- En
- Fr
- عربي
تربية وطفولة
ثقة الطفل بنفسه ضرورية جدًا لنموّه نفسيًا واجتماعيًا، ومن دونها لن يكون لديه أي شعور باحترام ذاته أو أي حافز لتنمية قدراته ومهاراته وطموحاته.
حين يبكي طفل الرابعة لأنّه لم يستطع ربط حذائه فلا بأس من مساعدته وتوجيهه بدلًا من انتقاده. فالانتقاد يُشعِر الطفل بالعجز فيستسلم لأي أمر صعب من الوهلة الأولى، وتقلّ ثقته بنفسه تدريجيًا فيعتمد على رأي الآخرين، ويشكّك في ذكائه وفي محبة الآخرين له.
في السابق، كان الأهل يعتقدون أنّ أفضل الطرق لبناء ثقة الطفل واحترامه لذاته هي الثناء المستمر غير المحدد، كأن يقال له: ما أجمل هذا الرسم الذي أنجزته وما أروع هذا البرج الذي بنيته. ولكنّ الخبراء المعاصرين يفضلون الثناء المجدي والذي يتوجه لعملٍ محدد، كأن يقال للطفل: لقد شغّلت خيالك الجميل لإنجاز هذا الرسم المميز، وأحسنت بناء هذا البرج ووضعت القطع الكبيرة في أساسه ليكون متينًا.أنت بذلت مجهودًا جسديًا وفكريًا وكانت النتيجة رائعة... بهذه الطريقة يدرك الطفل أنّه نال الثناء بفضل خياله ومجهوده وتعبه.
إنّ مساعدة الأهل لأطفالهم على بناء ثقتهم بأنفسهم تتطلب اتّباع طرق متدرجة وفق المراحل العمرية. ويقترح الخبراء التربويون طرق التعامل مع الطفل في المراحل المختلفة.
منذ الولادة حتى ١٨ شهرًا
يستطيع الطفل في هذه المرحلة أن يلتقط بعض ما يدور حوله. فإذا شعر بالراحة تجاه التعابير التي يراها على وجوه من حوله، يبدأ في تكوين شعور إيجابي عن العالم المحيط به وعن نفسه. إنّ إحساس الطفل بقبول والديه ومحبتهم ومداعبتهم، ومعاملتهم إياه وكأنّه يفهم لغتهم، يُشعِره بقيمته ويؤكّد له أنّ المحيطين به يرونه مهمًا ويحبونه. وهكذا ينمو حبه لنفسه وثقته بمن حوله، وبناءً عليه يبذل ما بوسعه من مجهود ليظهر أمامهم كل يوم بصورةٍ أفضل. لذلك نرى بعض الأطفال ينمون بسرعةٍ، وتزداد حركتهم وتظهر عليهم علامات الذكاء، وهي من أهم بوادر ثقة الطفل ومحبته لنفسه، وإرادته في أن يكون قويًا.
في المقابل نجد أنّ الطفل الذي يتجاهله والداه ولا يتجاوبان مع كلامه ويتركانه يبكي وحيدًا بحجة ألا يتعود على الغنج والدلال وليكون قويًا ويعتمد على ذاته، يشعر بعدم الحب والأمان ويصبح طفلًا قاسيًا وغير مبالٍ. إذًا، مرحلة بناء احترام الطفل لذاته تبدأ منذ سنته الأولى وتعتمد على تصرفات الوالدين معه وعلى الوقت الذي يقضيانه بقربه.
من ١٨ شهرًا إلى ٣ سنوات
يبدأ الطفل في هذا العمر بتطوير ذاته من خلال مراقبة سلوك والديه، فإن شعر أنّ الجو العائلي هادئ وفيه احترام وتفاهم، فلا بد أن يكتسب الهدوء والرصانة وأن يحب والديه. وهذا لا يمنع ارتكابه أحيانًا بعض الهفوات التي تتطلب من الوالدين التفهّم. فطفل الثالثة معرّض لأن يقضي حاجته في ثيابه، أو أن يتلفظ بكلماتٍ غير مقبولة، أو أن يتمرد بسبب عدم حصوله على لعبة... هذه الأمور تزعج الأهل، لكن عليهم أن يتعاملوا مع طفلهم بطريقةٍ تشعره بأنّه إنسان جيد، ولكن سلوكه هو السيّئ. يمكن أن يُقال له: يا صغيري الجميل، أنت الآن كبير ويجب أن تقضي حاجتك في الحمام، بدلًا من تأنيبه وتذكيره بأنّ الأطفال فقط هم الذين يفعلون ذلك في سراويلهم. ويمكن أن نقول له: حبيبي، الناس المهذبون يحترمون بعضهم البعض ولا يشتمون أحدًا، فالشتيمة ليست مستحبة وهي تهين وتقلل من قيمة قائلها، وتسيء إلى من تلقّاها، وبدلًا من الشتيمة حاول أن تحلّ الأمر بالتفاهم والمحبة. أما إذا حصل خلاف بين الإخوة فعلى الأهل عدم الانحياز إلى أي منهم، بل معاقبة الجميع إلى أن يتفقوا ويحلّوا الأمر في ما بينهم حتى ولو كانوا صغارًا، فبهذه الطريقة يتعود الإخوة الالتفاف حول بعضهم والتعاون لحل مشاكلهم من دون الرجوع إلى الأهل أو الاحتماء بهم، وهذا يثبت ثقتهم بأنفسهم وإرادتهم وقوة العلاقة بينهم. أما الصراخ والتمرّد فيُعالَجان بالدعم العاطفي وتفهّم أسبابه.
