- En
- Fr
- عربي
نحو رشاد الإدارة في لبنان
المقدّمة
إنّ الدستور اللبناني صريح لجهة أنّ الحكومة تتألف بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف بعد التشاور مع النواب. وأنّ تسمية الوزراء عمليًا تتمّ من قبل رؤساء الكتل من دون أن يكون للرئيس المكلّف الاعتراض على أسمائهم. وقد شهدنا في حقبات مختلفة تنافسًا على بعض الحقائب الوزارية مردّه الحصول على مواقع في الحكومة التي تنتقل إليها صلاحيات رئاسة الجمهورية عند تعذّر انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية، بحيث مرّت البلاد في فترة عُرفت بالفراغ.
وفي مطلق الأحوال يمكن القول بأنّه "ما من شيء اسمه فراغ وهو كلام غير مسؤول واستسهال"[1]، كون الدساتير والقوانين كالطبيعة تنفر من الفراغ وتملأه حكمًا. فمقدّمة الدستور اللبناني، وهي المقتبسة حرفيًا من وثيقة الوفاق الوطني اللبناني المعروفة باتفاق الطائف، والتي هي بالطبع تؤلّف وحدة لا تتجزأ من الدستور، تنص على أنّ لبنان وطن سيّد حر مستقل ونهائي لجميع أبنائه أرضًا وشعبًا ومؤسّسات. وإنّه جمهورية ديمقراطية برلمانية، وأنّ الشعب هو مصدر السلطات ويمارسها عبر المؤسسات الدستورية.
وأمّا النظام فقائم على مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها حيث لا شرعية تناقض العيش المشترك.
ونذكر بأنّه قد تمّ توصيف وثيقة الوفاق الوطني بأنّها: "عقد وطني ملزم لنا معنويًا وسياسيًا ونحن نوافق عليها كوثيقة سياسية لها مدلولاتها ومعانيها وأبعادها الدستورية ولها نتائجها في ما بعد"[2].
سطّر الميثاق دومًا في لبنان مبادىء المشاركة والعيش المشترك والتوازن والوحدة الوطنية، وشكّل نمطًا خاصًا في ممارسة ديمقراطية توافقية. فشرعية الحكومة تكون بوجود تماسك سلسلة من عدّة اعتبارات ولكل مذهب من المذاهب المؤثّرة قوة التعطيل فيها. ولكن يتوجّب عليها دائمًا ألّا تخرج عن نطاق الضرورة الوطنية أو الحاجة الماسّة المتعلّقة بالمصالح الوطنية العليا السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية.
في خضم التركيبة المعقدة للجمهورية اللبنانية، نتساءل عن الإدارة انطلاقًا من الطائفية والفساد وغياب المصلحة العامة.
فعوائق الإدارة تنطلق من فكرة أن الطوائف تقدّم زعماءها لتمثيلها في الدولة وكأنّهم سفراء معتمدون لدى الدولة. فيكون على هذا السفير أن يكون المتقدّم في طائفته أو الأقوى داخلها، كما يشترط عليه القيام بمعركة ضد الزعماء الآخرين من الطوائف الأخرى[3].
فلو عدنا بالتاريخ نرى بأنّ الرومان قد اعتمدوا طريقة مميزة لانتقاء المرشحين إلى منصب عام، إذ كان على المرشح أن يجتاز أحد شوارع روما وهو يرتدي ثوبًا أبيض، فإن عاد وثوبه غير ملوّث من الرشق بالطين، يستحق السلطة ويعتلي الحصان الأبيض. وفي العالم الديمقراطي المتطوّر وفي بريطانيا على وجه التحديد، عندما يقوم النائب بعملٍ يشوّه سمعته ورسالته، يُعاقَب بالطرد ويطأطىء النواب رؤوسهم خجلًا عندما يخرجون من المجلس.
ونصبح بالتالي أمام مشكلة وجود القوى السياسية في لبنان، والتي أرادت أن تحفظ الخصوصيات الثقافية والدينية والولاءات التقليدية، وحوّلت الأديان إلى حواجز خوفٍ وقلق على المصير والمستقبل، وبالطبع إلى تباينات وتساؤلات حول الهوية، حيث يكون القاسم المشترك الوحيد بينها هو الاستبعاد المتبادل.
وعلى مسافة ثلاث سنوات من اليوم في العام 2020 تنقضي مئة عام على ولادة دولة لبنان الكبير، والسؤال المصيري الذي يتردّد على الدوام حول خلل الإدارة.
إنّ كشف الأمور وواقعها والاعتراض عليها ونقدها والتظلّم منها، هو من الممارسات الواضحة واللازمة لكل ديمقراطية تبغي الدوام.
أوّلًا: الإدارة العصرية
إنّ بناء الإدارة العصرية هو معضلة أمام عمل الحكومات في لبنان، وليس من الضروري رفع الشعارات وطرح أفكار لتحديث القوانين وما شابه، إنّما تحتاج إلى قياديين مُنتجين لفكرٍ تحديثيّ قادرين على إدارة التحديث، ويحظون بثقة الشعب. وعلى القائد أن يعمل للّذين يعملون لأجله، فلا يستغلّ ضعفهم لتسييرهم، ويحترم الإنسان كقيمة مستقلّة وليس كفرد تابع أو مسيّر، وسعادة القائد تتحقّق إذا كان على مسافة متساوية مع كل الأطراف[4].
يظهر الواقع بأنّ لبنان أخذ يستهلك منذ وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) من رصيده الديمقراطي التاريخي، ما يؤدي إلى صعوبة العيش من دون التجديد في المكتسبات البنيوية والتشريعية، وما الإنجازات إلّا ظرفية أو ظاهرية[5].
وفي ظلّ هذا الغياب الإرادي أمام العصرنة، لم تستفق الحكومة مع كل طلعة شمس إلّا وأمامها معضلة سلسلة الرتب والرواتب، والإعتداء على الأملاك العامة، والتهرّب الخلوي الضريبي، وسوء الادارة والجمارك، والأرباح الطائلة للمصارف من قروضها، وسندات الخزينة وانهيار التعليم الرسمي، والهجرة المستمرة، والهدر في النظام الصحي، وكارثة الضمان أو عدمه، وتلوّث الهواء والمياه والتربة، وشعور المسؤول بعدم المسؤولية وقانون العفو عن الجرائم، وانعدام الكهرباء والطرقات، وأمن المخيمات الفلسطينية[6].
كل هذا بالإضافة إلى ثقل معضلة النزوح السوري[7] والنتائج السلبية المترتبة عليه على جميع الأصعدة. ويبقى هناك موضوع لا يقل أهمية عمّا ذكرنا، وهو مسألة تحييد لبنان أو ما اتُفق على تسميته سياسة النأي بالنفس.
أمام هذه المصاعب، كان على لبنان أن يجترح الحلول لها بحكومات من دون موازنات منذ العام 2005 وبواسطة مجلس نواب ممدّد له[8].
