- En
- Fr
- عربي
ذكراهم خالدة
مرور عام على معركة نهر الباردسرى الوطن في عروقهم دماً فافتدوه بالشهادة.
حملهم الواجب الى دروب التضحية فساروا في رحابها فرساناً. لم يطرحوا الأسئلة ولم ينتظروا إجابات.
قدّموا للوطن شبابهم وأحلام غدهم حقيقة ساطعة لا تحتمل سؤالاً ولا يحيط بها جواب.
شهداء معركة نهر البارد ذكراهم خالدة وإن ضاقت بفعل المحنة مساحات الاحتفالات.
ذكراهم خالدة في إصرار رفاقهم على تحمل مسؤوليتهم مهما عظمت التضحيات، وشهادتهم هي الحقيقة التي توقظ في نفوسنا الأمل في قيامة لبنان.
يوم للشهداء في جامعة اللويزة
بمناسبة يوم الشهداء، كرّمت جامعة سيدة اللويزة شهداء لبنان برعاية قائد الجيش العماد ميشال سليمان ممثلاً بالعميد سركيس نعوم، في احتفال أقيم في قاعة عصام فارس، حضره قائد فوج مغاوير البحر العقيد الركن جورج شريم، وقائد الفوج المجوقـل العقيد الركن جورج نادر على رأس وفد من ضباط الفوج، والعقيد فارس خوري والعقيد جوزف قرعة ورئيس مركز أمن عام كسروان النقيب بيار نمر، وقائمقام كسروان ريمون حتي وقنصل مولدوڤا إيلي نصار. كما حضرت زوجة اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج وأولاده وزوجة الرائد الشهيد ميشال مفلح وعدد من عائلات شهداء الجيش الذين سقطوا في معركة نهر البارد.
هذا دمي
بعد النشيد الوطني، وتقديم من جوسلين عيسى، ألقى المدير العام للعلاقات العامة سهيل مطر قصيدة بعنوان «هذا دمي».
ثم كانت كلمة لرئيس الجامعة الأب وليد موسى استهلها بالقول: «إنه يوم الشهداء، 6 أيار، وتاريخ لبنان تاريخ شهادات، منذ 1916 حين علّق أحرار لبنان على أعواد المشانق في ساحة البرج، ساحة الشهداء، حتى نهر البارد وقبل وبعد، ولا ينتهي مهر الفداء. فكأنه مكتوب علينا، أن ندفع دوماً ثمن استقلالنا حرية هذا الوطن.
وهو ايضاً يوم الجيش اللبناني الذي نفرح به ونحميه بعيوننا، فيحمينا هو بشجاعته وجرأته واندفاعه حتى الاستشهاد...
واختتم الأب موسى بقول الشاعر سعيد عقل:
سوف نبقى يشاء أم لا يشاء الغير
فاصمد، لبنان، ما بك وهن
سوف نبقى لا بدّ في الأرض من حق
وما من حق ولم نبق نحن».
وبعد عرض فيلم وثائقي بعنوان «معركة الجيش اللبناني ضد الإرهاب في نهر البارد صيف 2007» وجّه إيلي الحاج نجل اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج تحية الى «شهدائنا الأبرار الذين ننحني لهم إجلالاً ونرفع رؤوسنا فخراً واعتزازاً بهم ونشعر بالعزم والطمأنينة أمام وجوههم التي تشع بالشرف والتضحية والوفاء». وأضاف قائلاً: «فلتكن هذه الذكرى مناسبة نعاهدهم فيها أننا على خطاهم سائرون، وأننا نستلهم من سيرتهم أن الحياة كرامة وعزّة وعطاء».
كلمة قيادة الجيش
بعدها ألقى العميد سركيس نعوم كلمة جاء فيها: «... يحيا الوطن بشهدائه الذين يصنعون بتضحياتهم إرثه المعنوي وحاضره القوي وغده الواعد المشرق... وهم يبذلون أرواحهم ويروون بدمائهم السخية شجرة الوطن، لتزهر وتورق وتثمر، وتنبض فيها روح الحياة من جيل الى جيل».