من ٣ إلى ٦ سنوات
في هذه المرحلة تزداد حاجة الطفل إلى الشعور بالأمان والثقة بالنفس ولكن من دون دعم الوالدين، واكتساب بعض المهارات يساعد في تثبيت هذه الثقة. اللعب وفهم الكلمات وارتداء الطفل ملابسه بمفرده وتنظيف أسنانه... مهارات، كلما زادت قدرته على إنجازها زادت ثقته بنفسه واحترامه لذاته، وانخراطه مع أقرانه في اللعب. ولكن هذه الثقة قد تتزعزع إذا رأى مثلًا أنّ الرسم الذي أنجزه رفيقه أفضل من رسمه، هنا على الأهل الاهتمام بالأمر بقولهم له: لا بأس... فكل واحد يتفوّق بأمرٍ ما، فمن يبرع بالرسم ليس بالضرورة أن يكون بارعًا في ركوب الدراجة أو الركض مثلًا، وأنت يا حبيبي تتفوق عليه بأشياء أخرى، فلا بأس إن أجاد الرسم أكثر منك. بهذه الطريقة نُبعِد عن الطفل مشاعر الغيرة من أصدقائه، ونساعده على تطوير مزاياه فيشعر بالراحة النفسية ولا يقلق بشأن حجم قدراته.
من ٦ إلى ٩ سنوات
إنّها مرحلة حسّاسة، ترتبط ثقة الطفل بنفسه خلالها بتفوقه على رفاقه في المدرسة. فإن كان ذكيًا ومجتهدًا نال التقدير والإعجاب من أهله ومعلميه وزادت ثقته بنفسه، وإن كان يعاني مشاكل في الاستيعاب وبطئًا في الحفظ أو الكتابة، فإنّه بلا شك سيواجه الخوف، ويخشى تأنيب الأهل. وبالتالي، تضعف ثقته بنفسه ويشعر بأنّ من حوله ينظرون إليه على أنّه فاشل أو كسول. هنا على الأهل معالجة الخلل ومعرفة أسبابه. بمساعدة أساتذته في المدرسة، ومن ثم تقوية ثقة الطفل بنفسه، يمكن أن يُقال له: لا بأس يا بني، حاول أن تستفيد قدر الإمكان في سنوات دراستك الأولى ونحن سنقف إلى جانبك ونساندك في المهنة التي تختارها، فلكل عمل أهميته الخاصة شرط ألّا يكون خارج نطاق القانون والإنسانية. عندها يبدأ الطفل بإبراز هواياته وطموحاته، وربما يفصح عمّا يرغب به بشجاعةٍ أكثر وراحة نفسية من دون خوف من العواقب، كما يدرك أنّ أي عمل بحاجةٍ أولًا إلى إجادة القراءة والكتابة، وأنّه لا بد من الاجتهاد أولًا ليتخطى هذه المرحلة من حياته بنجاح.
من ٩ إلى ١٢ سنة
يحتاج الطفل في هذه المرحلة من عمره إلى الصداقات، ويكون منفتحًا على الحياة ومتكلمًا ونشيطًا، ويحاول أن يثبت لمن حوله استطاعته الاعتماد على نفسه، واتخاذ القرارات التي تخصه بمفرده. ويمكن للولد في هذا العمر أن يتعرض إلى التهميش أو الطرد والإهانة من قبل أصدقائه فيترك ذلك أثرًا نفسيًا سيئًا عليه، هنا على الأهل التدخل لمعرفة السبب بطرقٍ دبلوماسية وعدم التدخل في المصالحة وترك شؤونها لأصحابها.
لا يُقال |
يُقال |
---|---|
- أنت سيّئ وغير مؤدّب. |
– لا تؤذِ الآخرين لأنّهم يحبونك. |
- كفّ عن النواح. |
– لا تبكِ، سنساعدك إن قلت ما هي المشكلة. |
- افعل ما أمرتك به. |
– ما رأيك لو تسمعني الآن، وسنتكلم عن السبب لاحقًا. |
- لماذا لا تكون مثل أخيك. |
– لدي مشكلة واحتاج إلى مساعدتك فجيلكم واع ٍوقادر على حل المشكلات. |