- En
- Fr
- عربي
من القلب فجر الانتصار
ها قد تحقّق الانتصار على الإرهاب، ليبزغ معه فجر الجرود، مكحِّلًا بتبر شعاعاته عيون شهدائنا وجنودنا الأبطال.
ها قد تحقّق الانتصار على الإرهاب بسواعد رجالنا الميامين، وارتفع علم الوطن شامخًا فوق قمم جرود السلسلة الشرقية وثغورها، وكأنّي بهذه الجرود تسترجع ماضيها الغابر يوم كانت تغفو تحت بساطٍ من الأرز والسرو واللزاب، قبل أن تفتك بها فؤوس الغزاة والطامعين في وهدةٍ من الزمن.
ها قد تحقّق الانتصار على الإرهاب، فعادت الجرود بعد غربة إلى أهلها، يروونها بالعرق والدم، بعد أن روتهم طويلًا طويلًا بماء الحياة من وهادها السمر وشامخاتها البيض.
ويتساءل البعض كيف لجيشنا أن يدحر إرهابًا في أيام معدودات لا تتجاوز أصابع اليد، وهذا الأخير طالما روّع بلدانًا وأرّق شعوبًا، والجواب بكلِّ تأكيد نعرفه نحن العسكريون.
نعرفه في بسالة نسور الجوّ عندنا، الذين أقسموا ألّا يعودوا إلى قواعدهم إلّا منتصرين أو شهداء. ونعرفهم في شجاعة رجال قواتنا البرية، الذين سبقتهم أقدامهم إلى مطالع الفجر، فطووا الجبال والوديان، كما تطويها أفواج الغيوم في عزِّ الشتاء، ونعرفهم أيضًا في صلابة رجال مدفعيتنا ومدرعاتنا، الذين عزموا، فزلزلوا الأرض عصفًا تحت الأقدام وفوق الرؤوس.
ونعرفهم كذلك في اندفاع رجال الهندسة عندنا، الجاهزين دومًا لاقتحام أسوار الخطر، والقبض على الجمر بأصابع من حديد. ونعرفهم أيضًا في دقّة التخطيط والتنفيذ والمتابعة في غرف عملياتنا العسكرية، وفي احتراف ضباطنا ورتبائنا وأفرادنا، الذي شهد له العالم بأسره.
ويسأل البعض ويسأل، وكأنّه لا يعلم أنّ للبلاد رئيسًا يسكن الوطن في قلبه، وتسري حياة الجندية في عروقه، وكأنّه لا يعلم أيضًا أنّ للجيش قائدًا، هو من سليل أطواد لبنان، يقفز الحزم من عينيه يوم الوغى، ويضيق الميدان بين ساعديه. وأنّ للدولة أركانها وشعبها وإعلامها، التفوا جميعًا حول جيش الوطن التفافًا عارمًا لم يسبق له مثيل.
وبعد، انتصارنا هو انتصاركم أيّها اللبنانيون الأحباء، فما نحن إلّا بعض من أبناء بلداتكم وقراكم وأحيائكم وبيوتكم وعائلاتكم، تربينا في سرائر أحلامكم وكبرنا على خبز محبتكم ووفائكم، حتى أمسكت بأيدينا مؤسسة الشرف والتضحية والوفاء، فكانت لنا خير مدرسةٍ في الوطنية والخلق العظيم.
إن تباهينا بعض الشيء فاعذرونا، فنحن حبّات القمح وأنتم سنابلها، وللسنابل المثقلة بالخير العميم، يليق الحلم ويحلو التواضع.