فهناك حالة نكران يعيشها الوسط السياسي اللبناني كما هي حالة غالبية اللبنانيين. أضف إلى ذلك، الاستمرار في اعتماد سياسة خلق مشكلات جديدة للتّعمية على مشكلات قديمة قاصدين تكديسها واحدة تلو الأخرى، حتى أصبحت كرة ثلج توشك أن تُسقط سقف البيت على رؤوس ساكنيه.
وهنا قد تبرز نظرية ماكيافيلي Machiavel الواردة في كتابه "الأمير" Le Prince[9]، حيث نفى وجود أخلاقية واحدة واعتمد نظرية مفادها وجود أخلاقيتين: الأخلاق السياسية والأخلاق الشخصية. ووفق ذلك، فهو يعتبر بأنّ ما هو مُحرّم على صعيد الأخلاف الشخصية كالباطل والكذب والعنف وما إلى ذلك من صفات وتصرفّات على هذا النحو السلبي، يصبح في غالب الأحيان على صعيد الأخلاق السياسية مسموحًا به لا بل واجبًا وضروريًا لبلوغ الهدف المنشود إذ أنّ الغاية تبرر الوسيلة.[10]
ثانيًا: تأثير الخارج
في كل دول العالم هناك تدخّلات أجنبية في الشؤون الداخلية تؤثر في مسار الحكم. وإذا استعرضنا بصورة خاطفة ومن دون إسهاب للتاريخ اللبناني منذ نشوء دولة لبنان الكبير العام 1920، يتبيّن لنا بأنّ البلد عاش 62 سنة من أصل 97 (أي لغاية 2017)، وعلى أرضه وجود عسكري أجنبي 26 سنة قبل الاستقلال وجلاء الفرنسيين، و36 منذ 1969 بداية الوجود الفلسطيني المسلّح بصورة رسمية بموجب اتفاق القاهرة. وحتى سنة 2005 تاريخ خروج الجيش السوري من لبنان، كل هذا من دون أنّ ننسى أنّه خلال هذه الحقبة تمّ إنزال المارينز الأميركية في ثورة 1958، وقدوم القوّة متعددة الجنسية على أثر الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية العام 1982، وكان قد سبقه اجتياح إسرائيلي محدود لجنوب لبنان العام 1978. يستدل من كل ذلك، أنّ العامل الأجنبي ودوره في لبنان لهما أثر فاعل يفوق ما هو عليه في دول أخرى.
ولا بد بالتالي من القول بأنّ الأزمات في لبنان في ظاهرها أزمات ومطالب داخلية، إلّا أنّه تبيّن بعد التمحيص بأنّ لها أبعادًا خارجية، وأنّ هذه الأدوار الإقليمية والدولية تؤثّر إلى حد كبير في شرعية الحكم والحكومات .
ثالثًا: الحكم كسلطة
إذا كان منصب الملك أو رئيس الدولة أو القائد أو الزعيم ومنذ أقدم العصور، يُعدّ منصبًا بالغ الخطورة والأهمية عند جميع الشعوب، إلّا أنّه لدى شعوبنا يكتسب أهمية خاصة ناتجة عن الإرث الديني والثقافي الذي يعتبر الرئيس بمنزلة النبع الأول للقدوة في الدولة[11]، حيث أنّ صنفين من الناس إذا صلحا صلح الناس، وإذا فسدا فسد الناس كلّهم العلماء والأمراء على حدّ سواء[12].
فالسلطة ظاهرة إنسانية تعني الارتباط بالإنسان الذي يملك السيطرة والمقدرة الإرادية على إلزام الغير بطاعته، واحترام أوامره، أيًا كان سنده في ذلك. فتتّجه بوصلة الشعب باتجاه ما يحب الحاكم، فتنتقل رغباته كنقل الماء للدوائر إذا ألقي فيها الحجر فتتسع الدوائر لتشمل الماء كله، كذلك الرئيس، فصلاحه يحمل الحكم كلّه على حسن السياسة وحسن الإدارة، وفهم يتقربون إليه بما يجب فإذا كان قلبه معلّقًا بالقيم والعبادات، تعلّقت قلوب العباد بما تعلّق به الحاكم. فيروي هنا بأنّه في عهد عمر بن عبد العزيز سأل الناس بعضهم البعض كم آية حفظت؟ وكم حديث درست؟ وكم ركعة صلّيت؟ وذلك لأنّ الناس على دين ملوكهم[13].
ولا بدّ من القول إنّ من شروط الزعيم ألّا يهبط مُنقادًا إلى مستوى الجمهور العاطفي، بل أن يرفع الجمهور إلى مستواه العقلي.
ولأنّ طريقة اختيار الرئيس ووصوله إلى السلطة تحدّد آلية التعامل مع الشعب في ما بعد، فقد شغلت القضية الشعوب المعاصرة والحديثة ولا سيّما بعد الثورتين الأميركية والفرنسية، حيث عملت هذه الشعوب على تجاوز مسألة توريث العرش والاستيلاء عليه بالقوّة إلى نظام الانتخاب الذي يعبّر عن رضا الشعب باختيار حاكمه.
فالانتخاب تحوّل إلى عقيدة الديمقراطية، باعتباره الوسيلة الأساسية التي تقوم عليها الأنظمة السياسية المعاصرة، فإذا كانت الحرية السياسية هي الوسيلة التي تؤمن قيام الدولة الديمقراطية قيامًا صادقًا وعمليًا، فإنّما تعني إسهام المواطن بالشؤون العامة في تولية الحكم ومراقبة أعماله. ولا ريب في أنّ إتمام عملية تداول السلطة، يُعد مؤشرًا على سلامة بنيان جسم نظام الحكم الديمقراطي، وتنظيم الصراع السياسي داخل المجتمع. ومن المعلوم أيضًا أنّ الديمقراطية التبادلية ليست ظاهرة قديمة، بل هي إنجاز حضاري حديث تطوّر خلال القرن العشرين لم تعرفه كثير من الدول إلّا حديثًا، وبقيت تجهله دول كثيرة.
كما أنّه إنجاز بالتحوّل من اليمين إلى اليسار أو العكس، بطريقة سليمة بناءً على نتيجة الانتخابات التي تجري بصفة دورية[14].
إنّ هذا التحوّل من شرعية القوّة والغلبة والتوريث في الاستيلاء على الحكم إلى طريقة الانتخابات، يُعدّ من أكبر المنجزات الاجتماعية والسياسية في العصر الحديث، إذ إنّ هذه الآلية (الانتخاب) استطاعت نقل السلطة بشكل سلمي وجنّبت البشرية دماء كانت تهدر لهذا الغرض.
من البدهي القول بأنّ شخصية المسؤول السياسي تطبع أعماله، وتؤثّر في القيام بدوره على الصعيدين المحلي والوطني.
رابعًا: أسس رشاد الإدارة
من أسس رشاد الإدارة توخّي المصلحة العامة واقتناع رجل الادارة بها.
