اسماء لامعة

بشارة الخوري الاحلام تتحقق نغماً
إعداد: تريز منصور

موسيقاه في ارقى المسارح على قائمة اروع الاعمال الكلاسيكية


من عائلة لها في الشعر طول الباع وعمق الجذور، وفي الموسيقى ألَق الابداع وزهوة التجديد.
بشارة الخوري، المؤلف الموسيقي المحتل مكانة عالمية بارزة، يحتل الشعر في اعماقه مساحات مشتعلة، فإذا به يركن الى سحر الكلمة حيناً، ويحلّق مع سحر النغمة احياناً، ليجمع سحراً الى سحر.
بشارة الخوري ترعرع بين حدائق الكلمة في بيت الخوري، وحدائق الموسيقى في بيت الرحباني. وانطلق الى ميادين الموسيقى الكلاسيكية مؤلفاً مسلحاً بموهبة نادرة وبإرث ابداعي استثنائي. الموهبة وما تكتنزه تفجرت اعمالاً رائعة تعزفها الاوركسترات الكبيرة الى جانب اعمال عمالقة الموسيقى مثل بتهوفن وشوبان وليست وباخ.

 

البدايات
في سد البوشرية قضاء المتن أبصر بشارة الخوري النور العام 1975. والده المحامي والشاعر عبد الله الأخطل الخوري، صاحب ديواني شعر («عمري ألف عام» و«الأخير» أو الواحد»). والدته السيدة سلوى (كاتبة وشاعرة) وهي شقيقة عاصي ومنصور والياس الرحباني، جدّه الشاعر الكبير بشارة الخوري الملقب بال«الأخطل الصغير».
طفولته غريبة ومميزة، كان يلاعب ازرار البيانو بلمسة عبقري، ويصدر نوتات تحتاج الى من يجمعها، لكي تتحول الى مقطوعة موسيقية، وكان في الوقت نفسه من المتفوقين في كتابة الإنشاء والشعر. فمنذ صغره بدا تأثره واضحاً بجده ووالده وبأخواله.
تلقى بشارة الخوري علومه الابتدائية في مدرسة الشانفيل، ومن ثم إنتقل الى الكسليك لمتابعة دروس المرحلة الثانوية. بدأ بدراسة الموسيقى العام 1969 على يد الاستاذ العلامة هاكوب ارسلانيان (مدرس عاصي ومنصور الرحباني).
بين العامين 1971 و1973 صدرت له ثلاث مجموعات شعرية، وما لبث ان اتجه الى الموسيقى بوضوح في كنيسة مار الياس انطلياس. كان يشارك في خدمة القداس، وقد وضع بعض الألحان الكنسية قبل ان ينصرف الى كتابة مؤلفات الكورس والأوركسترا.

 

فرنسا و«اطلال بيروت»
غادر لبنان متوجهاً الى العاصمة الفرنسية باريس، بهدف التعمق في عالم التأليف الموسيقي والكتابة الاوركسترالية، هناك درس مع الأستاذ الكبير «بيار بيتي». والعام 1983 وبمناسبة الذكرى المئوية الأولى لولادة جبران خليل جبران، سطعت موسيقاه التي عزفتها اوركسترا كولون (Orchestre Colonne) بقيادة بيار ديرفو (Pierre Dervaux)، ومشاركة عازف البيانو اللبناني عبد الرحمن الباشا.
كانت تلك الامسية الموسيقية المخصصة لأعمال بشارة الخوري على مسرح الشانزليزيه في باريس حدثاً، وقد بثت مباشرة على شاشات التلفزة الفرنسية.
في العام نفسه صدر عن دار «ايراتو» اسطوانتان لأعمال بشارة الخوري السمفونية. وقد أدتها أوركسترا كولون بقيادة بيار ديرفو، مع عازف البيانو الأميركي دايفيد ليفلي (David Lively).
العام 1985 كان محطة بارزة في مسيرته الفنية، فقد ابصرت النور «اطلال بيروت» سمفونيته الأولى التي وضعها بمناسبة مرور عشر سنوات على نشوب الحرب اللبنانية. بعد ذلك استمرت مسيرة بشارة الخوري حاصدة النجاح والتألق على ارقى المستويات.
فقد اصدرت شركة «فورلان» اسطوانتين لأعماله السمفونية، الى موسيقى للبيانو مع الأوركسترا والكمان، أدتها أوركسترا كولون بالاشترك مع مجموعة عازفين عالميين من بينهم عبد الرحمن الباشا ودايفيد ليفلي وعازف الكمان جيرار بوليه (Gerard Poulet).
العام 2000، نال جائزة «روسيني» (Rossini) التي تمنحها اكاديمية الفنون الجميلة في باريس. وبعد عامين صدرت له اسطوانة عن دار «ناكسوس» وأدت الأوركسترا السمفونية الوطنية في أوكرانيا (بقيادة فلاديمير سيرنكو) سمفونيته الرائعة «اطلال بيروت».
العام 2003، وصل الى نهائيات مسابقة «ماستر برايز» (Master Prize) العالمية للتأليف الموسيقي التي تقام سنوياً في لندن، حيث قدم مقطوعة بعنوان «الأنهار الغارقة»، وقد أدتها أوركسترا لندن السمفونية العريقة بقيادة دانيال هاردينغ، كما أدت المقطوعة فيها أوركسترا فرنسا الوطنية، على مسرح الشانزليزيه في باريس.

 

سبعون عملاً
ألّف بشارة الخوري ما يزيد على سبعين عملاً موسيقياً، وقد عزفت موسيقاه على أهم مسارح باريس، كما عزفت في : لندن، القاهرة، كييف، إيطاليا، ألمانيا، رومانيا، بيروت، والولايات المتحدة الأميركية.
بعض من أعماله السمفونية وضعه بناءً على طلب من هيئات موسيقية مرموقة في فرنسا: مثل اذاعة فرنسا وجمعية موسيقى الحرية الجديدة، والأوركسترا السمفونية الفرنسية.
كما وضع مؤلفات لآلة البيانو بناءً على طلب من المعهد العالي للموسيقى في باريس.
تولت نشر أعماله أهم دور النشر العريقة واحتفظت المكتبة الوطنية في باريس بمخطوطات له.
اختار بشارة الخوري باريس وطناً لموسيقاه، فسطعت مؤلفاته تحت عصا كبار قادة الأوركسترات، وتبنّت اعماله أوركسترا كولون الفرنسية العريقة التي خلدت اعمال الرومنطقيين الكبار في القرن التاسع عشر  أمثال ماهلر وتشايكوفسكي ورافيل ودوبوسي. وباتت مؤلفاته على قائمة واحدة مع مؤلفات هؤلاء، وآخرين مثل بتهوفن وشوبان وليست.
بشارة الخوري حالم كبير تحمل موسيقاه سحر الكلاسيكية المتجددة والمضمخة بالحنين، و«الأحلام تتحقق نغماً» كما يقول.

 

أوسمة وجوائز

يشغل بشارة الخوري منصب عضو في لجنة التحكيم التابعة للمعهد العالي للموسيقى في باريس، وأيضاً في الهيئة التحكيمية التابعة لأوركسترا اذاعة فرنسا، وذلك منذ العام 1979.
العام 2001 منحه رئيس الجمهورية العماد اميل لحود وسام الأرز من رتبة فارس.
والعام 2005 منحته مؤسسة مخزومي جائزة «لبنان الابداع».
وقبل ذلك، كرّمته المؤسسة اللبنانية للإرسال (1996) بمنحه درع الفنون والثقافة.