- En
- Fr
- عربي
طب وعلاجات
لـبنـان على مسار المعايير العالمية
سمير وعبير مريضان قصدا عيادة طبيب العظم لمعاناتهما أوجاعًا في الظهر.
شخّص الطبيب ألم سمير على أنه ناتج من التعب والإرهاق، أما عبير فتعاني تضيُّقًا في سلسلة الظهر، وقد وصف لكليهما علاجًا فيزيائيًا على مدى 15 جلسة.
شعر سمير بالتحسن بعد الجلسة الخامسة، أما عبير فقد احتاجت الى أكثر من عشر جلسات، لتشعر بالتحسن...
أهمية التشخيص
اليوم، وبعد التطور الكبير الذي استجدّ في هذا العلم، بات المعالج الفيزيائي يصف لمريض تمارين على مدى أربع إلى خمس جلسات كون ألمه ميكانيكيًا، بينما يصف لمريض آخر 12 جلسة على الأقل من التمارين التي تستعمل فيها الآلات، لأنّ مرضه عضوي ويحتاج إلى وقتٍ أطول للشفاء. وبالتالي فإنّ تخصص المعالج الفيزيائي يسمح له بإعطاء العلاج المناسب مباشرةً وفق التشخيص الذي يجريه الطبيب المختصّ، مما يوفر العناء على المريض ويسرّع شفاءه في حال التزم الإرشادات.
السيدة كلود مارون - نقيبة المعالجين الفيزيائيين في لبنان ومديرة قسم العلاج الفيزيائي في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، تشدد على أهمية التشخيص الصحيح في تأمين العلاج الفيزيائي الملائم للمريض. وهذا الموضوع كان محور بحث معمق خلال «الأيام العلمية الدولية الثانية للعلاج الفيزيائي» الذي عقد في لبنان منذ أسابيع. شهادات الاعتماد للمؤسسات الأكاديمية ولمراكز العلاج الفيزيائي الخاصة كانت أيضًا محور بحث، إذ تمّ استعراض المعايير التي تؤمّن سلامة المريض والمعالج الفيزيائي على السواء في جميع أماكن الرعاية.
مزيد من التخصص
لسنواتٍ خلت، ارتبط العلاج الفيزيائي بحالات محدودة محورها الأساسي في أذهان الناس آلام الظهر والرقبة والمفاصل وبعض الإعاقات الحركية... في الواقع ميادين هذا العلاج اتسعت كثيرًا وباتت أكثر تخصصًا. وقد تطرق البحث إلى العديد من هذه الميادين خلال اجتماعات «الأيام العلمية الدولية الثانية للعلاج الفيزيائي»، حيث بحثت المستجدات في حقل الجودة في العلاج الفيزيائي، وعرضت الإرشادات المهنية الخاصة بمرضى الانسداد الرئوي المزمن ومبادئ إعادة تأهيل التنفس (Pulmonary Rehabilitation). وقد جرى للمرة الأولى في لبنان، نشر الإرشادات العلمية للمرضى المصابين بهذا المرض، علمًا أنّ هذه الإرشادات هي مشتركة بين العلاج الفيزيائي والأطباء الاختصاصيين بالأمراض الصدرية، وقد تمّ تحضيرها بتعاون مشترك بين الطرفين. فالطبيب الاختصاصي بالأمراض الصدرية يشخص المرض على أنه «انسداد رئوي مزمن» مثلاً, أما المعالج الفيزيائي، فيصنف الإعاقة والحركة الوظيفية (ضيق في التنفس، ضعف في العضلات، عدم القدرة على ممارسة النشاط المعتاد...) ويعالجها بالتمارين.
آخر التطورات العلمية الخاصة بإعادة تأهيل أمراض الجهاز العصبي وفق النقيب مارون، تقنيات لمعالجة مريض الـParkinson مثلاً، إذ إنّ المريض يريد المشي ولكنه لم يعد يعرف كيف، الأمر الذي يتيحه له العلاج الفيزيائي. كما نُظمت ورش عمل خاصة بعلاج الشكل (Morpho thérapie) على صعيد الأنسجة (العضل، الدهن، العظم، المفاصل والجلد)، إضافةً إلى السلس البولي والدوخة الناتجة عن التهاب الأذن الداخلية وجراحة اليد.
نقلة نوعية
نظـرًا إلى أهمية موضوع الجودة في العلاج الفيزيائي، أعلن الإتحاد العالمي (للعلاج الفيزيائي) عن التزام معايير خاصة لفحص وتشخيص ومعالجة وتثقيف الأفراد والمجتمعــات، وتعزيز الصحة المثلى والحركات الوظيفيــة من خلال مواصلة التميّز في الممارسة العملية السريرية.
هذه المعايير تشكل الأساس لممارسة العــلاج الفيـزيائي في جميــع الأماكن، بما في ذلك العيادات والمستشفيات والمدارس... وهي تشمل الممارســات الإداريــة والاتصــالات، والتوثيق، والتعليم، والسلوك الأخلاقي، والموافقة المستنيرة للمريض، وإدارة حالته، إضافةً إلى المسائل القانونية والتنميـة الشخصية والمهنيــة وضمان الجودة.
وتخبرنا النقيبة أنّ النقابة أنشأت «مركز الأبحاث في الجودة للعلاج الفيزيائي» (Research Center for Quality in Physical Therapy) ومهمته إجراء مسحٍ شاملٍ للوضع الأكاديمي للمعالجين الفيزيايين (وقد بدأ هذا العمل)، والمعلومات الواردة من هذا المسح ستستعمل كأساس للعمل على تطوير البرامج الأكاديمية وبرامج مركز التطور المستمر (INP) وفق الحاجات العلمية والصحية في مجتمعنا.
من جهة أخرى، بدأ مركز الأبحاث في الجودة بكتابة السياسات والإجراءات (Policies and Procedures) للنقابة ولمراكز العلاج الفيزيائي، والتي سوف توزّع على المعالجين الفيزيائيين لكي يتم تكييفها حسب أهداف كل مركز.
ومن مهمات المركز أيضًا التحضير لشهادات الاعتماد للمراكز الخاصة ونشر الإرشادات المهنية المبنية على البراهين العلمية في جميع المجالات الطبية.
هذه المهـمات يفترض أن تُطبّق خلال سنتين بحسب مارون، ويفترض أن تحدث نقلــةً نوعيةً في العمــل السريري وفي برامج تعليم العلاج الفيزيائي وفي العمل التكاملي مع باقي المهن الصحيـة والطبيــة، وسوف توحــي خصوصًا بالثقــة للمريــض الـذي سوف يُقبـل على العلاج الفيزيـائي بدون تردد أو خوف.
أخيرًا، توضح مارون أنه لمزاولة مهنة المعالجة الفيزيائية يجب الانتساب تلقائيًا إلى النقابة التي باتت تضم اليوم حوالى 1632 مشتركًا، غير أنّ توزيعهم الجغرافي غير متكافئ إذ تضم محافظة جبل لبنان وحدها 51% منهم بينما تنخفض النسبة إلى 3% فقط في محافظات أخرى.