجراء عمليات تسليف وإقراض وتمويل وتوظيف لآجال متوسطة وطويلة، والمشاركة في المشاريع وفي شراء السندات وإصدار الكفالات لآجال متوسطة وطويلة مقابل ضمانات[19]. وتكمن أهمية هذه المصارف في كونها متخصصة في تمويل نشاطات إقتصادية أو استثمارات معينة، مثلًا في مجال الصناعة أو الزراعة أو الإسكان أو العقارات ... أي أنّ الأموال الجاهزة لديها يكون اتجاهها واضحًا، وبالتالي فهي تسهم بشكل بارز في تهيئة القاعدة السليمة للنمو.
إلا أنّ هذه المصارف راحت تلجأ في الأونة الأخيرة إلى رفع مستوى سيولتها واتباع سياسة تسليفية متشددة، الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف مساهمتها في تحقيق النمو الذي هو الهدف الأساسي لقيامها.
وفي خلاصة دراستنا لواقع وظروف الاستثمار والقطاع المصرفي في لبنان، نشير إلى أمرين:
- ملاءة وقدرة المصارف اللبنانية الإضطلاع دورها في ترسيخ أساس النمو المتوازن وتعزيز مكانة لبنان عربيًا وعالميًا.
- إنّ تفعيل دور مصارف التسليف المتخصصة والتوجيه الصحيح للقروض المدعومة، وقيام المؤسسات الضامنة كشركة "كفالات" بتوفير الضمانات اللازمة للاقتراض، كلها متطلبات يستند أحدها على الآخر لبلوغ هدف واحدٍ، وهو التنمية الاجتماعية التي أمست مطلبًا عامًا. ولا يمكن الوصول إلى هذه التنمية، من دون تنمية اقتصادية تستوجب الكثير من العمل والتخطيط.
ثالثًا: أنظمة شركة "كفالات" وشروط الحصول على كفالتها
1- تعريف شركة "كفالات":
شركة "كفالات" هي شركة مساهمة لبنانية مالية ذات منفعة عامة، تساعد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم SME’S العاملة في لبنان على الحصول على تمويل مصرفي، كما تساعدها على التزوّد بضمانات القروض، مستندةً إلى خطط العمل ودراسات الجدوى المقدمة من طالبي القروض، والتي تبرهن استدامة النشاط الاقتصادي الذي هو محور طلب القرض[20].
لا تمنح شركة "كفالات" قروضًا مباشرة، إنّما تقدّم كفالتها للقروض التي تمنح من قبل المصارف العاملة في لبنان.وشركة "كفالات" مملوكة من المؤسسة الوطنية لضمان الودائع بنسبة 75% ومن خمسين مصرفًا من المصارف العاملة في لبنان بنسبة 25% (انخفض عدد المصارف المساهمة لاحقًا إلى 40).
2- الأهداف المتوخاة من قيام شركة "كفالات":
أ- تشجيع المستثمرين على إنشاء مؤسسات متوسطة وصغيرة الحجم في قطاع الزراعة أو السياحة أو الصناعة أو القطاع الحرفي أو قطاع التقنيات المتخصصة، وتشجيع المصارف على منح قروض لهذه القطاعات عن طريق الضمانات التي تساوي 75% من قيمة القرض في حال التعثّر.
ب- تنمية المجتمع وتفعيل الدورة الإقتصادية، إذ إنّ ضمان القروض بنسبة 75% من قيمة الدين نقدًا سيزيد من فرص المناطق الريفية وصغار المنتجين في الحصول على قروض، وسيجعل الإدارات المركزية للمصارف تشجع فروع المصارف في الأرياف - والتي يعمل عددٌ كبيرٌ منها كمراكز استقطاب للودائع فقط - على منح تسليفات في الأرياف نفسها.
ج - خلق فرص عمل والتخفيف من حدّة البطالة.
د- زيادة الناتج الوطني: يكون تأثير التوظيفات التي تكفل قروضها شركة كفالات على الدخل الوطني من خلال القيمة المضافة التي سينتجها كل توظيف (قروض + أموال خاصة) في عمل المؤسسة الموظفة.
ه- تعزيز الطبقة الوسطى، إذ أن واحدة من كل 2 أو3 فرص عمل ستكون لصاحب عمل أو أحد أفراد أسرته.
و- تحقيق الإنماء الاقتصادي المتوازن.
ز- الحفاظ على بعض الأعمال الصغيرة ذات الإدارة العائلية والمهدّدة بالزوال.
ح- إنّ "كفالات" ككل شركة مساهمة ليست مؤسسة خيرية بل هي تطلب ضمانات خاصة بها، كما أنها تتوخى تحقيق الربح عن طريق العمولات التي تتقاضاها[21].
3- برنامج عمل شركة كفالات:
أ- يمنح القرض من أجل تنفيذ مشروع جديد، أو من أجل زيادة إنتاجية مؤسسة قائمة.
ب- المبلغ الأقصى للقرض 300 مليون ليرة لبنانية أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية، والمبلغ الأدنى 8 ملايين ليرة أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية (5 ملايين للزراعة ما عدا الفوائد).
ج- تحثّ "كفالات" البنوك بشكل ثابت على أن لا تطلب من المقترض ضمانات أخرى، وأن تكتفي بضمانة الشركة وبخطة العمل ودراسة جدوى المشروع.
د- يستفيد المقترض، بالإضافة إلى الضمان، من إعانة مالية على الفائدة تُدفع من قبل وزارة المالية اللبنانية بإدارة مصرف لبنان، وهذا يسمح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحصول على تمويل المصرف بكفالة معتدلة.
هـ- تضمن "كفالات" القروض بالليرة اللبنانية وتستفيد البنوك في هذه الحالة من الإعفاء من متطلب الاحتياطي القانوني المفروض من قبل مصرف لبنان، وهذا يخفض من قيمة الفائدة التي يضعها المصرف على زبائنه.
و- تضمن "كفالات" 75%من قيمة القرض الممنوح من قبل المصرف و75%من الفائدة المتجمعة في أثناء فترة السماح + 3 أشهر.
تجدر الإشارة إلى أنّه في العام 2006 وقّعت شركة "كفالات" اتفاقية شراكة مع المجموعة الأوروبية ووزارة الاقتصاد والتجارة في لبنان، نصّت على زيادة قيمة ونسبة الكفالات المعمول بها في الشركة حتى عام 2005.
وكان برنامج كفالات (الإضافي) هو نتاج هذه الشراكة، فارتفعت بموجبه قيمة الكفالة للمقترض الواحد من 300 مليون ليرة إلى 600 مليون ليرة. وقد عزّزت البرامج الجديدة من الكفالات الإضافية، مبادرة شركة كفالات لتشجيع تمويل المشاريع الاستثمارية على أساس جدوى المشروع واستمراريته وليس على أساس ملاءة المقترض. كما أوجبت هذه الشراكة امتناع المصارف المقرضة عن طلب أي ضمانات إضافية، إذا حصل المشروع على كفالة مصدرة ضمن هذه الشراكة.[22]
4- القروض القابلة لكفالة شركة "كفالات" ش.م.ل.:
أ- يقتضي لزامًا أن يكون المقترض طالب الكفالة، مؤسسة اقتصادية لبنانية صغيرة أو متوسطة الحجم لا يتعدّى عدد العاملين فيها 40 مستخدمًا بتاريخ تقديم الطلب.
ب- يشترط في القرض ما يلي :
- أن تكون غاية القرض محصورة بأعمال الزراعة أو الصناعة أو السياحة أو الانتاج الحرفي أو التقنيات المتخصصة.
- ألا تتعدى مدّة القرض سبع سنوات بما فيها فترة السماح.
- أن يمنح المقترض المكفول، فترة سماح تشمل الأصل والفائدة، وحدّها الأدنى ستة أشهر وحدّها الأقصى سنة كاملة.
- أن ينظّم برنامج التسديد على أساس أقساط محدّدة تسدّد في اليوم نفسه من كل شهر، ما عدا الحالات الاستثنائية التي يوافق عليها مجلس إدارة الشركة.
- أن يعتمد معدّل الفائدة وفق الآتي:
• بالنسبة للقروض بالليرة اللبنانية: معدل مردود الفائدة على سندات الخزينة لسنة واحدة +3% كحدٍّ أقصى.
• بالنسبة للقروض بالدولار الأميركي: معدّل الفائدة الأوروبي الدولي(LIBOR) لستة أشهر +5,5% كحدٍّ أقصى.
• تحدّد الفائدة سنويًا بتاريخ العقد.
• في حال حصول أي تعديل ناتج عن أي آلية دعم أو إعفاء يعتمدها مصرف لبنان، ينعكس هذا التعديل على أيّ من السقفين المذكورَين أعلاه شرط موافقة مصرف لبنان.
ج- لا تمنح الشركة كفالتها إلا في حال أكدّ المصرف المقرض:
- أنه بذل أقصى جهده للتحقق من وجهة استعمال القرض وفق الأعراف المصرفية، ومن أن القرض مخصص لتنفيذ مشروع جديد أو أي انفاق من شأنه زيادة طاقة المؤسسة الانتاجية القائمة، وليس لتسديد التزامات سابقة، كما وأنه تحقق من المعلومات والمستندات المطلوبة من طالب الكفالة.