أ-مفهوم المصلحة العامة
انتشرت في أواخر القرن الثامن عشر نظرية مفادها أنّ أساس نشأة المجتمع هو "عقد اجتماعي"، وبحسب هذه النظرية فإنّ طبع الإنسان ليس اجتماعيًا، فهو يعيش منفردًا بين أفراد يتمتّع كل منهم بحقوق شبيهة بطبعه. أمّا ظاهرة المجتمع فقد أتت في مرحلة لاحقة وفق عقد توافقي بين أفراد اختاروا العيش معًا في مجتمع سياسي. واستنادًا إلى هذا العقد تخلّى كل فرد عن بعض حقوقه لصالح المجتمع الذي أصبحت سلطته وليدة هذا العقد أو التوافق بين الأفراد، ما يدل هنا على عدم وجود علاقة له بالسلطة في المجتمع، بحيث أنّ تنظيمه هو مرتبط فقط بإرادة الإنسان أي بالعقل البشري المستقل توخيًا للمصلحة العامة ألا وهي مصلحة المجتمع.
على أي قرار إداري أن يتقيّد بهدف المصلحة العامة. فالمصلحة العامة هي فكرة نسبية زمانًا ومكانًا ولذا لا تعريف جامعًا مانعًا لها. فهي أيضًا فكرة ووعي يكمنان في ضمير كل فرد وكل جماعة. ولا يقصد بالصالح العام صالح فرد أو فريق أو طائفة من الأفراد، كما لا يقصد به مجموع مصالح الأفراد الخاصة. فالجمع لا يمكن أن يرد إلّا على أشياء متماثلة لها الطبيعة عينها والصفة نفسها.
فالمقصود إذًا بالصالح العام أو بالمصلحة العامة، هو صالح الجماعة ككل مستقلّة ومنفصلة عن آحاد أو أفراد تكوينها في ظل العقد الاجتماعي، وليد العقل البشري المستقل.
ب- رجل الإدارة
إن راود رجل الإدارة شعور بأن الإدارة ملكه ينحرف في سلطته عن الغاية المحددة للسلطة، ألا وهي المصلحة العامة، إلى غاية أخرى بعيدة من هذه المصلحة، وذلك قد يكون رغبة بالانتقام أو تدبير مكاسب مالية أو غاية سياسية. أمّا الغاية الحقيقية فقد تكون لإصدار القرار، أو لاتخاذ التدبير الإداري غاية سياسية تنصبّ في مصلحة مصدِّر القرار أي تحقيق هدف غير مشروع لحزب سياسي أو لطائفة أو منطقة معينة. وقد يكون بكل بساطة ضد مصالح حزب أو طائفة أخرى معارضة، الأمر الذي يجعل القرار أو التدبير غير مشروع وجديرًا بالإبطال.
إنّ المهمة شاقة في ظل التدخلات وعلى رجل الإدارة أن يلمّ إلمامًا بالمجتمع ومتطلّباته وبالإدارة ككل. كما أنّ عليه في الوقت نفسه تذويب المعرفة وحصرها لتوليد مبادرات متداخلة بين الإدارات بهدف المصلحة العامة.
إنّ الأمر يحتاج إلى أشخاص يعرفون أين هم وإلى أين يقصدون وكيف يصلّون. ولعلّ مشاكل الإدارة لتحقيق المصلحة العامة تكمن في أنّ هؤلاء الذين لديهم القدرة على التخيّل، ليس لديهم إلًا القليل من الخبرة، وأولئك الذين لديهم الخبرة ليس لديهم إلّا القليل من القدرة على التخيّل.
فدولة الحقوق وشرعية الحكومات تحتاج إلى مديرين لديهم القدرة على التخيّل، وكذلك لديهم الخبرة الكافية حتى يمكنهم أن يضطلعوا بمهمات الإدارة ومسؤولياتها اليوم، ولمواجهة التطوّر في دور الإدارة وفي احترام الحقوق والحريات والتخصّص في المجالات الحديثة المختلفة كالبيئة والتكنولوجيا وغيرهما. إذًا يجب التنبّه بالنسبة للقائمين بالإدارة أنّهم يواجهون خطر تقادمهم بالنسبة للأعمال التي يضطلعون بها. وعندما كانت الإدارة مهمّة يمكن تعلّمها بالخبرة، لم يكن التقادم ذا أهميّة.
إلّا أنّ الخبرة تبلورت الآن على شكل مبادىء ونظرية وعلم، ومهما يكن لا بد من القول بأنّ النقص يبقى قائمًا في المبادىء والنظريات الإدارية طالما لم يقترن بالفعل. وبتعبير آخر، إنّ المعرفة الإدارية وحدها لا تكفي فيجب أن يكون هناك تطبيق لهذه المعرفة للحصول على نتائج.
إنّ رجل الإدارة يتعامل مع واقع المصلحة العامة ألا وهي الغد. أي إنّ القرارات التي تُتّخذ هي من أجل الغد. فلا يكفي أن يتعرّف رجل الإدارة على التغيير، بل عليه أن يكون قادرًا على التنبؤ به حتى يكون لديه الوقت الكافي لمقابلته، لأنّ أفضل طريقة للتنبؤ بالمستقبل هي صنعه.
إذا تطرّقنا إلى البحث حول الإدارة وطريقة العمل والتطبيق، يتبين بأنّه صعب ومعقّد إلى حدٍ كبير بحيث يصعب الوصول إلى حقائق والتي قد تنجم عن صعوبة الإحصائيات، لأنّ هذه الأخيرة هي شبه غائبة لأنّها تفضح الفساد. فالإحصائيات مبنية على الشفافية والأرقام بينما الواقع مبني على الهامشيّة والفساد[15].
إنّ رجال الإدارة على المستويات العالية أي مستويات القرار يؤدون دورًا قياديًا ذا أهمية خاصة، ويتوقّف على أدائهم أداء الأفراد على المستويات الأدنى، وبالتالي يظهر أداء قطاع الإدارة بكامله.
يجب أن تكون الإدارة التي تؤمّن المصلحة العامة المكان الذي يتقابل فيه الفكر مع العمل والتحليل مع القرار والأهداف مع الطاقات الإنسانية، لتنصهر جميعًا في منهجية واحدة لتجعل من الإدارة مرفقًا ساهرًا على تأمين المصلحة العامة.
ومهما يكن من أمر، فإنّ تأمين المصلحة العامة لا يعني أنّ للإدارة الحق في أن تعمل ما تشاء من دون أن تأخذ بالاعتبار حقوق المواطنين الطبيعية، وتطلّعات الفئات الاجتماعية.
كما لا يمكن للإدارة على صعيد شخص القانون العام الأول أي الدولة، أن تتنكّر لالتزاماتها الدولية، وأن لا تراعي المبادىء التي نصّت عليها المواثيق الدولية. فتأمين المصلحة العامة هي من خصائص الدولة وهي التي تميّزها عن الجماعات البشرية الأخرى (جماعات إقليمية، قبائل، طوائف، أحزاب).
