مناسبة

ثقة المواطنين بالمؤسسة العسكرية غطاء سياسي وشعبي وشرعي لها

زار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وزارة الدفاع الوطني وقيادة الجيش في اليرزة، ومن هناك اكد تفويض المجلس العسكري بأعضائه الحاليين وبرئاسة قائد الجيش تولي شؤون المجلس مجتمعًا، مشددًا على عدم السماح بحصول فراغ في المؤسسة العسكرية.
وإذ دعا إلى عدم تحويل لبنان مجددًا إلى ساحة لتصفية الحسابات، شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة اجراء الانتخابات، معتبرًا أنها مظهر ديموقراطي تميّزنا به منذ سبعين سنة... ونوّه الرئيس سليمان بأن المواطنين الذين يثقون بالمؤسسة العسكرية يشكلون الغطاء السياسي والشعبي والشرعي لها، داعيًا السياسيين إلى عدم استعمال الجيش لتأمين الغطاء لأنفسهم...

زيارة غرفة عمليات القيادة وكلمة قائد الجيش
وصل رئيس الجمهورية إلى مبنى القيادة في اليرزة حيث كان في استقباله وزير الدفاع الوطني فايز غصن وقائد الجيش العماد جان قهوجي ورئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان. وبعد مراسم التشريفات، توجّه الرئيس سليمان إلى غرفة عمليات قيادة الجيش حيث قدّم مدير العمليات إيجازًا حول عمل الغرفة، قبل ان يلقي العماد قهوجي كلمة قال فيها:
«فخامة الرئيس، أيها الحضور الكريم
يشرّفنا أن نستقبلكم اليوم في مقر قيادة الجيش، في خضمّ الاستحقاقات الكبيرة التي يواجهها لبنان، وفي وقت يتعرض الجيش لحملة استهداف كبيرة.
إن وجودكم اليوم هنا يا فخامة الرئيس، يؤكّد للعسكريين والضباط أن السلطة السياسية تقف إلى جانبهم، وأنها تفعل ما يتوجب للحفاظ على المؤسسة العسكرية التي ضحّت ولا تزال من أجل وحدة لبنان واستقلاله وسيادته.
إننا نجدّد العهد، باسم شهداء الجيش والجرحى والمعوقين من أبنائه، بأننا سنبقى جيشًا موحدًا، وفيًا في التزاماته من أجل الحفاظ على المبادئ الدستورية، من أجل وطن سيد حر ومستقل. فنحن الوحيدون القادرون على حماية الوطن، من استهدافات الداخل والخارج، ولن نسمح بأي تطاول علينا يهدف إلى إخراجنا من المعادلة كي تسنح الفرصة للمتآمرين بضرب وحدة لبنان.
ونحن إذ نبدي استعدادنا لأي عمل يخدم مصلحة وطننا والحفاظ على مؤسساته الدستورية، نؤكّد أن حماية الجيش الموحد والقوي مسؤولية السلطة السياسية التي يجب أن تكون حامية له وضامنة لعمله الميداني.
نحن يا فخامة الرئيس نعوّل على قدرتكم ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة في إخراج لبنان من أزمته الراهنة، وفي تشكيل مظلة سياسية للجيش كي يقوم بواجبه كاملاً، وكذلك الأمر في التخفيف من الضغوط والمتطلبات التي يحتاجها الجيش للقيام بدوره في تأمين السلم الأهلي من دون أن يكون خاضعًا للتجاذبات السياسية أو معالجة الإشكالات الداخلية والإدارية التي تعيق عمله».