- إنّ طالب الكفالة قد أذن للمصرف برفع السرية المصرفية تجاه كفالات وأي مؤسسة قد تحلّ محلّها في الحقوق المتحصّلة لمصلحتها بفعل الكفالة، كما أن طالب الكفالة يجيز لكفالات أن تطلّع ساعة تشاء على أيّ من تفاصيل جميع حسابات المكفول لدى المصرف والتزاماته.
- إنه بالنظر إلى المعلومات والمستندات المذكورة أعلاه، يوافق على منح القرض المطلوب بشرط كفالة كفالات[23] .
5- حقوق شركة كفالات مقابل إصدار كفالتها:
أ - مقابل الكفالة، يتوجب على المكفول المقترض لمصلحة الشركة عمولة بمعدّل 2,5% سنويًا على قيمة الكفالة المصدرة، تحتسب العمولة وتدفع وفق الآتي:
- تحتسب عن السنة الأولى عند توقيع عقد القرض على أساس قيمة الكفالة، مضافًا إليها قيمة النسبة المكفولة من الفائدة المترتبة عليها عن كامل فترة السماح +3 أشهر وتدفع عند إصدار الكفالة.
- إبتداءً من تاريخ انتهاء السنة الأولى التي تلي توقيع القرض، تحتسب في أول كل سنة تلي على أساس رصيد الكفالة في حينه ، مضافًا إليها قيمة النسبة المكفولة من الفائدة المترتبة عليها عن 3 أشهر، تدفع العمولة هذه خلال مهلة 20 يوم عمل التي تلي تاريخ ابتداء السنة الآتية من القرض.
- إذًا، فالعمولة التي تتقاضاها كفالات هي تنازلية، ففي السنة الأولى تكون أكبر منها في السنة الثانية وهكذا دواليك.
- يلتزم المصرف بأن يسدّد مباشرة إلى الشركة ولحساب المقترض المكفول العمولة المنصوص عليها أعلاه في التواريخ المحدّدة لذلك، تحت طائلة إلغاء الكفالة بعد أنقضاء 20 يومًا من تاريخ تبلّغه إشعار صادر عن الشركة بهذا الخصوص، ويفوّض المقترض المصرف قيدها على حسابه.
ب-تحلّ الشركة حكمًا بقدر المبلغ الذي تسدّده إلى المصرف محل هذا الأخير في جميع حقوقه وامتيازاته تجاه المقترض، وتصبح الشركة دائنة بالتضامن مع المصرف تجاه المقترض وفق أحكام تضامن الدائنين[24].
6- في احتساب الكلفة الإجمالية للقروض المكفولة من قبل شركة "كفالات" ش.م.ل. (فوائد وعمولة) عند التأسيس (1999):
لقد نصّت المادة الأولى من القرار رقم 7494 الصادر عن حاكم مصرف لبنان بناءً على قانون النقد والتسليف، وبناءً على قرار المجلس المركزي بتاريخ 22/12/1999، على أنه على كل مصرف عامل في لبنان يرغب في إعطاء قروض لقاء كفالة شركة "كفالات" الحصول على موافقة المجلس المركزي لمصرف لبنان على المبالغ المنوي توظيفها في هذا المجال.
ويعود سبب هذا النص إلى أنّ فترة الفائدة وتحديد معدلاتها مبني على إجازة مصرف لبنان للمصارف باستعمال 60% من قيمة هذه القروض من أموال الاحتياط الالزامي وعلى دعم الفوائد (الاستفادة من دعم الفوائد المدينة من الدولة اللبنانية للقروض الممنوحة من المصارف إلى المؤسسات الصناعية أو السياحية أو الزراعية).
كذلك نصّ الاتفاق المعقود مع المصارف على وجود سقف للقروض المكفولة بالعملة اللبنانية والعملات الأجنبية، كما أنّ أي تخفيضات أو دعم يشمل هذه القروض من خلال تعاميم مصرف لبنان، يستفيد منها المقترض حصريًا.
بالنسبة لليرة اللبنانية يحتسب السقف كما يلي:
مردود سند الخزينة اللبنانية لمدة سنة زائد 3% .
ويعاد الاحتساب من جديد عند أول كل يوم من كل سنة.
ثم ينقص من الحاصل (السقف) مفعول تخفيض 60% من الاحتياطي الإلزامي عن قيمة القرض الممنوح على اساس كلفة المال البديلة، ويسمى الحاصل الفائدة القصوى.
وتستفيد هذه الفائدة من نسبة دعم تؤمنها الخزينة اللبنانية عن طريق مصرف لبنان، وهذه النسبة تساوي 7%، وهنا نحصل على كلفة الفائدة التي يتحمّلها المقترض.
وللحصول على الكلفة الاجمالية للقرض يضاف رسم الكفالة وهو 2,5% على القيمة المكفولة (2,5%x75%).
عند صدور هذا النص (1999) كان مردود سند الخزينة 13,43% فكان عندها السقف يحتسب كما يلي:
13,43 + 3% = 16,43%
ينقص مفعول تخفيض 60% من الاحتياطي الإلزامي عن قيمة القرض الممنوح على أساس كلفة المال البديلة
(13.43% * 60%) = 8.058%
فتصبح الفائدة القصوى المعمول بها = 8,372%
نسبة دعم الخزينة اللبنانية عن طريق مصرف لبنان 7,00%
فتصبح كلفة الفائدة على المقترض = 1,372%
يضاف رسم الكفالة وهو 2,5% على القيمة المكفولة
ووقعه على مجمل القرض 2,5% * 75% = 1,875%
إذا كانت الكلفة الاجمالية للقرض (فائدة + كفالة ) = 3,3%
بالنسبة للعملات الاجنبية حُددت الفائدة القصوى على أساس الليبورLibor 6 أشهر زائد 5,5% سنويًا
في سنة (1999) ، 5% + 5,5% = 10,5 %
ينقص نسبة الدعم من الخزينة اللبنانية = 7,00%
فتصبح كلفة الفائدة = 3,5 %
يضاف إليها كلفة الكفالة = 1,875%
فتصبح الكلفة الاجمالية للقرض =فائدة+ عمولة=5,375%
أي حوالى =٥،٤%
7- احتساب الكلفة الإجمالية للقروض المكفولة من قبل شركة "كفالات" ش.م.ل. ( فوائد وعمولة ) في العام 2005
من المنطقي أنّ نسبة العمولة التي تتقاضاها شركة " كفالات" على القروض المكفولة منها (رسم الكفالة) ثابتة كنسبة (هي تنازلية كمبلغ). إلّا أنّ الفائدة على القروض متغيّرة مع الزمن ومع تغيّر الظروف الاقتصادية والمالية، وذلك لأنها مرتبطة بمردود سندات الخزينة اللبنانية.
في مطلع العام 2005 وصلت هذه الفائدة إلى صفر بالمئة، فأصبح المقترض وكأنه يدفع رسم الكفالة فقط (عمولة شـركة كفالات على القيمة المكفولة من القروض)، ففي شهر آذار من سنة 2005 وصلت معدلات الفائدة على سندات السنة إلى 7,75%، فأصبح عندها السقف يحتسب على أساس سعر الفائدة المذكور (7.75%) طبقًا الطريقة نفسها التي اعتمدت لاحتساب كلفة القروض المكفولة من شركة كفالات لسنة 1999. فأصبحت كلفة القرض الإجمالية (فائدة + كفالة) 1.875% بالنسبة للقروض بالليرة اللبنانية و4.6% بالنسبة للقروض بالدولار الأميركي.
رابعًا: إتجاهات قروض كفالات وتحليلها
باشـرت شركة كفالات عملها الفعلي في الأوّل من تموز العام 2000، وأصدرت أول كفالة في شهر آب من العام ذاته، واستمرت الشركة في ممارسة نشاطها منذ ذلك التاريخ. وقد بلغ الحجم الإجمالي للقروض التي أصدرت لها كفالات حتى 31 /12/2005، 479338 مليون ليرة لبنانية وبلغ معدل حجم القرض الواحد 122 مليون ليرة لبنانية[25].
1 - تحليل توزيعات قروض كفالات على صعيد المحافظات:
من خلال المعطيات المتوافرة لدينا حول توزيع القروض المكفولة من قبل شركة كفالات على المناطق المختلفة، نستطيع احتساب حصة كل منطقة من القروض المذكورة بالنسبة المئوية، وذلك على الشكل التالي:
جدول رقم(1): توزيع القروض حسب المحافظات حتى (31/12/ 2005)
المحافظة |
عدد الكفالات |
النسبة المئوية |
---|---|---|
بيروت وجبل لبنان | 1903 | (100*1903 ) / 3932 =48.40 % |
الجنوب والنبطية | 1038 | (100*1038) / 3932 = 26.40 % |
البقاع | 636 | (100*636) / 3932 =16,17 % |
الشمال | 355 | (100*355) / 3932=9,03 % |
المجموع | 3932 | 100% |
المصدر: إعداد الباحثين- النسب المئوية المحتسبة هي تقريبية
ويظهر من خلال ذلك استئثار محافظتي بيروت وجبل لبنان أو (بالأحرى جبل لبنان كون بيروت استحوذت في العام 2005 على 28 قرضًا فقط من أصل 297 لبيروت وجبل لبنان)، الحصة الأكبر من القروض المكفولة من قبل شركة كفالات (من حيث العدد) حيث بلغت قروضها 1903 قروض في مختلف القطاعات أي ما نسبته 48,4%، ثم محافظتي الجنوب والنبطية التي بلغت حصتهما 1038 قرضًا وتشير البيانات الصادرة عن شركة كفالات إلى أن ما يزيد على 65% من القروض قد منح بعد 01/01/2003 من أجل دعم ورشة النهوض والإعمار وترميم أسس الاقتصاد الجنوبي بعد سنوات طويلة من الحرب والحرمان[26].