خامسًا: الفساد الإداري وشلل العمل الحكومي
لا بدّ من الإشارة بداية إلى أنّ عدد الموظفين في لبنان الذين يعملون بضميرهم هو كبير[16]. وأنّ الفساد الإداري وهو الفساد الأكثر انتشارًا وغالبًا ما تسمّى عمليات الفساد كلّها من رشوة واختلاس وسوء استخدام السلطة واستغلال المال العام للمنفعة الشخصية، وغيرها من عمليات الكسب غير المشروع، بالفساد الإداري وهي حقيقة ثابتة تنطبق بشكل واسع وعميق على هذا المفهوم[17].
ويمكننا أن نُعرّف الفساد الإداري على أنّه: قيام الموظف العام أو المكلّف بخدمة عامة باستغلال الوظيفة العامة من أجل تحقيق نفع شخصي له ولأقربائه وبشكل مخالف للقوانين والأنظمة والتعليمات، مع الإشارة إلى أنّ قيام الموظف بمثل هذا التصرّف سببه ذاتي يتعلّق بالموظف أو بعامل خارجي يتعلّق بالبيئة الإدارية والسياسية والاجتماعية التي ستدفعه للقيام بتصرّفات مماثلة.
فالفساد الإداري إذًا هو نتاج ضعف الأنظمة الحاكمة والإجراءات الإدارية المعقّدة السائدة في المؤسسات العامة، والاستمرار على أساليب متوارثة من الأنظمة البيروقراطية والروتينية من دون الولوج في برامج الإصلاح الإداري الحديثة، مع بروز ظاهرة المحسوبية والمنسوبية وغياب الشفافية، كما أنّه نتاج منح المناصب المهمة والعليا في الإدارة لغير الكفوئين[18].
إنّ الفساد الإداري يتّفق مع الفساد المالي إذ أنّه يدخل ضمن إساءة استعمال السلطة في الوظيفة العامة، حيث أنّ فساد الإدارة العليا والدنيا ينتج عنه هدر للمال العام وتبذير للأموال العامة. أمّا الفساد المالي، فهو القدرة على الإفلات من أجهزة الرقابة المالية، إلّا أنّ الفساد الإداري هو أكثر شمولًا لأنّ صوره متعدّدة وتجتمع فيه في كثير من الأحيان جريمتا الفساد الإداري والمالي.
إنّ ضعف أداء المؤسسات الثلاثة: التشريعية والتنفيذية والقضائية في بعض الدول الديمقراطية وغياب المحاسبة والمساءلة نقصًا فيها، وأبرز دليل على ذلك ما يشهده لبنان بعد توقيع اتفاق الطائف من محاولات عديدة للإصلاح الإداري ولمحاسبة بعض المسؤولين في قضايا تتعلّق بالفساد باءت جميعها بالفشل، واقتصرت على معاقبة صغار الموظّفين من دون المسؤولين الكبار عن طريق ما يسمّى حينها بالتطهير الإداري. وقد يرى البعض أنّ مردّ الفساد في العمل السياسي هو عدم الالتزام بالأهداف الوطنية، فإنّ "أرقى مراتب السياسة التزام الأهداف الوطنية والقومية والإنسانية السامية. بغير ذلك تغدو السياسة مرتعًا للوصولية والنفعية والاستغلال"[19].
إنّ هذا الفساد يصيب المؤسسات والهيئات الإدارية لأجهزة الدولة، وقد ارتبط بالمرافق العامة والموظف العام وأحدث العائق الأساسي بوجه شرعية الحكومات.
أ- صور الفساد الإداري
تُسمّى هذه المخالفات بـصور الفساد ذات الصبغة الإدارية, فكما للفساد الإداري صور تتمثلّ بمخالفات جزائية، فإنّ للفساد الإداري أيضًا صورًا على شكل مخالفات إدارية منها إساءة استعمال السلطة والمحاباة والمحسوبية والواسطة والتسيّب الوظيفي، وغيرها من المخالفات التي نوردها على سبيل المثال لا الحصر.
وقد انتشرت وسائل المحسوبية والواسطة واستغلال النفوذ في الوقت الحاضر داخل مؤسسات الدولة بشكل ملفت للنظر وبخاصة في مجال تولّي الوظائف العامة، إذ يتعذّر علينا الحديث عن الوظيفة العامة من دون أن يتبادر إلى الذهن سؤال ساذج هو: هل لدى المتقدّم للتعيين أو لتولّي منصب قيادي نوع من الـ"واسطة" أم أنّ أمره إلى اللـه. والشيء نفسه يتكرّر بالنسبة لمعاملات المواطنين المستمرة في دوائر الدولة وما يقوم به بعض الموظفين من إنجاز معاملات أقربائهم ومعارفهم وذوي السلطة والنفوذ بأسرع وقت ممكن، على حساب المواطنين العاديين الذي يقعون ضحية الروتين الممل وطوابير الانتظار وعدم السرعة في إنجاز المعاملات والتعليمات الإدارية الزائدة، ناهيك عن التصرّفات الطائشة والمتسرعة التي يقوم بها بعض المسؤولين والموظفين خارجين بذلك على الأصول الوظيفية والنظام داخل الدوائر الحكوميّة، مدّعين بأنّ لهم واسطة في الدولة وأنّ هناك من يحميهم.
فالمحاباة، هي نظام يتم فيه مكافأة المؤيدين السياسيين مقابل الدعم الذي يقدّمونه، مثل التعيين لشغل المناصب العامة أو الحصول على عقود أو الإعانات أو غيرها من الفوائد.
هنالك أيضًا محاباة الأقارب: وهو شكل من أشكال المحسوبية لصالح أفراد الأسرة بغضّ النظر عن الجدارة، مثل تعيين أحد أفراد الأسرة في الخدمة المدنية على حساب شخص آخر أكثر أهلية. ومن الأمثلة الشائعة لمحاباة الأقارب خاصة في الدول النامية، عندما يقوم الحكّام في هذه الدول باختيار بعض من أفراد أسرهم وأقاربهم لتولّي مناصب سياسية واقتصادية من دون أن يكونوا مؤهلين[20].
المحسوبية: هي مكافأة الأصدقاء المقربين والسياسيين، وللمحسوبية صورتان هما: المحسوبية الاجتماعية والمحسوبية السياسية. فالمحسوبية الاجتماعية هي ظاهرة تعانيها الدول النامية وبخاصة العربية منها أكثر من الدول المتقدّمة، وذلك بسبب تعدّد الانتماءات والولاءات الأسرية والعشائرية والطائفية[21] والقروية وحتى علاقات الأصدقاء، بحيث يجد الموظف نفسه ملتزمًا تجاهها وغيرها من الجماعات التي تريد أن تحصل على مصالحها بأي طريقة في ظل ضعف الولاء للوطن. أمّا المحسوبية السياسية، فهي التي تتمثّل بسلوكيات السياسيين وتصرّفاتهم غير المنضبطة، كتعيين أحد الأشخاص في منصب سياسي بغض النظر عن مؤهلاته.