وأضاف: إن الجيش قد أثبت من خلال وحدته الصلبة، وتقديمه الدماء من دون حساب، وتحلّي عسكرييه بالقيم الأخلاقية والإنسانية على الرغم من فداحة الجراح، أنه السياج الحقيقي للبنان حضارة وأرضاً وشعباً، وأنه القدوة الصالحة التي تحتذى في الالتزام الوطني الخالص، المعبّر عن منعة الوحدة الوطنية وحصانة المجتمع اللبناني، وقد انتصر بالشعب الذي تحلّق حوله بمختلف انتماءاته الطائفية والمذهبية والمناطقية ووقف وراءه صفاً واحداً في مشهد وطني رائع لم يسبق له مثيل. لقد أثبت رسوخ إيمان الشعب اللبناني وتمسّكه بصيغة العيش المشترك ورفضه الإذعان لمخططات الإرهابيين الهادفة الى العبث بتاريخ الوطن وهويته ومصيره، والنيل من رسالته الحضارية الفريدة في المنطقة العربية والعالم. وإن ما قام به الجيش لم يكن دفاعاً عن لبنان فحسب، بل دفاعاً عن السلام العالمي الذي يتهدده الإرهاب في كل زمان ومكان.
وختم العميد نعوم بالقول: «إن تداعيكم لتكريم شهداء الجيش والوطن في هذه الواحة الوطنية والعلمية والثقافية الرائدة في لبنان والمشرق العربي، لهو مبعث فخر واعتزاز للمؤسسة العسكرية وقيادتها التي تجدد العهد والوعد أمامكم اليوم، بالوفاء لدماء الشهداء ومتابعة مسيرة الدفاع عن الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره مهما اشتدت الصعاب وغلت التضحيات».
أناشيد وصور
وللمناسبة أنشد الفنان غسان صليبا أناشيد وطنية للجيش والوطن، ألهبت مشاعر الحضور فعلا التصفيق والهتاف.
وفي الختام أقيم معرض للصور عن معركة نهر البارد وصور للشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن الوطن.
عيد الشهداء
سهيل مطر
هذا دمي، اشربوا، من أين أبتكرُ شعراً بحجم شهيدٍ، منه أعتذرُ
هذا دمي، فخذوا من جرحي نفساً كذا الجراحُ على النسيان تنتصرُ
هذا دمي، اكتبوا، تاريخَ أمّتنا يا مجدَ أرضٍ، سقاها الدم والطهرُ
وجيشنا، جيشُ لبنانَ العظيم، هنا من وقع أقدامه النيران تستعرُ
جنودُهُ أُسدُ حبٍّ، من بنادقهم يُطل فجر، ويصحو الزهرُ والشجرُ
فالأرض حيث هووا قدسٌ نقبّلها ومن حنايا الجراح ينزف الوترُ
وباسم لبنان يعلو الصوت مبتسماً حرية حلوة من أجلها نُذروا
لا الخوف يردعهم، لا الليل يرعبهم لا الموت يوجعهم، لا القلب ينفطرُ
غابوا، فماتوا... ولكن عفوَ تربتهم بوقفةِ العزّ كلُّ الجيش يختصرُ
الله، يا وطني، كم نحن في خطأ حتى كأنّ بوجهي الكل يستترُ
ولا تلمني إذا أوجعتُ مقبرةً في رميش، مني اليها الحبّ والنظرُ
ماذا فعلنا وكيف اغتالنا بشر؟ أيديهم الكفر، لا أنس ولا بشرُ
ماذا فعلنا، وكيف ابتاعنا نفر نفوسهم لهوى الشيطان مختبرُ
أقبّل الترب عنهم، ألف مغفرة نحن الزناة وأنت الأب تغتفر
بالجرح أغمس صوتي، آهتي حُرق فمدّ كفّك، يصحو الليل والقمرُ
وهاتِ زندك، ضمّ اخوتي رحبا الله وحّدهم والحب والقدرُ
على ثراك نعيش الرأس مرتفعاً ومن ثراك يفيض النبلُ والسَكَرُ
لبّيك، لبّيك، جيشاً يفتدي وطناً ويحيا لبنان، فهو البدء والخبرُ
... والمغاوير كرّموا شهداء الفوج
ثمانية عشر شهيداً قدّمهم فوج المغاوير في معركة نهر البارد 2007، وانضموا الى قافلة رفاق سبقوهم، ليحفروا إسم «المغوار» في كل قلب وذاكرة. وفي الذكرى الأولى لهذه الحرب، استذكر فوج المغاوير شهداءه الذين سقطوا منذ تأسيس هذا الفوج. ونُظّم لهذه الغاية احتفال دُعي اليه أهالي الشهداء، بمن فيهم عائلة اللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج (قائد سابق للفوج)، وتم خلاله تقديم دروع تذكارية.