وتأتي محافظة البقاع في المرتبة الثالثة من حيث استئثارها بالقروض المكفولة من قبل شركة كفالات (من حيث العدد) حيث بلغت قروضها 636 قرضًا في مختلف القطاعات أي ما نسبته 16,17%.
وتحتل محافظة الشمال المرتبة الأخيرة من حيث الاستفادة من ضمانة شركة كفالات، حيث بلغت قروضها 355 قرضاً في مختلف القطاعات أي ما نسبته 9,03%. وهذا الترتيب للمناطق، بحسب حصة كل منها من الكفالات المصدرة من قبل كفالات، لم يتغيّر خلال الفترة المدروسة من عمل هذه الشركة التي أصدرت أول كفالة في شهر آب من العام 2000، ولكن تغيرت النسب قليلاً، حيث أنه تاريخ 31/12/2004، توزعت القروض جغرافيًا بحسب منشورات شركة كفالات على الشكل الآتي:
جدول رقم (2) توزيع القروض حسب المحافظات حتى (31/12/2004)
المحافظة | عدد الكفالات | النسبة المئوية |
---|---|---|
بيروت وجبل لبنان | 1606 | 47,3% |
الجنوب والنبطية | 954 | 28% |
البقاع | 530 | 15,6% |
الشمال | 306 | 9% |
المجموع | 3296 | 100% |
المصدر: منشورات شركة كفالات ش.م.ل.
أما في العام 2005 وتحديدًا من1/1/2005 إلى 31/12/2005، فقد توزّعت القروض حسب المحافظات على الشكل الآتي:
جدول رقم(3):توزع القروض حسب المحافظات 1/1/2005 إلى 31/12/2005
المحافظة |
عدد الكفالات |
النسبة المئوية |
---|---|---|
بيروت وجبل لبنان |
297 |
55.41% |
الجنوب والنبطية |
84 |
15,67% |
البقاع |
106 |
19,78% |
الشمال |
49 |
9,14% |
المجموع |
536 |
100% |
المصدر:منشورات كفالات ش.م.ل.
وفي المقارنة بين الجدولين، الأول كمجموع من العام 2000 وحتى 31/12/2004، والجدول الثاني خلال عام 2005 فقط، نرى أنّ المجموع التراكمي لبيروت وجبل لبنان بلغ حتى 31/12/2004، 1606 كفالات من أصل 3296 أي ما نسبته 47,3%، بينما خلال العام 2005 كانت حصة جبل لبنان وبيروت 297 كفالة من أصل 536 أي ما نسبته 55,41%، وهكذا نرى أنّ المنحى التصاعدي هو لصالح هاتين المحافظتين، تليهما كمجموع تراكمي محافظتا الجنوب والنبطية حيث بلغت حصتهما حتى 31/12/2004 ،954 كفالةً أي ما نسبته 28 %، أمّا في العام 2005، فقد كان البقاع يشغل الترتيب الثاني حيث بلغت كفالاته 106، أي ما نسبته 19,78%.
أمّا كمجموع تراكمي حتى نهاية العام 2005، فالجنوب والنبطية يشغلان مجتمعَين الترتيب الثاني.
والملاحظة هنا أنّ حصة بيروت وجبل لبنان تبلغ حوالى النصف من المجموع العام ، في حين أنّ محافظات الجنوب والنبطية والبقاع والشمال تشغل النصف الثاني، مع أنّ المحافظات المذكورة أكثر حرمانًا وأكثر أولوية في تشجيع الاستثمار وتأمين التمويل اللازم، من أجل تحقيق النمو والازدهار.
2- تحليل توزيع القروض على القطاعات الإنتاجية:
احتلّ قطاع الزراعة المرتبة الأولى من حيث أعداد القروض المكفولة وليس من حيث الحجم من شركة كفالات حتى تاريخ 31/12/2005 بواقع 1760 قرضًا أي بما نسبته 44,8% من إجمالي القروض المكفولة. وحلّت الصناعة في المرتبة الثانية في الفترة نفسها بواقع 1536 قرضًا أي بما نسبته39 %، بينما جاء ترتيب القطاعات الأخرى على النحو الآتي: السياحة في المرتبة الثالثة بواقع 420 قرضًا وما نسبته 10,7% من إجمالي عدد القروض المكفولة، وجاء قطاعًا التقنيات المتخصصة والإنتاج الحرفي في المرتبة الرابعة بواقع 108 قروض لكل منهما وما نسبته 2,75%[27].
خامسًا: حصة شركة "كفالات"من القروض المدعومة فوائدها:
تندرج القروض المدعومة فوائدها من شركة كفالات ضمن القروض المدعومة في لبنان.
ونورد في الجدول رقم 4 حصة شركة كفالات من القروض المدعومة في فترة 2000-2004.
جدول رقم (4): حصة شركة كفالات من القروض المدعومة (بالنسبة المئوية) الفترة 2000-2004
القطاعات |
مجموع التسليفات المدعومة فوائدها (بمليارات الليرات) |
التسليفات المضمونة من شركة كفالات والمدعومة فوائدها(بمليارات الليرات) |
حصة شركة كفالات من القروض المدعومة فوائدها |
---|---|---|---|
الصناعة |
1016,8 |
169.9 |
16,7% |
السياحة |
514,7 |
53,2 |
10,34% |
الزراعة |
119,7 |
92,3 |
77,11% |
تقنيات متخصصة |
26,8 |
15,6 |
58,21% |
انتاج حرفي |
1,1 |
1,1 |
100% |
المجموع |
1679,1 |
332,1 |
19,7% |
المصدر :بحث من إعداد الطالبتين بتول حسن خليفة وزينب أحمد زعيتر بعنوان "شركة كفالات وتسليفاتها" ... بإشراف د.عبدللـه رزق ص 97
تجدر الإشارة إلى أنّ حصة شركة "كفالات" من القروض المدعومة فوائدها (بالنسبة المئوية ) = (التسليفات المضمونة من شركة كفالات المدعومة فوائدها x 100) / مجموع التسليفات المدعومة فوائدها.
يلاحظ من خلال هذا الجدول أن حصة شركة "كفالات" من القروض المدعومة بلغت 19,7%.
نشير أخيرًا إلى أنه في نهاية العام 2004، بلغ مجموع التسليفات الحائزة على تخفيض من الاحتياطي الإلزامي 1025658,7 (بملايين الليرات اللبنانية )، في حين بلغت القروض بالعملة اللبنانية لقاء كفالة شركة كفالات، المدعومة وغير المدعومة 235351,7(بملايين الليرات اللبنانية)، وبالتالي تكون حصّة شركة "كفالات" من التسليفات الحائزة على تخفيض من الاحتياطي الالزامي تساوي (x23535,7 100)/1025658,7= 22,946%). وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه النسبة اختلفت قليلًا عن النسبة المحتسبة سابقًا (19,78%) لأنها تتضمن التسليفات المدعومة وغير المدعومة، كما أنّ المبالغ المذكورة هي قبل خضوعها لنسب التخفيض المسموحة (60% أو100%) إلا أنّ هذه النسبة تبقى تقارب العشرين بالمئة[28].
سادسًا: (قروض المهنيين والأعمال الصغيرة) مقارنة القروض المكفولة من شركة كفالات مع القروض المشابهة من البنوك التجارية والبنوك المتخصصة
لعلّه من المفيد بناءً على ما سبق، إجراء مقارنة بين نوعين من القروض: القروض المدعومة من كفالات، وتلك المقدمة من المصارف التجارية أو المصارف المتخصصة عبر دراسة حالة عملية مثال القروض الممنوحة من بنك "بيبلوس" للمهنيين والأعمال الصغيرة:
1- مقارنة أسعار الفائدة:
تفاوت سعر الفائدة في المصارف التجارية في العام 2005 بين:
- 12%، 13%،14%، بالنسبة لليرة اللبنانية
- 11%، 12%،13%، بالنسبة للدولار الأميركي.
