- En
- Fr
- عربي
الجيش والمجتمع
الجيش اللبناني ومعهد باسل فليحان المالي
يعود التعاون القائم بين الجيش اللبناني ومعهد باسل فليحان المالي والاقتصادي إلى نحو عشر سنوات، وقد كانت له ثمار طيّبة على مستوى الجانبين، كما على مستوى المصلحة العامة.
للإضاءة على هذا الموضوع، كان لمجلة «الجيش» لقاء مع رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي السيدة لمياء المبيّض بساط، التي تحدثت عن نقاط الالتقاء وعن الأهداف وصولًا إلى اتفاقية التعاون التي وقّعت منذ أشهر قليلة.
المعهد ومسيرة التعاون مع الجيش
• متى تأسس المعهد، وما هي أهدافه؟
- بدأ العمل بمعهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، التابع مباشرة لوزارة المالية، في العام 1996، وانصبّت جهوده في تلك الفترة على تحديث وزارة المالية. وبين العامين 2004 و2005 فتح المعهد أبوابه أمام باقي إدارات الدولة ومؤسساتها العامة بهدف مشاركة كل من يتعاطى إدارة المال العام معرفة التقنيات والعلوم الجديدة في هذا المجال، فالمعهد هو مركز تدريب على إدارة المال العام لبناء القدرات الوطنية.
• متى بدأ التعاون بين معهد باسل فليحان والجيش؟ وكيف؟
- في العام 2006 انطلقت الشرارة الأولى بين المعهد ومؤسسة الجيش عندما استقبل المعهد موظفين في جهازها الإداري، من ضباط وأفراد، بهدف تطوير قدراتهم. وقد شاركوا للمرة الأولى في إعداد الموازنة العامة، وكرّت السبحة. وأتت اتفاقية التعاون التي وقّعت بين الطرفين هذا العام، وبعد عشر سنوات من العمل المشترك، لتضيف بعدًا تخصصيًا ولتجسّد الرغبة المشتركة بتأسيس شراكة دائمة وبتعزيز آليات التواصل وتبادل الخبرات في المجالات العلمية التي يمكن أن يملك فيها أحد الفريقين المعرفة والاختصاص والخبرة.
• علام يقوم التعاون بين الجهتين؟
- كما هو معلوم، فإن المؤسسة العسكرية لديها العديد من معاهد التدريب الذي يعتبر من المواد الأساسية في الحياة العسكرية. من هنا فقد اكتسبنا من الجيش الكثير من التقنيات في تحضير المواد التدريبية وفي تقييم التدريب من خلال تبادل الخبرات. وقد عقد لهذه الغاية اجتماعات عدة إن في كلية فؤاد شهاب أو في معهد باسل فليحان أو مع شركاء آخرين شاركوا في التدريب. ونتج عن هذه الاجتماعات تعاون بين معهد باسل فليحان ومديرية الشؤون الجغرافية في الجيش، لإعداد وتنفيذ برنامج تدريبي لحوالى 80 مسّاحًا في مديرية الشؤون العقارية، يبدأ في مطلع شهر نيسان. ولم تكن هذه البرامج لتتحقق لولا التعاون الكامل والتنسيق الذي أبدته مديرية التعليم في الجيش، التــي وضعــت كــل إمكاناتهــا وقدراتهــا في سبيـــل إنجــاح البرامــج المشتركــة.
ثمار طيبة
• ماذا تحقق لغاية اليوم؟
- استقبل المعهد خلال السنوات الخمس الماضية أكثر من 200 عنصر إداري وعسكري شاركوا في برامجه التدريبية العامة والمتخصصة في مواضيع شملت تقنيات التحقيق، وعلم النفس الإجرامي، ومكافحة تبييض الأموال، والجرائم المالية، وتمويل الإرهاب.
إضافة إلى ذلك، كان للجيش اللبناني مشاركة فاعلة في الشهادات التخصصية في الشراء الحكومي وبرنامج استراتيجيات الشراء التي ينظّمها المعهد بالتعاون مع معهد الشراء والتوريد في بريطانيا (CIPS) حيث تميّز المشاركون في امتحانات الشهادة. كما كانت للجيش أيضًا مشاركة متواصلة في مواضيع متعلقة بتقنيات تدريب الكبار، كهندسة برامج التدريب وتدريب المدرّبين وغيرها.
وفي العام 2008، وبناء على كتاب من قيادة الجيش، أقمنا دورات تدريبية للعاملين في القوى المشتركة لمراقبة وضبط الحدود. كما نظّمنا حلقة متخصصة بعنوان «جريمة تبييض الأموال وعلاقتها بالإرهاب» خلال العام 2013.
من جهته، ساهم معهد باسل فليحان في تنظيم المؤتمر الثالث لمركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني بعنوان «العالم العربي 2013: ديناميات التغيير، التحديات في الأمن والاقتصاد والإدارة السياسية» وقدّم بحثًا من ضمن فعالياته.
وقد توّج العمل المشترك في العام 2014 بإعداد وتنفيذ برنامج متخصص في إدارة المال العام لمجموعة من 23 ضابطًا إداريًا يتابعون دورة الإدارة المتقدّمة في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان. تناول البرنامج عشرة مواضيع تدريبية تمحورت حول إعداد الموازنة وتنفيذها، الشراء العام، الضرائب والرسوم، الرقابة والتدقيق، المحاسبة العمومية، إضافة إلى قانون التجارة وقانون العمل ونظام الموظفين والثقافة الاقتصادية. أما الإنجاز الأهم بين الجهتين فهو الشبكة الوطنية للتدريب.
