- En
- Fr
- عربي
إقتصاد ومال
من الذي يبيع الآن؟ ومن يحجم عن الشراء؟
بعد موجة الإرتفاع الكبيرة التي سجّلها سعر أونصة الذهب في السنوات الماضية، حيث لامس الـ 1900 دولار أميركي، تشهد الأسواق اليوم إنخفاضًا بنسبة 30 في المئة في الأسعار، حيث بلغ سعر الأونصة في الأسبوع الأخير من حزيران المنصرم 1291.21 دولارًا أميركيًا.
فما هو سبب هذا الإنخفاض؟ وهل زالت العوامل التي كانت قد أدّت إلى إرتفاع الأسعار بشكل جنوني؟
يشير الخبير والمستشار الاقتصادي الدكتور مروان اسكندر في حديث لمجلة «الجيش» إلى أن صناديق التحوّط (Hedge Funds) في أميركا وأوروبا، تتابع حركة أسعار العمولات والذهب والعقارات... وان أحد أصحاب هذه الصناديق ( George Soros)، قد راهن مرة على انخفاض سعر الجينيه الاسترليني، وهكذا حصل، فحقق أرباحًا بنحو مليار استرليني، نتيجة هذه المراهنة.
وأضاف قائلاً: «بعد مراقبة هذه الصناديق حركة سوق الذهب، توقعت انخفاضًا في سعر أونصة الذهب، فقامت ببيع العقود المستقبلية (Future Contracts) من الذهب، الأمر الذي ساهم بانخفاض سعر الأونصة».
ويوضح الدكتور اسكندر أنه «من الأسباب المباشرة التي أدّت أيضًا إلى انخفاض سعر أونصة الذهب ما يأتي:
- نتيجة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، وبسبب تعثّر بعض الدول في دفع مستحقات الديون لديها، لجأت إلى بيع احتياطها من الذهب (اليونان وقبرص).
- إرتفاع نسبة البطالة في عدة دول مثل فرنسا (١١ في المئة)، إسبانيا (٢٦ في المئة) وإيرلندا (١٢ في المئة)... ما دفع بالأفراد الى بيع مقتنياتهم من الذهب. وتسجّل عمليات البيع هذه مبالغ كبيرة جدًا، الأمر الذي أحدث خللًا بين العرض والطلب علمًا أنّ لهذا العامل دوره الأساسي والمباشر في تحديد سعر الأونصة.
- نتيجة للركود الاقتصادي العالمي، انخفضت نسبة النمو في كل من الصين والهند من ٨ الى ٤ في المئة، إضافة الى وضع ضرائب على استيراد الذهب، الأمر الذي خفّض من القدرة على شرائه، ولا سيّما في الهند، حيث المعتقد الديني يشجّع النساء على اقتناء هذا المعدن الأصفر الثمين والتزيّن به. وبالتالي فإن للسوق في الهند تأثيرًا على سعر الذهب من خلال حجم الطلب.
أما في ما خصّ الصين التي تملك نصف احتياطي العالم من العمولات الأجنبية والمقدر بـ ٣٥٠٠ مليار دولار، نصفها، أي نحو ١٦٠٠ مليار دولار سندات دين أميركية، فإنها تتّجه اليوم نحو الإستثمار المباشر في أفريقيا وأوروبا، وهي تهدف إلى السيطرة على كبريات الشركات العالمية.
الجدير بالذكر، أن أميركا تعتبر أكبر دولة صناعية مستثمرة في الصين، في قطاع الطائرات والسيارات ومولدات الكهرباء... وأن نسبة النمو في أميركا اليوم تبلغ نحو ٢،٥٠ في المئة، وتعتبر نسبة مرتفعة، مقابل نسب النمو المتدنّية في إنكلترا مثلًا ومعظم دول العالم، علمًا أن هذه النسبة قد تكون أكبر، ولكن السبب عائد الى سياسة التضييق التي تعتمدها المصارف الأميركية لناحية القروض المدينة، وذلك بسبب تسوية أوضاعها إثر الأزمة المالية العالمية».
وعن مدى صحة المفهوم السائد ومفاده أن سعر الذهب مرتبط بسعر الدولار الأميركي، أوضح الدكتور اسكندر أنه «لغاية العام 1971 كانت الدولة الأميركية في عهد الرئيس نيكسون، تأخذ من احتياطي الدول بالدولار مقابل الذهب بسعر ٣٥ دولارًا للأونصة الواحدة. أما اليوم فعوامل العرض والطلب هي وحدها التي تتحكّم بسعر الأونصة، علمًا أنه لا توجد فائدة على الذهب، بل على العكس يجب أن يُدفع لقاء حفظه في المصارف».
وعن الاحتياطي اللبناني من الذهب، قال الدكتور اسكندر: «يملك لبنان ٩ ملايين و٢٢٠ ألف أونصة من الذهب، نصفها موجود في المصارف السويسرية، وكذلك في البنك المركزي الأميركي، والدولة اللبنانية تدفع لقاء ذلك ١ في المئة سنويًا، أي ما يوازي ستة ملايين دولار».
وأشار الدكتور اسكندر أخيرًا إلى أن «السنوات الماضية شهدت تقلّبات حادة في سعر الأونصة، فالعام ١٩٨٢، إرتفع سعر الأونصة من ١٠٠ دولار إلى ٨٧٠ دولارًا، وخلال ستة أشهر إنخفض السعر ليصل إلى ٤٠٠ دولار للأونصة الواحدة.
أما اليوم، فإن نسبة الإنخفاض بلغت نحو ٣٠ في المئة، وأعتقد أنه على الرغم من وصول السعر إلى نحو ١٢٩٠ دولارًا، إلا أنه سوف يبقى في حدود الـ ١٥٠٠ دولار للأونصة».