- En
- Fr
- عربي
تربية وطفولة
قبل بلوغه السابعة، لا يستطيع الطفل أن يميّز بين الواقع والخيال، وقد يقول أشياء غير حقيقية. لكن بعد هذا العمر يختلف الأمر، فلماذا يكذب الأطفال؟ وكيف نتعامل مع هذه المشكلة؟
سلوك شائع
الكذب أمر شائع جدًا في السلوك الإنساني، وهو يشكّل في بعض الحالات جزءًا من التفاعل مع الظروف، وفي حالات أخرى يصبح مرضيًا.
يعتبر علم النفس أن لكل سلوك شقًا وراثيًا وآخر مكتسبًا، والشقان يتفاعلان باستمرار. فإذا لاحظت الأم أن في العائلة شخصًا يكذب، عليها أن تتوقع الكذب من طفلها، ويجب أن تتدارك الأمر. وهي إن عرفت كيف تعالج هذه المشكلة منذ البدء تمكّنت من منع تفاقمها والقضاء عليها، وإلا فإن طفلها سوف يعتاد الكذب في المستقبل.
بين الواقع والخيال
في سنته الثانية يشعر الطفل بأنه كيان مستقل عن الآخرين، ويظن أن العالم يتمحور حوله، وبالتالي بإمكانه قول الأشياء كما يريد وليس بالضرورة كما هي على حقيقتها، في هذه المرحلة لا نسمّي ما يقوم به كذبًا، إنما خيالًا واسعًا. فالطفل حتى عمر السبع سنوات لا يملك الإدراك والنضج الكافيين ليميّز بين الواقع والخيال، بين الحقيقة والوهم، لكنه بعد ذلك يدخل مرحلة يستطيع فيها أن يميّز بين هذه الأمور. فإذا شعرت الأم أنه ما زال يكذب، عليها أن تسأل نفسها: هل سعينا نحن لإفهامه بعض القيم الأخلاقية كقول الحقيقة والابتعاد عن الكذب؟ فهذه القيم لا نستطيع أن ننتظر حتى يبلغ سن السابعة كي نبدأ تعريفه بها، إنما يجب أن نعمل على غرسها باكرًا في نفسه.
هناك أمثلة عن الأمور التي يكذب فيها الطفل قبل سن السابعة: يمكن أن يقول لأمه مثلًا أقمنا في المدرسة سباقًا في الركض وكنت الفائز، وهناك احتمال أن يكون الأخير في هذا السباق. تدخل هذه الحالة في خانة الكذب التعويضي، فهو يتمنى أن يكون الأول في السباق لكنه لا يملك المقدرة الجسدية الكافية. وهذا النوع من الكذب ليس خطرًا، لكنه يتطور مع الوقت ويدخل مرحلة الخطر، فكثير من الراشدين يروون عن أنفسهم قصصًا خيالية، وبالتالي يخسرون احترام المجتمع. وهناك أمهات يعتقدن عن حسن نية أنه يجب أن يشجعن أطفالهن ليحققوا نتائج جيدة، فيدخلن في اللعبة ويسهمن في دفع الأولاد إلى تكرار الكذب.
كذلك، ثمة أمهات يعتبرن كذب أطفالهن نوعًا من خفّة الدم، وبهذا يمعن الأطفال في اختراع المزيد من القصص، فيصبح هذا الأمر جزءًا من شخصياتهم وقد يصل إلى درجة الكذب المرضي.
خطوات عملية
قبل السنة السابعة وهي المرحلة الأساسية التي تترسخ فيها القيم الإنسانية والأخلاقية، علينا التنبّه إلى أن اللامبالاة حيال قول الطفل أمورًا غير حقيقية، أو مواجهتها بالضحك، سوف يشجعه على معاودة الكذب، وبطرق أكثر خطورة.
ما ينبغي عمله في هذه الحالة هو إعادة الطفل إلى أرض الواقع. فإذا شعرت الأم أن طفلها يبالغ في وصف حالة معينة، يجب أن تستدرجه بأسئلتها فتقوده إلى قول الحقيقة من دون أن تشعره بأنها اكتشفت كذبه أو تقول له «أنت كاذب». وعليها أن تحصر المشكلة بينها وبينه، ولا تشيعها أمام الوالد وبقية أفراد العائلة. ونشدد هنا على عدم اتهام الطفل بالكذب، فذلك يدفعه إلى تصنيف نفسه كاذبًا، وبالتالي سوف يكذب طالما أن الآخرين يتوقعون منه ذلك.
بعد السنة السابعة، يتمحور الكذب عادة على العلامات والدروس، وهنا يكون العلاج أيضًا بسعي الأهل إلى اكتشاف سبب إخفاء الولد هذه المعلومات. فقد يكون خائفًا إما بسبب تشدّد والديه، أو بسبب الضغوط التي تمارس عليه من قبلهما، وتوقعهما منه نتائج قد يعجز عن تحقيقها، ما يجعله يكذب خوفًا من تشوّه صورته أمامهما.
إتفاق الأب والأم على كل الأمور المتعلّقة بأولادهما هو خطوة أخرى ضرورية، فما هو مقبول يجب أن يكون مقبولًا من الإثنين، وما هو مرفوض يجب أن يرفضه كلاهما. ومن الخطأ أن تقدم الأم بدافع عاطفي، على إخفاء أخطاء الأولاد عن أبيهم، بل عليها أن تتعاون معه على تلافي هذه الأخطاء، وعلى اكتشاف أسبابها لمعالجتها.