- En
- Fr
- عربي
في ثكناتنا
مسارٌ قانوني يكفل إحقاق الحق
توقيف مرتكبي الجرائم والمخالفين الذين يشملهم قانون القضاء العسكري، والتحقيق معهم وصولًا إلى إيداعهم السجون المختصة، مسارٌ تحكمه قوانين وإجراءات تكفل إحقاق الحق وإنزال العقوبة المناسبة بمن يستحقّها، من دون الإخلال بأي من المعايير التي تفرضها القوانين الدولية.
في ما يلي إضاءة على الموضوع من خلال، حديث مع رئيس قسم التحقيق والتدقيق في الشرطة العسكرية العميد الركن محمود عبدالله، وزيارة لسجن هذه الشرطة في الريحانية.
الشرطة العسكرية كضابطة عدلية
بداية لا بد من الإشارة إلى أن ضبّاط الشرطة العسكرية ورتباؤها يمارسون وظيفة الضابطة العدلية، فيتولّون التحقيق بالجرائم المرتكبة في المعسكرات والمؤسسات والثكنات العسكرية، والجرائم الواقعة على أحد العسكريين، وتلك المتعلّقة بأحد عسكريي الجيش إذا اقترفت أثناء الخدمة أو بسببها وكان لأحد المدنيين علاقة بها، وعلى الموظفين المدنيين والأجراء التابعين لمؤسسات وزارة الدفاع الوطني الرئيسية وللمحاكم العسكرية والأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع، وكان لهذه الجرائم علاقة بالوظيفة. يضاف إلى ما ذكر الجرائم والحوادث التي تمسّ مصلحة الجيش، أو التي يقترفها رجال الجيوش الأجنبية أو الموظفون المدنيون لديها أو التي تقع عليهم أو تمسّ بمصلحتهم، والجرائم التي يرتكبها أسرى الحرب أو تقع عليهم، وكل قضية تكلفّها بها النيابة العامة العسكرية، أو السلطات العسكرية ذات الصلاحية.
قسم التحقيق والتدقيق
يوضح رئيس قسم التحقيق والتدقيق العميد الركن عبد الله أن هذا القسم يعتبر قلب الشرطة العسكرية النابض، وذلك بفضل طبيعة عمله وحجم مهماته. وهو يتألّف من فرعي التحقيق والتدقيق وأمانة السر، ويقوم بمهماته تحت إشراف قائد الشرطة العسكرية.
فرع التحقيق
يتولّى فرع التحقيق مهمة التحقيق في القضايا المكلّف بها، وذلك في ظل متابعة متواصلة تمارسها (وفق الصلاحية) قيادة الجيش- أركان الجيش للعديد، قسم الإنضباط والقضاء العسكري، أو النيابة العامة العسكرية. ويتمّ تنظيم محضر تحقيق لكل حالة من قبل ضابط محقق أو رتيب متخصّص، وبإشراف ضابط محقّق، في الملفات المتعلّقة بـ:
- المشاكل الطارئة بين مدنيين وعسكريين.
- موقوفو دوريات القطع والوحدات بموجب موجز معلومات.
- الإحالات الواردة من قيادة الجيش- أركان الجيش للعديد لإجراء التحقيقات في مواضيع محددة.
- الشكاوى الواردة من النيابة العامة العسكرية.
- محاضر من قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة.
مواضيع التحقيق
تشمل مواضيع التحقيق الحوادث التي يتعرّض لها العسكري داخل مركز عمله وخارجه، بالإضافة إلى من هم على عاتقه.
وتشمل أيضًا، قضايا فقدان أو إتلاف عتاد أو معدّات أو أمتعة عسكرية أو مستندات عائدة لعسكريين أو لموظفين مدنيين لدى الجيش (في الخدمة الفعلية أو متقاعدين) أو لذويهم، وحوادث الاصطدام بين الآليات العسكرية أو مع الآليات المدنية.
يضاف إلى ما ذكر، الجرائم التي تحيل مرتكبها أمام القضاء العسكري، كالسرقة أو الفرار أو القتل أو التزوير أو جرائم التهديد... والأوضاع الإدارية، (كزواج العسكري من دون رخصة)، ومخالفات الإنضباط أو الخلاف بين عسكريين، وتوقيف مدنيين من دون أوراق ثبوتية...