في حين بلغ سعر الفائدة على القروض المكفولة من شركة "كفالات" في العام نفسه 6,1% بالنسبة للقروض بالليرة اللبنانية، إلا أنها وبسبب حصول القرض على نسبة دعم الخزينة اللبنانية عن طريق مصرف لبنان، تصبح تقارب الصفر بالمئة[29]. أمّا بالنسبة للقروض المكفولة من شركة كفالات والممنوحة بالدولار الأميركي، فإنّ الفائدة تبلغ 9,73%، بسبب حصول القرض على نسبة دعم من الخزينة اللبنانية عن طريق مصرف لبنان تصبح هذه الفائدة مساوية 2,73%.
وهنا يظهر تفاوت كبير بين معدلات الفائدة على القروض المكفولة من شركة "كفالات" وبين معدلات الفائدة على القروض الممنوحة من المصارف والمؤسسات المالية وغير المكفولة من الشركة. إلا أنّ هذه المقارنة، كي تكون صحيحة، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الفائدة الحقيقية وليس الفائدة الإسمية فقط.
لذا من المستحسن اعتماد عمولة شركة "كفالات" (رسم الكفالة) 2.5%.، عندها تصبح الكلفة الإجمالية للقرض (فائدة + كفالة) على المقترض بكفالة شركة "كفالات" بالليرة اللبنانية 1.875% وبالدولار 4.605%.
في بنك بيبلوس تساوي عمولة قروض المهنيين والأعمال الصغيرة 2% لكل 6 أشهر، وبعض المصارف الأخرى تتقاضى عمولة تساوي 2 بالألف على أعلى رصيد مدين، سواءٌ كان القرض مكفولًا من شركة "كفالات" أم لا، وهذا الأمر يزيد من كلفة القرض إذا كان مكفولًا من شركة "كفالات"، لذا لا يمكن الاكتفاء بالكلفة المذكورة ككلفة إجمالية، حيث يجب الأخذ بعين الاعتبار المصاريف التي يدفعها المقترض. كما أنّ بعض القروض التي تمنحها المصارف من دون كفالة شركة كفالات تحصل على دعم الخزينة اللبنانية. عن طريق مصرف لبنان إذا ما توافرت فيها بعض الشروط (كالقروض المتوسطة والطويلة الأجل للقطاعات الانتاجية والسكن). وهذا الأمر يجعل القروض الممنوحة للشركات الصغيرة أو المتوسطة لقاء كفالة شركة "كفالات"، ليس أفضل بكثير من القروض العادية التي تمنح من دون هذه الكفالة، وخصوصًا في ظل عدم إكتفاء المصارف بهذه الكفالة.
٢- مقارنة الضمانات:
إنّ قروض "كفالات" هي قروض لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وهي طويلة الأجل نسبيًا (7 سنوات كحدّ أقصى للتسديد)، في حين أن التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص المقيم هي حسابات جارية مدينة غير موثقة بضمانات، قروض مقابل تأمينات عقارية، منها ما هو مضمون "بكفالات شخصية" أو ما أعطي مقابل ضمانات عينية أخرى، أو ما أعطي مقابل قيم مالية[30] .
فالضمانات التي تتطلبها المصارف التجارية والمؤسسات المالية الأخرى قد تكون:
• وثيقة تأمين مقابل المخزون والماكينات في حالة الحريق.
• اتفاقية رهن.
• إئتمان غير منظم (رهن سلبي).
• ضمان شخصي.
• ضمان مالي، وهنا يكون خطر القرض متدنيًا جدًا.
أمّا شركة "كفالات" فتعتبر أنّ ضمانة سداد القرض تتمثّل في المشروع بحد ذاته الذي يكون مرهونًا لها، ولكنّ المصارف لا تكتفي بهذا الأمر، فمثلًا بنك بيبلوس يطلب، لمنح قرض مكفول من شركة "كفالات" ضمانات أخرى، وبنك الاعتماد اللبناني أيضًا يطلب ضمانات غير كفالة "الشركة" فهو قد يفرض على القروض ضمانات عقارية وتأمينات على الحياة، بالإضافة إلى ضمانات أخرى.
٣-مقارنة طرق التسديد:
إنّ قرض كفالات هو قرض طويل الأمد مع فترة سماح من 6 أشهر إلى 12 شهرًا ولحدود سبع سنوات. أمّا بالنسبة للتسديد، فهو يتمّ عن طريق سندات شهرية متساوية، ما عدا بعض الحالات الاستثنائية بالاتفاق مع الشركة[31].
أمّا في المصارف التجارية والمؤسسات المالية الأخرى، فهناك أنواع مختلفة من القروض، وبالتالي طرق مختلفة للتسديد، وقلّما تكون القروض طويلة الأجل، ما عدا في المصارف المتخصصة أو مصارف الأعمال، ومن هذه القروض سلف مالية في الحساب الجاري المدين، حيث يتمّ السحب والإيداع في الحساب ضمن سقف محدّد، ومنها قروض قصيرة الأجل من 5 أشهر إلى 3 سنوات، حيث يتم تسديدها شهريًا، ما عدا بعض الحالات التي تسدّد فيها القروض بطرق أخرى حسب الاتفاق مع المصرف[32].
4- مقارنة كيفية التعامل مع الزبائن في حال التخلّف عن الدفع:
وجدير ذكره أنّه في حالة القروض الممنوحة بضمانة شركة "كفالات"، وعند تأخر المقترض عن تسديد سند شهر واحد، يُعلم المصرف الشركة اضطراريًا بذلك، وعندما يمتنع عن تسديد سندين أو ثلاثة، فإنّ المصرف ينذر المقترض، وإذا مرّ 15 يومًا لم يتجاوب خلالها الأخير، عندئذ يطالب المصرف كفالات بتسديد ما تبقى من القرض، وذلك بنسبة 75 في المئة، على أن يتحمل المصرف نسبة الـ25 في المئة المتبقية، ويقوم كل من المصرف وكفالات بملاحقة المقترض قانونيًا لتحصيل حقوقه، إلا إذا وكّل أحدهما الآخر من أجل تحصيل حقوقه.
أمّا بالنسبة للقروض العادية التي تمنح من دون ضمانة شركة "كفالات"، وفي حال تأخّر المقترض عن تسديد سند شهر واحد، فإن المصرف ينذره هاتفيًا ويدعوه لسداد السند، أمّا في حال امتناع المقترض عن تسديد سندين أو ثلاثة، ينذره المصرف خطيًا ويمهله عدة أيام للدفع وإلا يلاحقه قانونياً عن طريق المحاكم المختصة.
سابعًا: المقارنة بين القروض التي كان من المتوقع منحها من قبل كفالات والقروض التي منحت فعليًا
تشكّل المقارنة بين القروض المتوقع منحها والقروض التي منحت فعلًا معيارًا للحكم على مدى انطباق توقعات شركة "كفالات" عند انطلاقها على ما حققته فعلًا، خصوصًا بعد مرور ما يزيد على خمس سنوات على مباشرة "كفالات" منح كفالاتها، وتنقسم هذه المقارنة إلى قسمين: مقارنة بين أعداد القروض ومقارنة بين أحجامها، حيث أنّ لكلّ قسم منهما خصائصه في المقارنة.
1- المقارنة بين أعداد القروض:
بلغ عدد الكفالات المصدرة لغاية 31/12/2005 ، 3932 كفالة، في حين كان من المتوقع، عند انطلاق عمل كفالات في تموز من العام2000، أن يصل عدد القروض التي ستكفلها الشركة في الفترة نفسها ( حتى 31/12/2005) إلى 10600 قرضًا.[33]
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه التوقعات كانت مستندة إلى افتراضات تفاؤلية، وقد يكون التفاوت بين أعداد القروض المتوقع منحها والقروض التي منحت فعلًا عائدًا للآسباب الآتية:
1- اعتماد شركة "كفالات" في توقعاتها على فرضية أنّ نصف الطلبات المقبولة(50%) من المصارف سوف تكون من القطاع الصناعي، وان القطاعات الأخرى سوف تتقدم بـ 50% من الطلبات أيضًا، هذا بالإضافة إلى الطلبات التي سيتقدّم بها المقترضون القدامى، الذين ستشكّل ضمانة شركة "كفالات" بالنسبة إليهم، ضمانة إضافية تشجع المصارف على التوسّع في إقراضهم من أجل التوسّع في مشاريعهم .
ولكن في الحقيقة، بلغت نسبة عدد القروض المكفولة من الشركة والممنوحة للقطاع الصناعي 38.31% حتى تاريخ 30/06/2002، مقابل 61,69% للقطاعات الأخرى، وقد بلغت هذه النسبة 36,6% حتى تاريخ 30/06/2004 مقابل 63,4% للقطاعات الأخرى، الأمر الذي يؤكد أن الفرضيات التي بنت على أساسها شركة "كفالات" عملها هي غير دقيقة، حيث أنّ عدد القروض الصناعية المكفولة من قبلها لم تصل إلى 50% من إجمالي الطلبات المكفولة[34].
2- عدم اكتفاء المصارف بضمانة شركة "كفالات"، فهي تفرض بالإضافة إلى هذه الضمانة ضمانات أخرى عقارية أو غيرها من الضمانات القاسية وصلت إلى حدود 200% في بعضها.
3- عدم تجاوب العديد من المصارف مع شركة كفالات عند بدء ممارسة نشاطها.