حضر الاحتفال قائد فوج مغاوير البحر العقيد الركن جورج شريم، وقائد الفوج المجوقل العقيد الركن جورج نادر وضباط فوج المغاوير وعسكريوه الى حشد من الأهالي.
العقيد الركن صالح قيس، قائد فوج المغاوير، الذي مثّل قائد الجيش العماد ميشال سليمان، توجّّه الى أهالي الشهداء بتحية احترام وإجلال ووفاء، فهم «افتدوا الوطن بأحب الناس اليهم...».
العقيد الركن صالح قيس استهل كلمته مخاطباً شهداء الفوج الذين سقطوا في معركة نهر البارد متوجهاً اليهم بالقول:
يا أيها الأبطال، صبحي العاقوري - إبراهيم سلوم - خالد مرشاد - مارون الليطاني - جورج فهد - وليد صالح - سعادة مخلوف - وسام حمدان - عباس الكموني - عياش رستم - وسام شاكر - شوقي محمود - محمد الإبراهيم - نقولا نعيمي - بسام أيوب - جورج تنوري - أسامة سيوفي - بلال العامودي - لويس حرب - فاروق المخللاتي - علي هوشر - سعدالله مستو - محمد الخضر - محمد الحجيري - رامي حمزة - مصطفى الشامي - حسن نور الدين - طارق حمود.
وتوجّّه الى أهالي الشهداء قائلاً:
لكم التحية والإحترام والإجلال.
لكم العزة والوفاء والكبرياء.
أنتم الفخر، وبكم تفتخر الأوطان.
يا من افتديتم الوطن بأحب الناس اليكم...
منكم نتعلم، فبالصبر والإيمان تتحقق الأمنيات وتعلو رايات النصر لتحمي أرز لبنان وشعبه بعزة وكرامة.
قدرهم، وقدرنا الإستشهاد.
إفرحوا أيتها الأمهات والآباء والزوجات، للشهداء الأبرار.
إنهم ملائكة في جنات الخلود، يطوفون برداء الطهارة والنقاوة والإيمان، لا تخافوا بعد اليوم.
لقد صنع أبطالنا تاريخ المعجزات فأدهشوا جيوش التكنولوجيا والمعدات وأصبحوا رمزاً للحرية والسيادة والإستقلال.
كتبوا بدمائهم أسطورة وملحمة من أروع الملاحم، فتسابقوا واندفعوا مغاوير على درب الموت...
تحركوا، تنافسوا، رفعوا الأعلام بشجاعة لا مثيل لها، فكانت محطة للإفتخار ومفخرة الإنسان بالزمان والمكان.
تحت وطأة ضرباتهم، صرخ الإرهاب خوفاً، مردداً: خسئنا، خسرنا.
ما حسبناكم يوماً عندكم القوة والعزم والإيمان.
أبطالكم صاغوا دروساً في الشهامة والدفاع عن حقوق الإنسان فحملوا الأطفال وساعدوا العجز والنساء متعالين على الألم والحزن والجراح.
نظفوا الأزقة والدهاليز والأحياء الضيقة، والأوكار، حتى هرب عدوهم تحت وطأة ضرباتهم...
قاتلوا بعناد وإيمان وإتحاد.
أبطالكم صالوا وجالوا حتى ضاقت الأرض والمساحات ببطولاتهم وشجاعتهم.
وختم بالقول:
أحبائي، يا أهلنا الكرام، لنتذكرهم دائماً،
ولنتعالى عن الأحزان، ونصلي صلاة الرحمة والإيمان، والدعاء لله سبحانه وتعالى، ليحمي الوطن وأهله وجيشه.
ولنقرّ ونعترف بأن دم الشهداء مفخرة الأوطان...