• ما هي المبادئ المشتركة بين الجيش ومعهد باسل فليحان؟
- ما يجمع المؤسستين حرصهما المشترك على المبادئ والقيم التي تؤسس لبناء الأوطان. من هنا فإنّ أوجه الشبه تتمحور حول مفهوم الخدمة، الحرص على نوعية العمل، تأكيد ضرورة التعلم والتدريب كأساس لبناء المؤسسات، الثقة المتبادلة، وغيرها من المواضيع.
الشبكة الوطنية للتدريب
• ما هي الشبكة الوطنية للتدريب؟
- نتيجة لإدراك الفريقين ضرورة توسيع مروحة التعاون لتشمل جميع الجهات المعنية بعملية بناء القدرات في الدولة اللبنانية وصولًا إلى وضع ملامح لرؤية استراتيجية وطنية، كان لمعهدنا ولمديرية التعليم في الجيش اللبناني، دور تأسيسي العام 2013 في إطلاق الشبكة الوطنية للتدريب.
هذه الشبكة هي تجمّع تنسيقي لتبادل الخبرات ولتحديث الممارسات الحالية ولتعميم لغة جامعة يتشارك فيها مقدّمو خدمات التدريب في القطاع العام وطالبوها. ومن ضمن هذه المبادرة، استضافت كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان اجتماع عمل لأعضاء الشبكة إضافة وورشة حول «قياس أثر التدريب» عرضت خلالها الكلية منهجيتها في تقييم التدريب. ومن خلال هذه الخطوة حققنا خرقًا كبيرًا على صعيد كل المؤسسات (عددها 22) التي انضمت إلى الشبكة.
• كيف انعكست هذه الشبكة على الأداء العام؟
- مقارنة بالمرحلة السابقة أي قبل مرحلة التدريب، لقد تحسّن الأداء العام بشكل ملحوظ على الرغم من كل العوامل الأخرى التي تؤثر سلبًا في بعض الأحيان على هذا الأداء. والبرهان على ذلك، الأعداد الهائلة من الموظفين الإداريين الذين يأتون إلى المعهد لمتابعة دورات التدريب.
أما التحدي الكبير اليوم فهو القدرة على تغيير أداء أي مؤسسة للوصول إلى الغاية المنشودة، مع التشديد على أن التدريب ليس ترفًا، وإنما وسيلة من وسائل الإدارة الجيّدة والتطوّر.
مشاريع مقبلة
• ماذا تحضّرون للمستقبل؟
- نحن بصدد التحضير لمواضيع عديدة ومتنوعة منها تحديث المناقصات حيث للجيش دور كبير في هذا المجال. يضاف إلى ذلك، الشهادات التخصصية بشقّيها: الشراء العام والشراء العام الاستراتيجي. وللحصول على هذه الشهادات على المشترك أن يتابع دورة كاملة متخصصة (للذين يمارسون عملية الشراء) من خمسة أيام أو أكثر (حسب البرنامج)، يخضع بعدها لامتحان الشهادة. كما أن العمل سيتركز على المواضيع التي تخص الشبكة الوطنية للتدريب لتحديد معجم الكفايات وبرامج التدريب، وعلى البرامج المالية التي تتعلق بالمحاسبة العمومية والرقابة والتدقيق. ونحن نعتمد كثيرًا على الجيش لتطوير قدرات المحررين والمسّاحين في ما يتعلق بالمساحة.
• هل من كلمة أخيرة؟
- إن معهد باسل فليحان المالي يعتز بتعاونه مع الجيش اللبنانـي ويـرى فيه خطوة مميزة ونوعية يمكن ترجمتها على أكثر من صعيد، ولا سيما في ظل التحديات التي يواجهها العاملون في الإدارة العامة على المستويين العسكري والمدني. ولقد فوجئنا بالفعل بمدى انفتاح الجيش وسعة اطلاعه على مواضيع تتصل بتقنيات التدريب، الأمر الذي أفدنا منه كثيرًا ليس فقط على صعيد المؤسسة إنما أيضًا كأفراد. وقد توصلنا إلى المزج بين ثقافتين: ثقافة مؤسسة عسكرية كبيرة بحجمها وثقافـة مؤسســة مدنيــة صغيــرة بعددها.
وقبل أن نختم المقابلة، أودّ أن أستشهد بما يجري بيني وبين أولادي عندما أسألهم عن مفهومهم للدولة ونظرتهم إليها فيأتي الجواب قاطعًا لا يحتـوي على أي تأويل أو مواربة، إذ يعتبرون بأن البذة العسكرية تمثل بذاتها الدولة بكاملها...
لقد أثبتت المؤسسة العسكرية دائمًا صدقيتها وشفافيتها في طريقة تفاعلها مع القضايا الوطنية. وبما أننا عشنا فترة الحرب، فنحن نتطلّع اليوم إلى الأمان والاستقرار اللذين لا نراهما إلا من خلال المؤسسة العسكرية وأدائها.