4- اعتماد شركة كفالات في تسويق نشاطها على المصارف التي قد تهتم بتسويق قروضها العادية، أكثر من اهتمامها بالقروض المكفولة من هذه الشركة ، أو أنها تعجز عن تأمين العدد الكافي من الكفالات.
5- عدم إقبال الكثير من المستثمرين الصغار على طلب هذا النوع من القروض، على الرغم من معرفتهم بها، أو بسبب توافر معلومات خاطئة لديهم عن هذه القروض.
6- عدم قدرة شركة كفالات على الردّ على جميع الطلبات الواردة إليها ضمن المهلة المحددة (3أسابيع) بسبب قلّة عدد موظفيها ومحلليها الماليين الذين توكل إليهم مهمة دراسة هذه الطلبات.
7- إضطراب الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان.
2 - المقارنة بين أحجام القروض:
تخطّى الحجم الإجمالي للقروض التي أصدرت لها "كفالات" حتى تاريخ 30/6/2004 الحجم الذي كانت الشركة قد توقعته للسنة الرابعة من عملها، حيث بلغ 346,711 مليار ليرة لبنانية مقابل 328 مليار ليرة لبنانية (الحجم الإجمالي المتوقع للسنة الرابعة). وبلغ الحجم الإجمالي للقروض التي أصدرت لها كفالات 408,354 مليار ليرة لبنانية حتى تاريخ31/12/2005، في حين أنّ الشركة كانت قد توقّعت، عند انطلاقة عملها في تمّوز من العام2000، أن يصل حجم القروض التي ستكفلها، بعد خمس سنوات، إلى 424 مليار ليرة لبنانية. وقد بلغ معدل حجم القرض الواحد 122 مليون ليرة لبنانية[35].
وبناءً على ذلك، نستطيع أن نستنتج أنّ المعدل الذي كانت الشركة قد توقعته، عند انطلاقة عملها، أن يصل إليه حجم القرض الواحد في نهاية العام الخامس من عملها، هو:
(424 مليار/10,600 ) =40 مليون ليرة لبنانية ، مما يعني أن متوسط القرض المكفول قد تخطى المتوسط المتوقع بـ82 مليون ليرة لبنانية ، وأن شركة كفالات كانت تضطر إلى تقليص عدد قروضها من خلال رفض كل طلب يخالف شروطها، ولو كانت المخالفة بسيطة. هذا مع العلم أن الرفض في بعض الحالات أمر حتمي ومؤكد، فكفالات لا تضمن القروض التي لا تستوفي الشروط اللازمة، كالقروض الشخصية والقروض التجارية وغيرها، كما أنها ترفض طلب كفالة الكفالة في حال ورود إسم العميل على اللائحة السوداء. لذا جاء عدد القروض الممنوحة 3932 أقل من العدد المتوقع بكثير والبالغ 10600.
ثامنًا: القروض المتعثّرة
إنّ طالب القرض والكفالة لا تربطه أي علاقة مباشرة مع شركة "كفالات"، حيث تقتصر علاقته مع المصرف مانح القرض، وعندما يتفق الفريقان على جميع الشروط والقيود لمنح القرض، يرفع المصرف طلب الكفالة إلى الشركة بعد توقيعه من قبل الطرفين[36].
في 11 أيلول 2003 ، صرّح د.خاطر أبو حبيب لجريدة "السفير": إنّ هناك ثلاثة قروض فقط لم يتمّ تسديدها من قبل المؤسسات المقترضة حتى التاريخ المذكور من أصل 1800 قرض كانت معرّضة للفشل، وذلك من مجموع العدد الإجمالي البالغ 2,347 كفالـة (عدد الكفالات التي قدمتها كفالات للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لغاية 31 تموز 2003 بقيمة 242650 مليون ليرة لبنانية)، لافتًا إلى أنّ "كفالات" سدّدت القروض الثلاثة بقيمة إجمالية بلغت 180 مليون ليرة، استعادت منها في مرحلة لاحقة 70 في المئة من المؤسسات المقترضة المتعثرة بعد أن انتعش وضعها من جديد، ومؤكدًا في هذا السياق أنّ "نسبة الفشل بالإجمال هي قليلة جدًا".
وبالتالي تكون نسبة التعثر لغاية 31 تموز2003: (3×100)/2,347= 0,13% تقريبًا.
أمّا في نهاية العام 2004، فقد بلغ عدد القروض المتعثرة التي دفعت شركة "كفالات" كفالتها 14 قرضًا من أصل 3,056 استعادت الشركة منها في مرحلة لاحقة 9 قروض[37]. وهكذا تكون نسبة التعثر في نهاية العام 2004: (14×100) /3,056 = 04,46 % تقريبًا، مع أنّ الشركة قد توقّعت في دراسة الجدوى الاقتصادية العائدة لها أن تكون نسبة القروض المتعثّرة ما بين 3,8 % و4,2 % في ذلك الحين.
وقد بلغ عدد الكفالات المصدرة لغاية 28/02/2005 ٣٤٧٢، وهكذا تكون نسبة التعثر حتى التاريخ المذكور:
(34×100) /3,472 = 0,98 % تقريبًا
كما بلغت نسبة التعثر في قروض "كفالات" في أيلول 2005 ، 1%، حيث أنّ عدد القروض المتعثرة أصبح 35 من أصل 3,500 % قرض تقريبًا[38].
هل هذا التزايد هو طبيعي، أي أنه نتيجة للإهمال وعدم الجدية في دراسة الملفات التي تقدم إلى الشركة من قبل المصارف؟
هذا مع الإشارة إلى أنّ الدراسة الجديّة لجدوى المشاريع التي تحتاج إلى تمويل بضمانة شركة "كفالات"، تتم بشكل أساسي في المصارف وليس في الشركة، كما أنّ التعثّر قد يحصل في جميع أنواع القروض نتيجة لظروف غير متوقعة، مع أنّ دراسة الجدوى تكون قد توقعت نجاح المشروع.
وبحسب د.خاطر أبي حبيب، فإنّه لم يكن لنسبة التعثّر نمط إحصائي من قبل، أمّا اليوم فقد اكتسبت هذا النمط الإحصائي وأصبحت بحاجة للدراسة[39].
تاسعًا: استنتاجات
لا شكّ في أنّ مشروع شركة "كفالات" قد جاء نتيجةً لضروراتٍ فرضتها التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وبسبب الحاجة إلى وجود مصدر تمويل تنموي للمؤسسات الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة التي كثيرًا ما يعجز أصحابها عن توفير التمويل اللازم لها.
وقد تكون الفترة الزمنية التي يستهدفها البحث (1999-2005) غير كافية للحكم بصورة قاطعة على نتائج أعمال شركة "كفالات" في حقل التمويل والإقراض، وتسهيل أعمال هذه المؤسسات بسبب قصر هذه الفترة، على الرغم أنّ الشركة في دراسة جدواها الاقتصادية قد اعتمدت فترة 6 سنوات لاكتمال تجربتها وترسيخ قواعدها وأشكال عملها وأساليبه، إلا أنّنا من خلال الملاحظات والمعلومات التي توافرت لنا بحثيًا وميدانيًا توصّلنا إلى الاستنتاجات التالية:
1- نقاط القوة
أ- حظيت شركة "كفالات" باهتمام كبير من قبل العديد من المسؤولين والمهتمين بشؤون الاقتصاد والمال، وبعض دول الشراكة الأوروبية باعتبارها التجربة الأولى والوحيدة من نوعها في لبنان، حيث لا وجود لمنافسين لها من شركات أخرى مشابهة. كما تظهر قوة "كفالات" في التحكم بالكفالة، فهي التي تقبلها أو ترفضها، وهي التي تقوم بتسوية أوضاع المقترضين، وإليها يعود القرار النهائي بإلغاء الكفالة حسب الظروف الداعية لذلك.
ب- شكّلت شركة "كفالات" مقصدًا للطاقات الشابة الراغبة في الانطلاق في بعض المجالات الانتاجية التي تعرفها، ولا تملك إمكانيات مالية لتحقيق ما ترغب به.
ج- أعطت شركة "كفالات" كفالة عالية لقروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فوضعتها في موقعٍ متساوٍ مع المؤسسات الأكبر. وينطبق هذا الأمر أيضًا على النطاق الجغرافي والمناطقي، فالكفالات التي تعطى لبيروت يعطى مثلها لمناطق الشمال والبقاع والجنوب. ولا شكّ أنّ تحفيز روّاد الأعمال وتوسيع شبكة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، قد أسهم في وقف تدهور الطبقة الوسطى، وتوسيع حضورها نسبيًا في الحياة الاقتصادية. غير أنّ هذه النتيجة كان من الممكن أن تكون أفضل فيما لو كان هناك شركات أخرى تهتم بما تهتم به شركة "كفالات" أو على الأقلّ لو وجدت شركة "كفالات" إقبالًا أوسع من الجمهور وتجاوبًا أكبر من المؤسسات المالية المقرضة.
د- انعكس إسهام "كفالات" ايجابيًا في القطاعات الإنتاجية وخاصة منها الزراعة والصناعة. فالصناعة التي استحوذت على الحجم الأكبر من قروض "كفالات" في الفترة المدروسة، زاد حجم صادراتها بنسبة 2% شهريًا حتى عام 2005 [40].