يحضر التحقيق كاتب عدلي يقوم بتدوين الإفادات والملاحظات ويوقع على المحضر أسوة بالمحقق. وفي حال التحقيق مع قاصر، يحضر إلى الكاتب العدلي، فرد بالغ من عائلته إذا كان مدّعيًا، أو مندوبة الأحداث إذا كان مدّعى عليه.
يبدأ التحقيق مع المستجوب بعد أن تتلى عليه حقوقه المنصوص عنها في المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية. ويوقع صاحب العلاقة على أقواله المدوّنة في محضر التحقيق، ولا يحق له إجراء أي مقابلة أو إتصال خلال فترة التحقيق.
ينتهي التحقيق بمراجعة السلطة التي أمرت به ويعمل بإشارتها لناحية إخلاء السبيل أو التوقيف. تمتد فترة التوقيف رهن التحقيق القانونية لمدة 48 ساعة قابلة للتجديد مدة 48 ساعة أخرى (قانون المحاكمات الجزائية المادة 47).
فرع التدقيق
ويتولّى فرع التدقيق مهمة التدقيق في ملفات التحقيق الواردة من فرع التحقيق ومن قيادات الشرطة في المناطق، وتلك الواردة من فصائل الشرطة العسكرية في الوحدات الكبرى والأجهزة الأمنية الأخرى (قوى أمن داخلي، أمن عام وأمن دولة).
عندما تكون التحقيقات مكتملة، يُحيلها مع الموقوفين، والمصادرات إذا وجدت، إلى المراجع المختصّة؛ أما إذا لم تكن مكتملة، فهو ينظّم لائحة بالنواقص المتوجّب إتمامها، ويعيدها إلى مصدرها لإتمام التحقيق فيها.
أمانة السر
أمانة السر في القسم هي عصبه، وفق ما يقول العميد الركن عبدالله، ففيها يتمّ استلام الملفات والإحالات والتكاليف، حيث تسجّل وتسلّم إلى الفرع المعني للمعالجة.
ويمرّ العمل في أمانة السر في عدة مفارز (طباعة، تدقيق، فرز، تصوير، أرشفة بواسطة السكانر) حيث ينتهي بإتمام الملفات بغية إحالتها إلى المراجع المختصة.
السجون العسكرية
بانتهاء مرحلة التحقيق يصبح مرتكبو الجرائم والمخالفات أمام مرحلة أخرى تؤدّي الدور الأساسي فيها سرية التأديب. فهذه السرية تنفّذ المذكرات العدلية الصادرة عن النيابات العامة، والعقوبات المفروضة بحق العسكريين بموجب برقيات صادرة عن قيادة الجيش، كما تتولّى تأمين حراسة قيادة الشرطة العسكرية والسجون العسكرية.
والسجون التابعة لقيادة الجيش هي: سجن المحكمة العسكرية، سجن الشرطة العسكرية، سجون سرايا الشرطة العسكرية في المناطق، سجن مديرية المخابرات، وسجون فروع مديرية المخابرات في المناطق. ويوضع في هذه السجون وبناء لأمر مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، الموقوفون والمتّهمون والمحكومون بالجرائم التي ينصّ عليها قانون القضاء العسكري، أيًا كانت مدّة عقوبتهم.
يحدد النظام الداخلي للسجون التابعة لوزارة الدفاع الوطني – قيادة الجيش حقوق الموقوفين والمسجونين وواجباتهم، كما يحدد واجبات آمري السجون وصلاحياتهم والقواعد والأصول المتّبعة لتدبير شؤون السجناء وتأمين سوقهم إلى المحاكم المحددة وإفادة السلطات المختصّة عن أحوالهم وأوضاعهم (المرسوم رقم 6236 تاريخ 17/1/1995).