ونشير هنا إلى أنّ السياسيين في الدول النامية هم أوّل من يقومون بالضغط على الموظفين وأجهزة الدولة لخدمة أهدافهم ومصالحهم ومصالح أقربائهم ومؤيّديهم، على الرغم من خطاباتهم وتصريحاتهم المتكرّرة التي تؤكّد وقوفهم ضدّ الفساد والمحسوبية[22].
أمّا الواسطة: فهي تصدر من الغير لمصلحة صاحب الحاجة للتوسّط لدى الموظف العام، وذلك قد يكون في صورة رجاء أو طلب من رئيس أو مرؤوس أو ذي قرابة أو صلة. وفي هذه الحالات يجب أن يقوم الموظف بأداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة[23].
إنّ الواسطة ظاهرة منتشرة وشائعة خصوصًا في الدول النامية، مثل قيام الأشخاص النافذين في الدولة بالتوسّط لدى المسؤولين لتعيين أقاربهم في مؤسسات الدولة بغض النظر عن مدى ملاءمتهم للعمل، وقد تكون الواسطة شكلًا من أشكال تبادل المصالح، فصاحب الخدمة اليوم هو طالب الخدمة غدًا. وتظهر الواسطة في المجتمعات بسبب عدد من الظروف منها شيوع فكرة أنّ لكل قاعدة استثناء ومنها الواسطة، وعدم العدالة والمساواة بين المواطنين، وعدم وضوح الأنظمة والقوانين. وتطبيقًا لمبدأ المساواة في تقلّد الوظائف العامة، فإنّه لا يجوز حجز طائفة معينة من الوظائف لمجموعة من المواطنين على أساس انتماءاتهم السياسية أو ولائهم الحزبي، كما لا يجوز أيضًا استبعاد أنصار أو أتباع حزب معين من تولّي الوظائف العامة[24].
إنّ الأصل في تقديم الخدمات والمنافع والحقوق يكمن في شمول لجميع أبناء المجتمع سواسية من دون تمييز، كما أنّ الأصل في الشرائع والقوانين والدساتير كلّها أنّ الناس متساوون في الحقوق والواجبات. "يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وُهبوا عقلًا وضميرًا، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء"[25].
هذا وينصّ الدستور اللبناني على أنّ "اللبنانيين كلّهم متساوون لدى القانون وهم يتمتّعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية، ويتحمّلون الفرائض والواجبات العامة من دون أي تفرقة في ما بينهم"[26].
ب- الأسباب المؤدية للفساد
كثرت الأسباب المؤدية إلى الفساد في لبنان، بحيث تنوّعت بين ما هو اجتماعي وما هو إداري وأخيرًا لا آخرًا ما هو طائفي.
(١)- لبنان مجتمع التوازن الدقيق
يعتمد النظام اللبناني على توازن دقيق بين قوى مختلفة وفئات متمايزة ومراكز قرارات متشّعبة. وتنتهج جميعها أسلوب الاتفاق والتفاهم لئلا يختل التوازن فتنتشر الفوضى ويعمّ الخراب، فتُصاب مصالحها بالضرر. وهذا التوازن القائم ليس توازنًا طائفيًا فقط[27]، وإنّما هو توازن إقليمي، بين مختلف المناطق في لبنان، ومؤسسي، كما أنّه توازن بين المؤسسات والمناصب الحكومية العليا، وعائلي قائم بين أسر قليلة معينة فرضت زعامتها بقوّة الإقطاع أو النّفوذ المالي. وهو ليس توازنًا عرفيًا، بل هو توازن مكتوب ومنظّم ومعترف به رسميًا ينصّ عليه الدستور ويكرّسه الميثاق الوطني.
وفي كل مرّة تتعرّض فيها مصلحة من المصالح الفئوية أو الطائفية للخطر، يهتز المجتمع كلّه وتضطرب الخواطر ويُخيّم على البلاد جوّ متلبّد مشحون، فيسارع المصلحون إلى تهدئة النفوس والتحدث عن الوحدة الوطنية والدعوة إلى ضرورة التمسك بمبدأ التوازن بين الطوائف .
من ميّزات هذا التوازن القائم أنّه لا يتيح الفرصة لفئة من هذه الفئات التي يتكوّن منها المجتمع اللبناني كي تفرض نفسها على غيرها بصورة دائمة، لأنّها لا تملك أو لا يسمح لها الآخرون بأن تملك من القوّة أو التكتّل ما يؤهلها للاستيلاء على السلطة السياسية في البلد واحتكارها. ولهذا يبقى الاتفاق أو التوافق أو المهادنة، أو الاعتدال أو المسايرة، ضرورة حتمية لتأمين التعايش السلمي والتعاون اليومي بين هذه الفئات. ولهذا نرى أنّ كل المحاولات التي جرت حتى الآن لكسر طوق التوازن عن طريق العنف أو اللاعنف أفضت إلى صيغة لا غالب ولا مغلوب[28].
وفي غمرة الحرص على تأمين التوازن تتلاشى فكرة الوطن، وتتبخر فكرة الدولة، وتضيع فكرة المصلحة العامة ويتحوّل البلد إلى ميدان سباق للمصالح الخاصة يديره ويُسيره زعماء المال والإقطاع والجاه[29].
"تعاني الممارسة السياسية في لبنان مساومة بلا حدود، إذ أصبحت الأمور كلّها في لبنان قابلة للتفاوض لا على أساس معايير بل حسب توازن القوى والعلاقات الزبائنية، كما اضمحلت الشجاعة في الحياة العامة، نتيجة المساومة والمسايرة فقدنا الشجاعة في التقرير، في المغادرة أو في البقاء، وفي تحمل المسؤولية بدلًا من تمييعها. وفي مشاركة مشبوهة أو وفاق يقتصر على أعلى القمّة أو يتستّر خلف الحجج القانونية"[30].