هـ- تأكّدت حاجة الاقتصاد الوطني إلى شركة "كفالات" وشركات مشابهة معنيّة بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومساندتها، والتي تشكّل نسبة 90% من إجمالي عدد المؤسسات في لبنان.
و- ترسخّت ثقة المصارف بنشاط شركة كفالات، حيث ظهر دور كفالات حاسمًا في إظهار هذه الثقة وحمايتها عبر كفالة القروض.
ز- لقد جاءت أعداد القروض المتعثرة أقل مما توقعت الشركة، على الرغم من نسبة تزايدها عامًا بعد عام.
عاشرًا: نقاط الضعف
برز عدد من نقاط الضعف في عمل شركة كفالات في الفترة التي تناولها البحث، أبرزها :
أ- تركّز القروض المكفولة من شركة "كفالات" في مناطق محدّدة، واستئثار جبل لبنان بالحصّة الأكبر من هذه القروض، لذا كان تأثيرها على النزوح من الأرياف محدودًا. فالنزوح الريفيّ هو مسألة تاريخية متجذّرة في الحياة الاقتصادية اللبنانية، إلى حدّ الاعتبار أنّ الاقتصاد اللبناني بسمته الأساسية هو اقتصاد مدينيّ. لذا كان من الصعب على شركة "كفالات" أن تتولّى مهمة الحدّ من النزوح الريفي بمفردها، فهذه المهمّة تحتاج إلى متابعة طويلة الأمد، وإلى سياسة حكومية إنمائية شاملة تعتمد مبدأ تنشيط الإقتصاد الريفي.
ب- بروز تفاوت بين عدد القروض المأمول تحقيقه، وعدد القروض المحقق فعليًا. فقد قصّرت الشركة عن إيصال أعداد الكفالات إلى ما أملت به وهو رقم 10600 قرض حتى نهاية العام 2005، فكان عدد القروض المكفولة فعليًا حتى التاريخ المشار إليه 3932 قرضًا. بينما وصل معدل القرض الواحد إلى 122 مليون ليرة لبنانية، أي إلى ما يزيد عن ثلاثة أضعاف الرقم الذي توقعته كفالات كمعدل للقرض الواحد والذي يبلغ 40 مليون ليرة. وهذا يدل إلى أنّ القروض الممنوحة من شركة كفالات تركّزت في المؤسسات المتوسطة وليست الصغيرة.
ج- تأخير البتّ بالطلبات نتيجة نقص الموظفين في الشركة والمحللين الماليين، وعدم متابعة القروض بشكل متواصل.
د- إنّ نقطة الضعف الرئيسة تتعلق بمدى الاستفادة من تنزيل الإحتياط الإلزامي. فلقد نصّت المادة التاسعة من القرار الرقم 7835 تاريخ 2/6/2001 على أن يخفّض الاحتياط الالزامي لأي مصرف مقابل القروض بكفالة شركة "كفالات". ويتم هذا التنزيل على أساس المثل الآتي:
بلغت الودائع لأجل محدّد في المصارف التجارية بتاريخ 2/7/2004، حوالى 28152 مليار ل.ل. وهذه خاضعة لاحتياط إلزامي نسبته 15% أي حوالى 4423 مليار ليرة، ويوضع 20% من هذا الإحتياط تحت تصرف "كفالات"، وهذا يعني أنه كان بإمكان كفالات أن تضمن قروضًا بحوالى 845 مليار ليرة ولكنها لم تضمن فعليًا حتى 31/12/2003 سوى 235,3 مليار ل.ل.، وهذا يدل إلى وجود عراقيل موضوعة أمام قيام " كفالات" بعملها، ومنها تشدّد المصارف في طلب ضمانات إضافية مرافقة لضمان "كفالات".
هـ- إنخفاض حصّة "كفالات" من القروض المدعومة فوائدها، حيث أنّها لم تتخطّ نسبة 20%، في وقت كان يفترض التركيز عليها أكثر في حال كان الهدف أن تقوم "كفالات" بدور أكبر في تشغيل الاحتياط الإلزامي من أجل غاية تنموية وتطويرية للاقتصاد الوطني.
وتأسيسًا على النقطتين الأخيرتين، فإنّ الفرضية القائلة بأنّ "كفالات" كانت تؤدي دور إعادة التوظيف المالي للاحتياط الإلزامي، تبدو ضعيفة وتظهر أنّ هناك أشكال وأساليب أكثر ضمانًا للتوظيف المالي تقوم بها المصارف لمضاعفة أرباحها أكثر من القروض الصغيرة والمتوسطة، والتي ما تزال المصارف تتشدّد في إطلاقها وتميل أكثر للقروض المضمونة، وأهمّها القروض الشخصية والسكنية وفتح الاعتمادات التجارية الكبيرة.
بينما يتأكد من خلال تحليل قروض "كفالات" وتوزّعها ومقارنتها مع أشكال القروض الأخرى الدور التنموي "لكفالات" في إجابة ثانية على الفرضية التي كنا قد طرحناها في بداية البحث حول طبيعة عمل الشركة بين أن يكون عملًا تنمويًا أم إعادة توظيف أموال للاحتياط الإلزامي للمصارف.
غير أنّ شركة "كفالات" قدمت خدمة طيّبة للمصارف أيضًا، فهي بكفالتها لقروض صغار المنتجين- وهو ما كانوا يعجزون عنه أصلًا - مكّنت المصارف من تسليف جزء أكبر من الأموال المكدّسة في خزائنها، ومن تلك التي أودعتها كاحتياطات إزامية في مصرف لبنان فارتاحت بذلك من عبء متطلب الاحتياط الإلزامي القانوني، ما أدّى إلى تخفيض كلفة المال المقترض على المصارف، وتمكينها من خفض نسبة الفائدة على القروض.
كما أنّ الشركة حقّقت لنفسها أرباحًا مهمة، كانت تزداد بمعدل 20% سنويًا خلال الفترة التي يستهدفها البحث. فتكون الشركة قد أمّنت نفعًا ثلاثي الأطراف لنفسها وللمنتجين وللمؤسسات المقرضة.
من خلال الاستنتاجات التي توصّلنا إليها، وعلى الرغم من الظروف المحيطة بالوضع الاقتصادي اللبناني، فإن التوقعات المستقبلية للشركة، والتي تتمتع حتى الآن بوحدانية الدور، تشير إلى الإمكانيات الحقيقية للدور التنموي الذي يمكن أن تقوم به مستقبلًا، إذا ما أعيد النظر على قاعدة التجربة ببعض الثغرات والنواقص.
وعلى الرغم من أنّ نقاط الضعف كانت قليلة إجمالًا في عمل شركة كفالات خلال الفترة المستهدفة بالبحث، فلعلّه من المناسب أن نتساءل ما إذا كانت الشركة قد عملت على تجاوز نقاط الضعف هذه في وقت لاحق.
في خطوةٍ توسعية، أبرمت شركة "كفالات" اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي في العام 2006 (كانت المفاوضات قد بدأت بشأن هذه الإتفاقيّة في العام 2005) حصلت الشركة بموجبها على مساعدة مالية من الاتحاد بلغت 4 مليون يورو. وكان من أبرز نتائج هذه الشراكة، ظهور برنامج "كفالات" الإضافي وبرنامج كفالات للابتكار.
وقد تمكّنت الشركة بنتيجة ذلك من زيادة سقف القروض من 300 مليون ليرة إلى 600 مليون ليرة وما فوق (650مليون ليرة لبرامج كفالات للمبتدئة والابتكار، و1320 مليون ليرة لبرامج توليد الطاقة المتجددة بهدف البيع إلى طرف ثالث) كما رفعت الشركة نسبة كفالتها للقروض من 75% إلى 85% وإلى 90% بالنسبة لكفالة برامج الابتكار. وزادت مدّة القرض من 7 سنوات كحدّ أقصى إلى 10 سنوات كحدٍّ أقصى بالنسبة للقروض الزراعيّة، وإلى 10 سنوات و15 سنة بالنسبة لقروض الطاقة.
واستطاعت شركة "كفالات" بالمقابل، إلزام المؤسسات المقترضة (القائمة والناشئة) تسجيل نفسها كشركات رسميّة في مؤسسات الدولة، كشرط مسبق للحصول على قرض برنامج كفالات الإضافي بفروعه العديدة، عندها يصبح الدين دين مؤسسات وليس أشخاص. كما استطاعت الشركة الحدّ من طلب المصارف لضمانات إضافيّة شخصيّة أو عينيّة أو غير ذلك على القروض المكفولة من الشركة (كفالات)، لاعتبارها أنّ دراسة الجدوى التي يقدمها المقترض وانتظام التدفق النقدي للمشروع ينفيان الحاجة إلى ضمانات إضافيّة للمصرف[41].