كلمة الرئيس سليمان
بعد ذلك، توجّه الرئيس سليمان إلى مقصف القيادة برفقة وزير الدفاع وقائد الجيش ورئيس الاركان حيث التقى كبار الضباط وألقى كلمة جاء فيها:
«سررت بغرفة العمليات المتطورة التي شاهدتها والتي يحتاجها الجيش كما يحتاج إلى اكثر منها. إن زيارتي إليكم اليوم تأتي عشية عيد المقاومة والتحرير بالرغم من أن معاني المقاومة والتحرير لم تكتمل بعد، وهي تأتي غداة يوم الأسير اللبناني بعد تحرير الأسرى في معتقل الخيام. وللأسف يتزامن اليوم مع مرور سنة على خطف اللبنانيين في أعزاز، وقرابة الشهرين على خطف المطرانين في سوريا. من هنا نتوجه إلى جميع الدول العربية والدولة التركية الصديقة لبذل كامل الجهود المتاحة لديهم لتحرير هؤلاء المخطوفين الذين لا يساعد اختطافهم اي قضية لا بل يضر بسمعة الجهة الخاطفة. كما يصادف اليوم ذكرى 24 ايار آخر يوم كنت فيه في قيادة الجيش، حيث عقدت اجتماعًا في هذه القاعة بالذات مع وفد اجنبي كبير. لقد تركت قيادة الجيش بالجسد فحسب، إلا أن القلب والروح بقيا معلقين في هذا المكان الذي يعني لي الكثير».
أضاف: «إني أزوركم اليوم فيما يمر الوطن بظروف صعبة، وفترة صعبة جدًا من جراء ما يحيط به من اضطرابات عديدة، والآمال معلقة عليكم وهي تزداد كلما ازدادت الصعوبات. وإني أوجه من هذا المكان تحية إلى ارواح الشهداء الذين سقطوا خلال الأسابيع الأخيرة، وكذلك إلى جميع الشهداء الذين سقطوا في عرسال وفي جميع المهمات التي يقوم بها الجيش. إني أزوركم والنيران تشتعل لدى الشقيق السوري، فيما لا يزال الجرح في طرابلس نازفا انعكاسًا لما يجري في سوريا...».
وإذ تناول تعثّر تشكيل الحكومة، قال إنه يدعم الرئيس المكلف بشكل كامل لممارسة وطنية بعيدة عن الكيدية تتعلق فقط بمصلحة لبنان...
 وقال الرئيس سليمان: «إن الموضوع الأساسي يكمن في معرفة كيفية حماية لبنان والحفاظ على استقراره الأمني والاقتصادي. إننا نحمي لبنان أولًا بتطبيق القرار 1701 والتزام قرارات الشرعية الدولية التي نصت عليها مقدمة الدستور اللبناني، وثانيًا، بإعلان بعبدا الذي توافقنا عليه في هيئة الحوار والذي ينص على الابتعاد عن سياسة المحاور والحياد عن تداعيات الأحداث التي تحصل في العالم العربي، ما عدا الإجماع العربي حول القضية الفلسطينية التي ضحى لبنان كثيرًا من أجلها. وهذا الإعلان نال قبولًا واعتمد كوثيقة لدى المنظمات الدولية، وأبرزها منظمة الأمم المتحدة. أما الأمر الثالث الذي يؤمّن حماية لبنان، فهو الاستراتيجية الدفاعية التي تقدمنا بها إلى هيئة الحوار وأعلنت في وسائل الإعلام، إلا أن المجال لم يفسح امام مناقشتها والتوصل إلى قرار نهائي بشأنها...».
وشدد الرئيس سليمان على أن: «شهادتي بالجيش اللبناني مجروحة لا سيما وانه من أكثر جيوش العالم المدعومة من الشعب، ومثّل ولا يزال، خشبة الخلاص للمواطنين بعد كل تجربة صعبة مر أو يمر بها وما اكثرها، من تجربة عكار العام الماضي، وعرسال، فطرابلس...». وقال، «إن على الجيش أن يحمي المواطن في طرابلس وفي صيدا ويدافع عن الحدودلحة والمسلحين، بالإضافة إلى مهمات  أخرى كثيرة. وبعد كل تجربة يخرج الجيش أقوى بكثير من السابق فهو اكتسب مناعة كبيرة، وثقة المواطنين به كبيرة جدًا، وهم يشكلون الغطاء السياسي والشعبي والشرعي له، وعلى السياسيين، والحكومات... أن يؤمنوا الغطاء السياسي للجيش في كل تحركاته، ليس على قاعدة استعمال السياسيين له لتأمين الغطاء لأنفسهم. فالغطاء السياسي هو للجيش، والحكومة ملزمة بتنفيذ إرادة الشعب وتشريع هذا الغطاء. ولكم مني الدعم الكامل، وانتم تعرفون ذلك، وانا أكرر موقفي في اتصالاتي مع قائد الجيش وفي المجلس الاعلى للدفاع وفي مجلس الوزراء. إن الغطاء كامل في جميع المهمات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن...».
وأضاف: «إن حقوقكم لم تصلكم من الدولة منذ القدم... إلا أن العجلة بدأت بالدوران، وقد أحلنا في الحكومة مشروع قانون برنامج لتسليح الجيش بمليار وستة ملايين، وإني مدرك أنكم بحاجة إلى حوالى خمسة مليارات لكي تتمكّنوا من أداء مهماتكم، وهذا ليس بكثير...».
وختم رئيس الجمهورية قائلاً: «إنكم الضمانة الأساسية لدولة القانون والمؤسسات. إن مناسبة اليوم هي عيد التحرير، إلاّ ان لبنان للأسف لم يقطف ثمار التحرير، لقد حررنا الأرض إلا اننا لم نحرر الإنسان، فالتبعية لا تزال موجودة والمذهبية تتعمم، إلّا في الجيش الذي لا اخاف عليه من اي كلام عن المذهبية. فليكفّ الجميع، مسيحيين ومسلمين، عن اتخاذ الجيش غطاء، فالسياسيون الذين يتكلمون بهذا المنطق يستجلبون الغطاء لأنفسهم لكسب بعض الأصوات...».