سجن الشرطة العسكرية
يتمتّع سجن الشرطة العسكرية بمواصفات جيدة من حيث البناء والتجهيزات اللازمة لراحة الموقوفين. وهو مجهّز بنظام تهوئة، وأجهزة تلفزة وجهاز لسماع الموسيقى. ويضمّ السجن باحات مخصصّة للنزهة تدخل إليها أشعة الشمس عبر فتحات مسقوفة بألواح من البلاستيك، يتمّ إخراج الموقوفين إليها للتنزّه في أوقات محددة. كما تتوافر في السجن مكتبة تؤمّن للسجناء كتبًا للمطالعة.
وتحرص قيادة الشرطة على تطبيق المعايير الدولية الخاصة بالسجون ومنها: تأمين مراحيض كافية للموقوفين، وكابينات للاستحمام بالمياه الساخنة. كما يوجد داخل غرف السجن نظام إنذار لمكافحة الحرائق، وتمديدات إطفاء لاستعمالها عند الضرورة.
وتؤمن إدارة السجن مكانًا تتمّ فيه المواجهات مع الزائرين بمعدل ثلاث مرات أسبوعيًا، فضلًا عن أيام أخرى مخصّصة لزيارة المحامين.
كما يوجد أماكن مقفلة مخصّصة لوضع أمتعة الموقوفين التي يمنع إدخالها إلى السجن.
النظافة والصحّة والتغذية وزيارات الصليب الأحمر
السجن ليس فندقًا بالطبع، لكن مع ذلك، فإنّ حقوق الإنسان ينبغي أن تظلّ المبدأ الأساسي في التعاطي مع السجناء والموقوفين. وانطلاقًا من هذا المبدأ تُحترم جميع الحقوق التي ينصّ عليها القانون.
النظافة الشخصية أمر يلقى اهتمامًا كبيرًا في السجن، لذلك يستحمّ الموقوفون بمعدل 3 مرات أسبوعيًا (وفق التعليمات)، وإلى حلاقة الشعر، تؤمّن نظافة السجن يوميًا، باستعمال المواد المطهّرة الفعّالة، كما تحرص الإدارة على المحافظة على نظافة أواني الطعام وحفظها بطريقة صحيّة، وعلى غسل بدلات الأسرّة، وتعقيم الفرشات وتعريضها لأشعة الشمس بصورة دورية.
أمّا من ناحية الرعاية الصحيّة، فهي مؤمّنة في مستوصف الشرطة 24/7. حيث يزور طبيب الصحة العامة السجن 5 أيام في الأسبوع، بينما يداوم طبيب نفسيّ يومين في الأسبوع، وثمة طبيب أمراض جلديّة يعاين جميع الموقوفين مرّة أسبوعيًا ويطّلع على أوضاع السجن والسجناء، منعًا لتفشّي الأمراض المعدية. هذا بالإضافة إلى نقل الحالات الطارئة إلى المستشفى، ووجود ممرّض يتولّى إعطاء الدواء للمرضى في الأوقات المحدّدة. أما التغذية فهي مؤمّنة في المطابخ العسكرية التي يتغذّى منها عناصر الشرطة أنفسهم وبمعدّل ثلاث وجبات يوميًا.
وتقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارات للسجن تطّلع خلالها على أوضاع الموقوفين، وذلك استنادًا إلى المرسوم رقم 8800 تاريخ 4/10/2002، الذي يسمح لمندوبي اللجنة بزيارة السجون مرّة في الشهر. تُقَدَّم لهؤلاء جميع التسهيلات بما في ذلك مقابلة جميع الموقوفين من دون حضور حرّاسهم.
حقوق الموقوف
يتوجّب على الضابط العدلي القائم بتحقيق عدلي إبلاغ المشتبه به أو المشكو منه حقوقه المنصوص عنها في المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، قبل ضبط إفادته، وتضمين المحضر هذا الإجراء، وهذه الحقوق هي:
- الاتصال بأحد أفراد عائلته أو بصاحب العمل أو بمحامٍ يختاره أو بأحد معارفه.
- مقابلة محامٍ يعيّنه بتصريحٍ يدوّن على المحضر من دون الحاجة إلى وكالة وفق الأصول.
-الاستعانة بمترجم محلّف إذا لم يحسن اللغة العربية.
- تقديم طلب مباشر، أو بواسطة وكيله أو أحد أفراد عائلته إلى النائب العام بعرضه على طبيب لمعاينته.