ومن المؤكّد أن تحسّن نسبة الكفالة وظروفها، قد أصبحت "كفالات" تقدمها للقرض مع برنامج كفالات الإضافي (بعد 2005) حسّنت درجة قبول المصرف لتمويل النشاط الإقتصادي المقترح وخففت درجة مطالبه من الضمانات الأخرى التي كان يطلبها عادةً للموافقة على القرض، الأمر الذي يشكّل خدمةً للمقترض.
لقد كان لشركة "كفالات" أهداف أخرى من وراء هذه الخطوة التوسعية أبرزها: زيادة التمويل المصرفي المتاح، زيادة وتقوية رأسمال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وزيادة الأرباح الخاصّة للشركة.
٣- فهل كانت نتائج هذا التوسّع مقبولة؟
من المجدي التذكير بأنّه على الرغم من وجود بعض العوامل المعيقة لعمل شركة "كفالات" في الفترة التي يستهدفها البحث (1999-2005)، إلا أنّ أداء الشركة كان جيدًا بالإجمال في تلك الفترة، إن على صعيد القروض المكفولة وأحجامها، أو على صعيد نسبة القروض المتعثرة أو الأرباح الخاصة للشركة.
وبقي أداء الشركة جيدًا أيضًا في فترة 2006 – 2011 على الرغم من بعض الأحداث والظروف المؤثرة سلباً على عملها، منها حرب تموز 2006 وترددات الأزمة الماليّة والإقتصادية العالميّة في سنتي 2008- 2009.
غير أنّ الأمور بدأت تأخذ منحىً تراجعيًّا بعد العام 2011، بفعل الأحداث التي تشهدها المنطقة العربية بشكل عام وسوريا بشكل خاص.
على صعيد عدد الكفالات: خلال العشر سنوات الأولى، بقي عدد الكفالات - الذي وصل في 31 /12/2005 إلى 3932 كفالة - يتزايد باستمرار. غير أنّه بعد العام 2011، أخذ عدد القروض المكفولة سنويًا منحىً تنازليًّا من 1132 كفالة في العام 2012، إلى 899 كفالة في العام 2013، إلى 832 كفالة في العام 2014. وفي الأشهر الثمانية الأولى من عام 2015، تراجع عدد الكفالات إلى 415 كفالة فقط، منها 292 كفالة في النصف الأول من العام 2015 مقابل 438 كفالة في النصف الأول من العام 2014 .[42]
على صعيد القروض المتعثرة: في السنوات العشر الأولى(2000-2010) كانت نسبة القروض المتعثرة منخفضة جدًا، حيث بقيت أقل من 1.5% بينما كان من المتوقع أن تكون بين 3.8% و 4.2%. وقد أخذت نسبة التعثّر بالإرتفاع في السنوات الثلاث الأخيرة خصوصًا في قطاع الصناعات التصديريّة [43]وبلغت نسبة التعثر في العام 2015 أربعة أضعاف ما كانت عليه في العام 2011.
على صعيد ربحية الشركة: شركة "كفالات" هي في المحصّلة شركة ماليّة مساهمة، وهي وإن تكن ذات منفعة عامة، إلا أنّها تبغي تحقيق الربح أيضًا.
خلال السنوات العشرة الأولى 2000-2010، حقّقت الشركة أرباحًا مهمة كانت تزداد سنويًا بحوالى 20%، ووصلت في نهاية تلك الفترة إلى 12 مليون دولار سنويًا.[44]
وازداد رأس مال الشركة من 20 مليار ليرة في العام 2000 إلى 50 مليار ليرة في العام 2007 [45].
إلّا أنّ أرباح الشركة آخذة بالتراجع منذ العام 2012، بسبب تردّي الأوضاع السياسية والأمنيّة إقليميًا ومحلّيًا، فوصلت إلى 6.5 مليون دولار في عام 2014 وإلى 2 مليون دولار في النصف الأول من العام 2015 [46].
ومقارنة مع الأرباح المحققة في سنوات العقد الأول من عمر شركة "كفالات" فقد تراجعت أرباح الشركة بنسبة 60%، وبنسبة 25% بين سنتي 2013 و 2014 [47].
على الرغم من هذا التراجع، ما زالت الشركة تحقّق الأرباح، ولديها القدرة على تحمّل مخاطر إضافية. كما أنّ نسبة الملاءة فيها ما زالت تفوق الـ30% بينما نسبة الملاءة المحددة عالميًا هي 12% [48].
خاتمة:
شكّلت شركة "كفالات" ظاهرة غير مسبوقة في مسار الاقتصاد اللبناني، إلا أنّ تأسيسها جاء في فترة بالغة الحساسية والتعقيد. كما أنّ الحكومة التي أطلقتها ضمن خطة الإنماء الخماسية (1999-2004) لم تعمّر أكثر من عامين (من تشرين الثاني 1998 إلى تشرين الأول 2000) لتفسح في المجال أمام عودة قوية للرئيس رفيق الحريري إلى السلطة.
لقد شكّل التباين بين أطراف السلطة وشلل بعض الإدارات الحكوميّة، عقبة حقيقية أمام شركة "كفالات". ثم ظهرت عقبات أخرى، بعضها إقليمي كالإحتلال الأميركي للعراق في العام 2003 وتأثيره على الصادرات اللبنانية، وبعضها محلّي أبرزه إغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005. لقد شكّل نجاح شركة "كفالات" خلال فترة التأسيس 1999-2005، واستمرار نجاحها حتى العام 2011 رغم العديد من الصعوبات المستجدة، وأبرزها حرب تمّوز 2006، الدافع الرئيس لتناولنا لهذه الشركة بالبحث. كما شكَّلت الصعوبات التي تعانيها الشركة منذ خمس سنوات ولا تزال، نتيجة تأثير الأحداث في المنطقة العربية بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص، سببًا آخر لاختيارنا لهذه الشركة موضوعًا لبحثنا.
ولقد أكّد البحث أنّ الشركة سجّلت نجاحًا مهمًا خلال فترة التأسيس والسنوات الخمس التي تلتها، على الرغم من الصعوبات التي ذكرنا آنفًا. فقد أدّت دورًا محوريًا مهمًا في تحريك عجلة النموّ الاقتصادي وتطوّر القطاعات الإنتاجيّة، وشكّلت بذلك خدمة كبيرة للمنتجين وللاقتصاد الوطني، وخاصة لصغار المنتجين.
كما قدّمت "كفالات" خدمة كبيرة للمصارف في تيسير عملية التسليف لجزء من الأموال المكدّسة عندها، أو المودعة في مصرف لبنان.
وحققت الشركة لنفسها أرباحًا مهمة، خاصة في السنوات العشر الأولى. فحققت بذلك نفعًا مهمًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وللمصارف المقرضة ولنفسها أيضًا.
ومن الواضح أنّه كان لشركة كفالات خلال السنوات العشر الأولى لقيامها، دور إيجابي في وقف تدهور أحوال الطبقة الوسطى، إلّا أنّ هذه الإيجابية كان يمكن أن تكون أكبر، لو وجدت شركات أخرى مشابهة، أو لو لقيت شركة "كفالات" إقبالًا أكبر وتعاونًا أوسع من المؤسسات المالية، وهو ما تحقّق مثلًا بعد ظهور برنامج "كفالات" الإضافي في العام 2006. كما أنّه يصعب تحديد مدى نجاح شركة كفالات في الحد من النزوح الريفي الذي هو مسألة تاريخية بالغة التعقيد في لبنان.
أما التناقص المستمر في عدد الكفالات الممنوحة في السنوات الخمس الأخيرة، وازدياد نسبة القروض المتعثرة، والتراجع المستمر في أرباح الشركة، فمردّه ليس لأسباب ذاتيّة تتعلّق بها (تراجع أداء الشركة مثلاً)، بل لأسباب موضوعيّة، أبرزها تأثير الوضع المتفجّر في البلدان العربيّة وخصوصًا في سوريا على الإقتصاد اللبناني الذي هو شديد الحساسيّة تجاه الظروف الإقليميّة والدوليّة.
وعلى الرغم من رجحان دور العوامل الموضوعيّة في تراجع عمل شركة "كفالات" في السنوات الخمس الأخيرة إلا أنّ على الشركة أن تبادر إلى معالجة بعض نقاط الضعف في عملها التي أوردها البحث ومنها: تطوير العمل التنفيذي في الشركة، وتقصير الفترة التي يتمّ البتّ فيها بالطلبات، الإنتقال من دور الكفيل والوسيط بين المقترضين والمصارف إلى دور الراعي والمتابع للقروض، زيادة فترة السّماح بالقدر الذي لا يؤثّر على عمل الشركة، إيلاء اهتمام أكبر لقطاعي الإنتاج الحرفي والتقنيات المتخصصة، إعادة جدولة ديون بعض المشاريع ما يحول دون إقفالها، تكثيف الإعلام وبثّ روح الحماس في أوساط صغار المنتجين وتشجيعهم إلى التحوّل نحو الإنتاج المخصص للسوق الداخلي.
[1]- توفيق كسبار – إقتصاد لبنان السياسي 1948-2002 –دار النهار للنشر بيروت 2005 ص 69
[2]- المصدر نفسه – ص 232
[3]- د. نجيب عيسى التعطّل وإدارة الاعمار في لبنان ورقة عمل مقدّمة في إجتماع الخبراء حول التعطّل في دول الاسكوا –عمان 26-29 تموز 1993، اللجنة الإقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا المملكة الاردنية الهاشمية، منظمة العمل الدولية).