(٢)- الأسباب الإدارية
هي أسباب منها ما يتّصل اتصالًا وثيقًا بعمل الموظّف ومنها ما يتعلّق بالإدارة، سوف نوردها بالتفصيل على الشكل الآتي:
● أسباب متعلقة بالموظف العام:
وهي أسباب كثيرة لا يمكن حصرها، فمع مرور الوقت وتطوّر الجهاز الإداري وتوسّعه وكثرة الواجبات الملقاة على عاتق الموظف، من المؤكد أن تظهر صور وحالات ومخالفات جديدة تطرأ بين الحين والآخر، كما أنّ القانون الإداري والذي يُنظّم أحكامها هو قانون متغيّر غير ثابت في قواعده، بل يتغير وفق التطوّر السريع الذي يلمّ بالحياة الإدارية لموظّفي الدولة. ومعلوم أنّ هذه الأعمال أصبحت كثيرة بشكل يستحيل معه تقنينها، إلّا أنّنا سنتناول في بحثنا أهم هذه المخالفات التي يرتكبها الموظف أو المكلف بخدمة عامة من خلال عمله في الإدارة، منها على سبيل المثال المحاباة والواسطة والإكراميات واستغلال النفوذ وعدم المحافظة على كرامة الوظيفة وعدم تطبيق القوانين والأنظمة، وعدم إطاعة أوامر الرؤساء وإفشاء أسرار الوظيفة وعدم الالتزام بالدوام الرسمي وكثرة الاجازات، والتسيّب الوظيفي والإهمال والفوضى وعدم الحرص على المال العام والتبذير والإخلال الجسيم بالوظيفة. إضافة إلى عدم الاهتمام بمعاملات المواطنين وإضاعة وقت الدوام الرسمي بأمور شخصية لا تمت إلى الوظيفة بصلة. وهناك الأسباب المتعلّقة بالاجتهادات الذاتية للموظفين، كإتاحة المجال أمام الموظفين بشكل غير منظّم بخلق التغييرات الشخصية للأنظمة غير الواضحة، في ظل غياب النص النظامي.
كذلك، لا ننسى الأسباب الشخصية لدى البعض كالأسباب الوراثية مثلًا والعوامل المكتسبة التي التصقت بالموظّف من البيئة المحيطة به وتراجع العامل الأخلاقي لديه، وعدم الشعور بالمسؤولية والتشبث بالبيروقراطية الزائدة من قبل المسؤولين، ولا ننسى أنّ كثيرًا من الرؤساء الإداريين لا يشجّعون مرؤوسيهم على التدريب والتطوير، الأمر الذي يؤدي بالمرؤوسين إلى العزوف عن المشاركة في اتخاذ القرار.
إنّ علاقة المواطن اللبناني في الدولة لا بل بالإدارات العامة لا تخلو من بعض النفور[31]، إذ ارتبط مفهوم القانون تاريخيًا بالمحتل الذي ينبغي مقاومته أو السعي إلى خرق قوانينه. فاعتبر المواطن القاعدة الحقوقية منذ البدء آتية من الآستانة وبعدها من المنتدب الفرنسي[32]، ومن ثمّ الفلسطيني والسوري والإسرائيلي، وصولًا إلى أصحاب المال وكيانات الطوائف. فخاف منها وابتعد منها بواجباته وحقوقه، وبالتالي تخلّف عن المطالبة عن حقوقه أمام القضاء، معتبرًا أنّ هذا القضاء أيضًا يعبّر عنها فتردّد بالمطالبة أمام هذا الخصم القوي.
● الأسباب المتعلقة بالوظيفة العامة أو المرفق العام:
هي شبيهة بالأسباب الإدارية والتنظيمية في إدارة الدولة كعدم شفافيّة القوانين المتعلّقة بالإدارات العامة التي تحتوي على الكثير من الإجراءات المطلوبة والبيروقراطية الزائدة، ما يدفع المواطن إلى دفع أموال إضافية لإنجاز المعاملة بأسرع وقت ممكن. كذلك الروتين[33] الممل في الدوائر الحكومية الذي تسبّبت به المركزية الإدارية، وكذلك تعدّد المراحل والمراجع للبت بأي موضوع، واللامبالاة والاتكالية، كل هذا يؤدي بالتالي إلى تذمّر المواطنين وسخطهم على الدولة.
أضف إلى ذلك، ضعف المؤسسات العامة بسبب قوانين صعبة التركيبة، ما يوصل إلى الإهمال والفوضى، وكذلك البطء والتعقيد في إنجاز المعاملات وافتقار المؤسسات والإدارات إلى المكننة الحديثة واعتماد المعلوماتية كوسائل لتبسيط أساليب العمل الإداري، وتضخّم أعداد الموظفين وقلّة تدريبهم والتشابك والتضارب والإزدواجية بين المؤسسات والوزارات والحفاظ على المركزية الحصرية والإدارة المتشدّدة كلّها أسباب، وهي تعتبر من الأسباب التي تقود بالنهاية إلى انتشار الفساد [34].
هذا بالإضافة إلى عدم مواكبة زيادة الأجور للظروف الاقتصادية ومتطلّبات المعيشة. واتباع الدولة أساليب تقليدية في إدارتها وعدم مواكبتها الوسائل التكنولوجية (الحكومة الإلكترونية)، وإصدارها تعليمات متضاربة ومتسرّعة بين الحين والآخر، وعدم اختيارها الشخص المناسب في المكان المناسب، مع التلكؤ في إنجاز المعاملات. وبالتالي، فإنّ تراكم هذه الأسباب يقود إلى الفساد الإداري.
إنّ الرواتب المتدنّية لموظّفي القطاع العام، ولجوء بعض الموظفين إلى العمل في القطاع الخاص بسبب أجره الزهيد في كثير من البلدان مهملًا عمله في الدولة، كلّها أسباب مؤدّية إلى نمو الفساد وازدياده[35]. ويمكن القول إنّ الدوائر التي تعاني هذه المشاكل هي متخلّفة إداريًا.
(٣)- الأسباب الرقابية
إذا كانت هذه الأجهزة الرقابية متلكئة في القيام بمهماتها داخل مؤسسات الدولة، فممّا لا شكّ فيه أنّ ذلك سوف يقود هذا الضعف إلى نمو الفساد وانتشاره، خصوصًا إذا تمّ التدخّل بعملها من قبل الأحزاب والمسؤولين في السلطة، فتصبح بذلك أجهزة رقابية عديمة الجدوى، وغير قادرة على إجراءات الضبط الداخلي، فمرافق الإدارات العامة، وهي أجهزة لا يتمتّع موظفوها بالخبرة الكافية، أجهزة تقوم بتطبيق القانون على صغار الموظفين من دون كبارهم.
إنّ غياب الرقابة الحاسمة وعدم مكافحة الفساد الإداري وافتقار الدولة إلى معايير المحاسبة، والتمسّك بحرفية القواعد والأنظمة الإدارية تجعل من الموظف رهنًا لشكليات القواعد الإدارية، من دون الالتفات إلى مصلحة المواطن، إضافة إلى التغاضي عن الغش والتزوير والسرقات والاختلاسات والصفقات والسمسرات والوساطات. كما أن عدم تفعيل الجهات الرقابية وعدم اعطائها الدور والصلاحيات الكافية، قد يشيران إلى الرغبة في ولوج الفساد في القطاع العام، وهذا التوجّه يتمثّل في ما يأتي: عدم استقلالية الجهات الرقابية، والتدخّل في عملها من قبل المسؤولين، وعدم توفير المخصّصات المالية اللازمة لغرض قيامها بأعمالها، وعدم استقطاب هذه الأجهزة للعناصر الكفوءة والنزيهة وعدم توفير الحماية اللازمة لموظفيها.
