قواعد التغذية

بسبب الظروف الصعبة التي يمرّ بها التلامذة وأهلهم على حدّ سواء، يُلاحظ لدى الكثيرين منهم ميل إلى التشتت وضعف في التركيز. فهل للغذاء دور في رفع مستوى التركيز؟ وما هي الأطعمة التي تغذي الدماغ وتؤثر بالتالي إيجابًا على التركيز؟
 توضح اختصاصية التغذية هزار زراره أنّ التغذية يمكن أن تؤثر بشكل مباشرعلى معدّل الذكاء وتقوي الذاكرة، ولأنّ أجسامنا تحتاج إلى طاقة كي تؤدي وظائفها بشكلٍ سليم، ينبغي أن نحرص على الحصول على قدر منتظم من الطاقة. وقد بيّنت دراسات شملت عددًا كبيرًا من الطلاب أنّ الذين يتناولون فطورًا صحّيًا قبل الخضوع للإمتحانات، يؤدّون واجباتهم بطريقة سلسة ويجدون مسابقاتهم سهلة ويحصلون على تقديرات جيّدة.
 

كيف نبدأ يومنا غذائيًا؟
بداية، نحتاج أن نبدأ يومنا بالكربوهيدرات أي بالنشويات والسكريات المركبة كمنتجات الحبوب الكاملة، رقائق القمح والذرة قليلة السكر وحبوب الشوفان، وكلها أطعمة تغذي الخلايا الرمادية في الدماغ، يساعدها في إتمام هذه الغاية زيادة حصّة البروتين من خلال شرب الحليب أو اللبن أو تناول البيض.
 

وماذا بعد؟
تأتي بعد ذلك الأحماض الدهنية الأساسية خصوصًا حمض الأوميغا 3 الذي يعزّز عمل الدماغ ويزيد نشاط المخّ ويوفّر قدرة أكبر على الاستيعاب وحفظ المعلومات. تحتوي الأسماك الدهنية على كميات عالية من هذا الحمض (الماكريل، السردين، السلمون)، يليها الأفوكا والمكسرات النيئة كالجوز واللوز، بالإضافة إلى زيت الزيتون.
وللمحافظة على مستوى السكّر ثابتًا في الدّم، ينبغي تناول الفاكهة والخضار والبقوليات (ذات الأوراق الداكنة) الغنية بالمعادن (خصوصًا الزنك) والفيتامينات والسكر الطبيعي.
لا تقل الأغذية الغنية بالأنثوسيانين أهمية عن الأطعمة السابقة، فهي تحسّن الذاكرة والرؤية قصيرة المدى وتحافظ على صحّة الأوعية الدموية، كما أنّها مضادة للأكسدة. نجد هذه المادة في أنواع التوت المختلفة والفريز والعنب الأحمر...
البرغل والعدس والأرز والبطاطا المشوية والمعكرونة، أغذية غنية بالحديد والألياف والبروتين والكالسيوم والماغنيزيوم والزنك، وتناولها يبعد عنّا التوتر والتشنجات، وبالتالي نستطيع التركيز بشكل أفضل، ونحافظ على نشاطنا لمدة أطول.

نصائح
وكإضافات ذهبيّة تمنح وظائف الدماغ الإدراكية حماية أطول، تشدد زراره على مجموعة من النصائح تتلخص بالآتي:

• الابتعاد عن المنبهات كالنسكافيه، الكابوتشينو، القهوة (وهي مضرّة عامة للأطفال ومن هم تحت سن الرشد، إذ تسبب أضرارًا في وظائف الدماغ وتمنع نموه بشكل سليم) والمشروبات الغازية يضاف إليها الكحول ومشروبات الطاقة والشاي. هذه المشروبات تدر البول وتفقد الجسم السوائل فتسبب ألم الرأس وتضعف التركيز وتمنع امتصاص الجسم لمعدن الحديد، كما أنّها تسبب التوتر نتيجة تأثيرها بشكل سلبي على دورة النوم الطبيعية للإنسان.
• التركيز على شرب الماء بمعدّل ليترين ونصف يوميًا لتجنّب الجفاف. ويُعتبر تناول عصائر الفاكهة الطبيعية الغنية بفيتامين C من أكثر المشروبات إفادة في تحسين الدورة الدموية التي تنقل الأوكسيجين إلى أعضاء الجسم ومن بينها الدماغ.
• للنوم المبكر فوائد ذهبية أيضًا، ساعات النوم التي لا تقل عن ثمانٍ يوميًا تعطي الطاقة المناسبة للدرس.
• تنظيم أوقات الدرس ضروري أيضًا، لذلك لا بد من وضع برنامج يحدد الأوقات المناسبة لكل مادة، فبعض المواد تتطلب تركيزًا أكثر من غيرها وينبغي أن تُدرس خلال ساعات الصباح الأولى، مع ضرورة التنبه للدرس في غرفة هواؤها منعش وإضاءتها قوية، لأنّ الظلام وانعدام الأوكسيجين يبعثان على النعاس.
• عدم إهمال الوجبات الخفيفة snacks التي تضاعف النشاط ما بين الوجبات، فالجوع يضيّع التركيز ويشتت الأفكار. وتذكّر زراره في هذا الخصوص بضرورة تناول هذه الوجبات في الوقت المناسب والحرص على اختيار مكوّناتها بشكل صحيح. مثلًا يمكن أن تتضمن: كميات معتدلة من الفاكهة المجففة، المكسرات النيئة، العصير الطبيعي واللبن، البوشار (كوب)، الجزر، الشوكولا الداكنة (قطعتان)، rice cake مع قليل من اللبنة أو المربى الطبيعي، الفاكهة الطازجة، كالعنب أو التفاح أو الموز...
• أما الأطعمة التي ينبغي تجنّبها فهي: الـsnacks المصنعة، كالعيدان المالحة (Bâton salé)، الحلوى الجاهزة، العصير المعلّب، الشاي المثلج (ice tea)، والأطعمة المقلية كالبطاطا والتشيبس والأطعمة الجاهزة كالبيتزا، الهمبرغر والناغتس... لأنّها غنية بالدهون السيئة والسكريات والأملاح المعدنية المضرة بالصحة عمومًا. كما تلفت إلى ضرورة عدم تناول الطعام بسرعة، فعسر الهضم يؤثر سلبًا على عمل الدماغ.
• ليس بالغذاء وحده...
• طبعًا ليس بالغذاء وحده نستطيع مساعدة أولادنا على التركيز، فإلى جانب النظام الغذائي المتوازن ينبغي أن نبعدهم عن أجواء القلق والتوتر، وأن نتيح لهم ممارسة بعض الهوايات والنشاطات في أوقات الراحة، كالمشي والتمارين الرياضية والاستماع إلى الموسيقى الهادئة، فبذلك نحفّز طاقتهم الإيجابية. لكن هنا لا بد من التنبّه إلى أنّ ممارسة هواية مفضلة لا يعني أبدًا تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي، فهي تشتت التركيز وتسبب التوتر.