[4]- الوضع الاجتماعي والاقتصادي في لبنان : واقع وآفاق –وزارة الشؤون الاجتماعية UNDP –Fafa 2004 ص 30
[5]- المصدر نفسه ص 30
[6]- التقرير الأهلي اللبناني حول التنمية المستدامة تحضيراً لقمة الأرض الثانية في جوهانسبورغ آب 2004 بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي بيروت ص 34.
[7]- الوضع الاجتماعي والاقتصادي مصدر سابق ص 62.
[8]- د. عبدالله رزق ود. محمد دياب – إقتصاد المؤسسة ص 242 و223دار عطية بيروت 2000.
[9]- محمد أيمن عزت الميداني ، الادارة التمويلية في الشركات ص616 – القاهرة سنة 1999 – طبعة ثانية
[10]- مصرف لبنان النشرة الفصلية ،آذار 2003 العدد96
[11]- تعاميم مصرف لبنان النشرة الفصلية حزيران 2001 العدد 89
[12]- - GA- CONSULT للاستشارات المالية دليل فوائد الشفافية المالية للشركات الصغيرة والمتوسطة ص 23 ، بيروت 2003
[13]- Mario Otero and Elizabth Rhyne (Edition). The New wor bel of MicroentrepriseFinance : Building Healthy Financialinstitutions for the poor kumassionpres , U.S.A. Harvard , press 1998.
[14]- مصرف لبنان – النشرة الفصلية –الفصل الرابع 2003 العدد 79، الفصل الرابع 2004 العدد 99 والفصل الرابع 2005 العدد 107.
[15]- المصدر نفسه.
[16]- رواد عز الدين وفيصل المغربي – بحث بعنوان السياسة التسليفية في شركة كفالات ش.م.ل. ودورها التنموي بإشراف د. كليب كليب – كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الاعمال العام الجامعي 2003-2004 ص 27 و28.
[17]- تعاميم مصرف لبنان النشرة الفصلية الفصل الأول 2001 العدد88
[18]- مصرف لبنان ، النشرة الفصلية الفصل الرابع 2005
[19]- د. عدنان العريضي الوسيط في ادارة المصارف ص 67-68 بيروت 1996 طبعة 2
[20]- منشور عن برامج شركة كفالات ش.م.ل.
[21]- -http://www.uabonline.org استرجعت بتاريخ ١٣/١٠/٢٠١٥
[22]- www.kafalat.com.lb استرجعت بتاريخ 9/10/2015
[23]- كتيب طلب كفالة مرفق بشروط إصدارها ، صادر عن شركة كفالات .
[24]- قانون الموجبات والعقود المواد 11و12
[25]- منشورات عن شركة كفالات ش.م.ل
[26]- رواد عز الدين وفيصل المغربي مصدر سابق ص 88
[27]- منشورات عن شركة كفالات
[28]- مصرف لبنان النشرة الفصلية الفصل الرابع 2004 العدد 103 ص 76
[29]- بتول حسن خليفة وزينب أحمد زعيترمصدر سابق ص124
[30]- جريدة السفير ، ملحق المصارف اللبنانية ، الأربعاء 31 آب 2005 ، ص.11
[31]- اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان ، مجلة " النشرة الفصلية، العدد السادس ، تموز 2005 ص.12
[32]- منشورات صادرة عن بنك بيبلوس
[33]- منشورات عن شركة كفالات ش.م.ل.
[34]- رواد عز الدين وفيصل المغربي مصدر سابق ص . 45
[35]- منشورات عن شركة كفالات ش.م.ل.
[36]- منشورات عن شركة كفالات ش.م.ل.
[37]- مقابلة مع المحلل المالي في شركة كفالات السيد طارق عيتاني بتاريخ 29/12/2004
[38]- المصدر نفسه
[39]- مقابلة مع رئيس مجلس ادارة شركة كفالات بتاريخ9/6/2005
[40]- جمعية المصارف اللبنانية ، النشرة الشهرية كانون الأول 2003 العدد 115
[41]- من مقابلة اجرتها باسمة عطوي مع رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة كفالات د. خاطر أبو حبيب ومنشورة على موقع Http//:www.uabonline.org استرجعت بتاريخ 9/10/2015
[42]- من مقابلة أجراها ابراهيم عواضة مع رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة كفالات د.خاطر أبو حبيب ونشرتها جريدة الديار في 15 أيلول 2015
[43]- من مقابلة أجرتها باسمة عطوي مع رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة كفالات د.خاطر أبو حبيب – مصدر سابق
[44]- من مقابلة أجرتها ناتاشا بيروتي مع رئيس مجلس إدارة كفالات د. خاطر ابو حبيب ونشرتها جريدة الديار في 7 آذار 2015
[45]- من مقابلة أجرتها رشا ابو زكي مع رئيس مجلس إدارة كفالات. ونشرتها جريدة الأخبار بتاريخ 11/حزيران 2007
[46]- من مقابلة أجراها ابراهيم عواضة مع رئيس مجلس إدارة كفالات. مصدر سابق
[47]- من مقابلة ناتاشا بيروتي مع رئيس مجلس إدارة كفالات مصدر سابق
[48]- من مقابلة أجراها ابراهيم عواضة مع رئيس مجلس إدارة كفالات. مصدرسابق
Small and medium loans support programs in Lebanon Case study of Kafalat S.A.L
80% to 85% of the global economy is based on the production of small and medium sized projects. Therefore developed countries exert strenuous efforts in order to sponsor these projects and provide the necessary funding for them, in view of their capability to create job opportunities. In Lebanon, small projects form more than 90% of the standing projects. However, they face a lot of difficulties in obtaining funding. Lebanon has witnessed since the 90s of the 20th century, the establishment of several institutions, committees and programs that are concerned with providing loans to small and medium sized projects and Kafalat is one of the most prominent institutions in this sector.
It is obvious that Kafalat had played a positive role in halting the regression of the medium class during the first ten years. However, this positive factor could have been bigger, if other similar institutions had been established, or if Kafalat had met more success or found wider cooperation from financial institutions, which was realized for instance after the establishment of the additional Kafalat program in 2006. Furthermore, it is difficult to determine the extent of success of Kafalat in halting rural displacement, which is a very complicated historic issue in Lebanon.
Despite the predominance of objective factors leading to the decline in Kafalat operations in the past five years, the Institution is required to deal with some of the weak points in its work process which was tackled by the study such as:
Developing the executive work and reducing the period set to take decisions concerning every application, switching from the role of warrantor and mediator between the debtors and the banks in order to play the role of a sponsor, increasing the grace period in a way that does not affect the work of the company, paying more attention to the sectors of handcraft and specialized technologies, rescheduling the debts of some projects, therefore preventing them from closing, increasing media coverage and producing the spirit of enthusiasm among small producers and encouraging them to transfer to the production for the internal market.
Les programmes de support aux prêts petits et moyens au Liban La compagnie Kafalat S.A.L., un exemple
L’économie mondiale repose 80 à 85 pour cent sur la production de projets petits et moyens. C’est pourquoi les pays, surtout ceux qui sont en voie de développement, consentent des efforts énormes pour parrainer ces projets et leur assurer le financement nécessaire vu leur capacité de créer des offres d’emploi. Quant au Liban, les petits projets constituent plus de 90% des projets existants, mais souffrent de difficultés sérieuses quant au financement. Depuis les années 90 du 20ème siècle, le Liban a témoigné l’émergence de plusieurs institutions, comités et programmes offrant des prêts aux projets petits et moyens, notamment la compagnie Kafalat.
Il est clair que la compagnie Kafalat a joué lors des dix dernières années, un rôle positif freinant l’effondrement de la classe moyenne. Or cette positivité pourrait être plus impressionnante s’il aurait existé d’autres compagnies similaires ou si la compagnie Kafalat aurait jouit d’une coopération plus large de la part des institutions financières, fait qui s’est réalisé par exemple après l’apparition du programme additionnel de Kafalat en 2006. De même, il est difficile de définir à quel point la compagnie Kafalat a réussi à mettre terme au taux de l’exode rural qui est une question historique trop compliquée au Liban.
Malgré l’impact important du rôle des facteurs objectifs causant le recul enregistré au niveau du travail de la compagnie Kafalat lors des cinq dernières années, la compagnie doit prendre l’initiative pour traiter certains points de faiblesse quant à son travail, présentés par cette recherche, dont: le développement du travail exécutif à la compagnie et le raccourcissement de la période de prise de décision quant aux demandes présentées, le passage du rôle de garant et d’agent entre les débiteurs et les banques, au rôle de parraineur qui suit de près les prêts, prolonger la durée de grâce d’une façon qui n’affecte pas le travail de la compagnie, accorder une meilleure importance au secteur de la production artisanale et des techniques spécialisées, reformuler les dettes de certains projets fait qui empêche leur clôture, augmenter le taux des publicités et encourager les petits producteurs à passer à la production destinée au marché interne.