هذا مع العلم إلى أنّ الكثير من الحكومات حاول تنفيذ مشاريع الإصلاح الإداري ومحاربة الفساد، غير أنّ هذه الجهود لم تنجح بسبب ضعف الرقابة الإدارية وعدم فعاليتها في كشف الفساد والحد منه.
وتجدر الإشارة إلى أنّ النظام التأديبي السليم لا يتحقّق بمجرد التأكد من وجود فساد إداري في الجهاز الحكومي وسلوكيات الموظف العام، وإنّما عليه أن يتصدّى للعوامل والأسباب التي دفعت الموظف لذلك والقضاء عليها، إذ قد يكون ارتكاب الموظف للفساد الإداري سببه حالة الهبوط الإداري في المرفق العام نفسه أو تفشّي جرثومة الفساد[36] فيه أو البطء وعدم المبالاة، وعدم توفير الضمانات المناسبة للموظفين وقلّة مرتباتهم وغيرها من الأسباب التي باتت تصيب الجهاز الإداري بالعطب وتصل به إلى حد الفشل.
()- الأسباب الطائفية
لقد أُعطيت الطائفية أكثر من دورها في إطار الوظيفة العامة وليس بين الطوائف فحسب بل حتى داخل الطائفة الواحدة، إذ تتحوّل الطائفة إلى حام ِلأفرادها في وجه الدولة والقانون. وتصبح محاسبة الموظّف بمنزلة محاسبة لطائفته، وتتساقط قوانين الرقابة والعقاب حيث لا رقابة ولا محاسبة، وتسود الفوضى ويعشعش الفساد[37].
فالطائفية بطبيعتها مناهضة لمفهوم الديمقراطية والتمثيل الديمقراطي السليم[38]، ومفتتة للنسيج الاجتماعي لأنّ ربح البعض يعني خسارة محتمة للآخر وإلغاءً له، ومن ثمّ تقضي على إمكانية نشوء خطاب سياسي جامع، وهي مرتبطة بالفساد بكل أنواعه، فساد الدولة والإدارة والفساد المادي والقانوني[39].
"فالمشكلات الإدارية ناتجة من المشكلة السياسية، والمشكلة السياسية مرتبطة بالمشكلة الطائفية، وهذا مرض مزمن عمره من عمر الكيان اللبناني"[40].
إنّ العديد من المؤسسات استحال أن يلامسه الإصلاح الإداري بسبب الحماية السياسية والطائفية له، فالمسؤول الذي يتعرّض للنقد من أي جهة خارج طائفته، سوف تلتف حوله طائفته وتدافع عنه وتقدّسه[41].
هذا ولم يغب الوضع السياسي والطائفي الصعب في لبنان عن أذهان المراجع السياسية اللبنانية الحاكمة منذ الاستقلال، ومنهم رئيس حكومة الاستقلال الراحل رياض الصلح والرئيس الراحل فؤاد شهاب[42].
إنّ الفساد قد لا يشجّع الموظفين الأكفّاء على العمل بإخلاص، بالإضافة إلى انعدام الثقة بين الموظّف والمدير أو الإدارة، خصوصًا إذا كان الرؤساء ممن يميلون إلى المركزية الشديدة في العمل، الأمر الذي يؤدي إلى عدم مشاركة الموظفين في اتخاذ القرار، ولا سيّما أنّ مثل هذه العقليات في الإدارة تتمسّك بالحرفيات وتتشبّث بالمركزية، ولا تشجّع المرؤوسين على التدريب والتطوير وإتاحة الفرصة لهم في المشاركة بصنع القرار، ما ينعكس سلبًا على أداء الإدارة. وبالتالي كلّما اتّجهت معايير الجهاز الإداري نحو البيروقراطية، أصبحت أكثر إخفاقًا في تلبية حاجات الجمهور. وهكذا، فإنّ الجهاز الإداري إذا تسلّل إليه الفساد سوف يتعطّل ويزداد ضعفًا ويعجز عن تقديم الخدمة للمواطن وتشوب قراراته الازدواجية والإرباك، بل وحتى تنعدم فيه روح الشفافية.
سادسًا: السياسات المعتمدة لمكافحة الفساد
من أبرز مظاهر الديمقراطية اعتماد مبدأ الفصل بين السلطات، واعتماد مبدأ الشفافية في جميع المعاملات، وتفعيل المساءلة واعتماد نظام الثواب والعقاب، حيث أنّ كل موظّف في الدولة مهما علا شأنه، يتقاضى أجرًا مدفوعًا من الشعب. إنّه خادم للشعب وليس وليًا لأمره. سلطته من الشعب وللشعب كلّ الحق في محاسبته ومكافأته أو إدانته.
كذلك يجب وضع رقابة على العقود والصفقات الكبيرة التي تعقدها الحكومة ومراقبة قضايا تمويل الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى تفعيل الرقابة على الموظفين الذين يتمتعون بحصانة.
أ-اللامركزية الإدارية
إنّ اللامركزية الإدارية، هي شرط أساسي لوجود إدارة عامة شفافة ومسؤولة[43]، لا يمكن تخفيف وطأة مساوئ الفساد الإداري إلّا باعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية، وإعطاء الصلاحيات اللازمة للوحدات الإدارية اللامركزية لكي تمكّنها من القيام بعملها من دون انتظار الموافقات من الجهات العليا، مع تفعيل المراقبة على الوحدات اللامركزية لحماية الأموال العامة من الهدر.
ب -تنشيط الإدارة عبر اعتماد مبدأي تسهيل المعاملات والتعليم
كثير من دوائرنا اليوم لا تطبق مبدأ تسهيل إنجاز المعاملات وسرعتها، متمسّكة بإجراءات روتينية قاتلة تؤدي بالنتيجة إلى تذمّر المواطنين وسخطهم وتفتح مثل هذه الإجراءات الباب إلى تسلّل الفساد إلى الإدارة[44]، فعندما تستغرق معاملة شهرًا واحدًا و15 توقيعًا مثلًا، فمن السهل جدًا أن يجد الفساد فرصة لينتشر. هناك حاجة ملحّة لإيقاف الروتين الإداري وخفض المتطلبات الإدارية غير الضرورية والمعقدة وتسهيل المعاملات، ويشكّل نظام "الشباك الموحد" للمعاملة في كل الإدارات العامة حلًا محتملًا وقابلًا للتطبيق[45].
إنّ نقص المعرفة بالحقوق الفردية والجهل بالقانون وانتشار التخلف والجهل والفقر بلا أدنى شك هي عوامل تشجّع على ارتكاب الفساد، فالمجتمع الأمّي يكون دائمًا عرضة للفساد. ولذلك، فإنّ محو الأمية عامل أساسي في قوة المجتمع وتحضّره، ووعيه بمقدار الفساد وبالتالي الاستعداد لمكافحته.
