- En
- Fr
- عربي
اخبار ونشاطات
كم جميلٌ، عقليٌّ، بل منطقيّ، أن تقرن الجمعية اللبنانية لتكريم الأب بين عيد الجيش وإطلاق مجلّدها «إليك يا أبي». قران غير مسبوق بين الجيش والأب، وما أحيلاه وأصدقه.
الجيش والأب هما الصامتان الأكبران، يرتحلان صوب حدود الوطن والإنسان، ينتصبان عندها حرّاساً دهريين يتقاسمان الشهادة والحياة.
الأب، رب العائلة المباركة، يخترق صامتاً صخب الحياة نحو حدود الإنسان: الإيمان، العقل، المحبة، حيث يتعمّق مستبسلاً، مستميتاً، مستشهداً، حفاظاً على إيمان عائلته وكرامتها ولقمتها، فينمو أبناؤه، في كنف والدتهم، في الحكمة والنعمة والقامة، ويكلّلون بتاج المجد والكرامة، فيفخر بهم وطنهم رجالاً يرودون الأرض يبنون أنّى يشاؤون لبنان الحضارة والقيم.
أما الجيش، الصامت الآخر والأشمل، فتمتشقه حدود الوطن سيوفاً قاطعة تجرّد لامعة تحت شمس الحرية والكرامة، تقطع يداً تتطاول، وتدق عنقاً تشرئب، وتفقأ عيناً ترمق شزراً. تناديه حدود الأمان والطمأنينة فيعلنها حرباً شعواء على الإرهاب وكل من تسوّل له نفسه أن يخدش أمن أبناء الوطن جميعاً، بظفر مجرم.
يستثيره ثالوث شعاره، شرف، تضحية، وفاء، فتمتد قامته على اتساع حدوده تحتضن كامل تراب الوطن وجميع أبنائه: يعلّي البنيان، يبني الجسور، يحرق النار بحرارة حبه للبنان الأخضر، ينثر الحياة على قمم الجبال الجرداء وسفوحها، يكفكف الدمع، يعيد النازح قسراً الى ما حوّله قصر الأمان...
أما مناقبيته العسكرية التي لا حدود لها، فبات معتنقوها حدودها، تتسع لتغمر أبناء الوطن أينما حلّوا في هذا الكون الرحيب رسل خير وبركة.
والكلام يطول...
بين الجيش والأب علاقة جدلية لا انفكاك فيها. ذلك يوفّر راحة وطمأنينة بال، وهذا يقدّم أبناء على مذبح الوطن. أب يفتخر بأبيه الجندي ويُعدّ جندياً، ويدور الإثنان، الجيش والأب، في حلقة الوطن والإنسان العامرة بالمحبة والإيمان.
نحيي الجمعية اللبنانية لتكريم الأب التي رأت في عيد الجيش عيداً ولو بشكل آخر للأب، وتعِدُ بأن تكون مسيرة جيشنا الباسل «عنجر» دائمة، راجين أن تزدهر الجمعية اللبنانية لتكريم الأب، ويستمر في عطائها الصامت كما الأب. أليس الصمت المقدس أشد صخباً من ضجيج العالم الفاني؟