ج -ضمان استقلالية القضاء
دول عديدة لا تحترم قوانينها بل لا تطبقها ما يؤدي إلى إضعاف الجهاز القضائي وتسلّل الفساد اليه، فهذا الجهاز الذي هو ضامن للعدالة وحقوق الناس ومؤتمن على إحقاق الحق، قد يصبح جهازًا ضعيفًا وموبوءًا بالفساد. فلاستقلالية القضاء يقتضي العمل على تحقيق الأهداف الآتية:
١- صيانة القانون وإحلال العدالة بين المواطنين وبين السلطة والمواطنين بعيدًا من كل أنواع التجاذبات السياسية وغيرها.
٢- مراجعة القوانين البالية والعشوائية والتعسّفية وإلغاؤها أو تحديثها برفعها إلى المجلس النيابي لإعادة صياغتها.
٣- أن يكون القضاء هو المسؤول الأول عن حقوق المواطن وعن الحريات والعدالة وتطبيق القوانين على كل المواطنين من دون تفرقة.
٤- تعديل مفاهيم الحصانات السياسية.
٥- تفعيل دور محكمة خاصة في كل محافظة للقيام بواجبها، والاستماع إلى الشكاوى التي ترفع ضد إدارات الدولة عندما تحدث مخالفات ورشاوى وغيرها[46]، أي محكمة خاصة بقضايا الفساد.
وقد يصطدم مبدأ استقلال القضاء أحيانًا بصعوبات عملية تحد من فاعليته، وتسمح لبعض الأطراف أن يؤثر في موقف القاضي ومنها مسألة تعيين القضاة ونقلهم وترقيتهم وعزلهم[47].
لا بدّ من الإشارة إلى وجوب اعتماد سياسة التدوير الوظيفي، فمبدأ التناوب أو التدوير الوظيفي يقوم على افتراض مؤداه أنّ الأعمال المختلفة التي يؤديها الموظفون هي قابلة للتداول، ومن الممكن أن يتم (تبديل الموظفين) من عمل إلى آخر من دون أن يحدث هذا التغيير خللًا على انسيابية العمل. إنّ بعض الجهات تعاني ارتفاعًا في معدّلات الفساد نتيجة لإبقاء الشخص فيها لمدة طويلة .
لذا، فإنّ المداورة في الوظيفة تعد مطلبًا مهمًا في مكافحة الفساد الإداري، حيث ينبغي تشجيع عمليات التدوير الوظيفي بين العاملين أو الموظفين في هذه الأجهزة مع عدم الإخلال بكفاءة الأداء، خصوصًا وأنّ هناك ظاهرة بقاء المدراء العامين ومعاونيهم في المناصب لفترات طويلة، وتأتي حكومات وتذهب ويتغير رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وهؤلاء ثابتون في مناصبهم. فهناك حاجة إلى التغيير وبصورة ملحة والافساح في المجال أمام الوجوه الشابّة في إدارات الدولة.
من أجل محاصرة الفساد عند أدنى مستوياته، لا بدّ من تحسين أوضاع الموظفين، عن طريق زيادة أجورهم ومرتباتهم وما يتمتّعون به من مزايا عينية، حتى تصبح تلك الأجور والمرتبات أداة للعيش الكريم ما يساعد في زيادة درجة حصانة الموظفين إزاء الفساد والمفسدين.
وإذا كان على المواطن أن يفهم الإصلاح بأنّه استئصال للفساد، فعلى الموظف ألّا يفهم الإصلاح بزيادة الراتب والترقية وترسيخ مكانة وموقع[48].
د- الفصل بين المناصب العامة والمجالس الطائفية
مع التقدير والاحترام للمقامات الروحية وسلطاتها المشروعة ودورها في تعزيز العيش المشترك والمحافظة على القيم والأخلاق، فإنّ المبادىء الدستورية والقانونية المتّبعة في الدول تتطلّب ممّن يعمل في القطاع العام أن يكون ولاؤه الأوّل لخدمة المواطن والصالح العام. كما أنّه من المنطقي أن تفرض، أي المؤسسة، على أعضائها الولاء التام لأهدافها وأعمالها. إذ عندما تتعدّد الأدوار بحكم تعدّد الانتساب للمؤسّسات سوف تنشأ مشكلة الازدواجية وتنازع الولاءات.
فعملية التوفيق في الموقف بين انتماء رجل السياسة إلى مؤسسات الدولة سواء أكان وزيرًا أم نائبًا أم موظفًا كبيرًا، وما تفرضه عليه مسؤولياته من نظرة شمولية ووطنية وموضوعية في العمل، وبين انتمائه الطائفي، إنّما هي غالبًا أمر صعب تحقيقه. إذ لا بدَّ أن تبرز هنا مشكلة إزدواجية الأدوار وتعارُضها. وإنّه لمن مصلحة كل طائفة أن يكون هناك فصل في أدوار أبنائها بين من يعملون في مواقعها الرسمية حتى بصفة استشارية، وأولئك الذين يتم تسلمهم مناصب ووظائف حكومية رفعًا للحرج والحساسيّة.
مثل هذا التوجّه قد يتطلّب اتخاذ إجراءات قانونية كتعديل القوانين المتعلقة بمجالس الطوائف، أو التوصّل إلى الاتفاق على إقامة "ميثاق شرف"، ويتطلّب ممّن يتسلم منصبًا حكوميًا أن يكون في حلّ من مسؤولياته الرسمية لدى طائفته، علمًا أنّ هذا التوجّه لا يتعارض أو يحدّ من الحقوق السياسية لرجال الدين أو ممّن يعملون في المؤسسات الطائفية من ترشيح أنفسهم للانتخابات. فذلك شأن سياسي يندرج أمره في إطار التنظيم الحزبي المقترح إعتماده كعامل أساسي في إلغاء الطائفية السياسية، بحيث تتنافس الأحزاب في ما بينها وفق برامج محددة.
ويبرز التساؤل حول توجه الدولة نحو إلغاء الطائفية السياسية من النصوص، في حين تبقى المجالس الطائفية في آنٍ واحد مؤلّفة من وزراء ونواب وكبار موظفي الدولة.
الخاتمة
منذ الانتقال إلى دولة لبنان الكبير العام 1920 والمحاولات الإيجابية عديدة للتوصل إلى بلورة هوية لبنانية واحدة، إذ ينتمي اللبنانيون إلى طوائف ومذاهب والصراعات داخل المذاهب هي أقوى ممّا هي عليه بين الطوائف.
وتجهد الدولة اللبنانية باحتضان جميع هذه المكوّنات تحت هوية واحدة وطنية جامعة باعتبار أنّ اللبنانين هم مواطنون وليسوا سكانًا.
فلو نظرنا إلى الغرب نرى بأنّ المعضلة التي يعانيها هي كيفية وضع ضمانات دستورية ومؤسساتية من أجل حماية الجماعات الخاصة القومية والدينية داخل المجتمع وفي بوتقة الدولة، أمّا الحال في لبنان، فنحن بصدد البحث الدائم عن الضمانات التي تحمي الدولة من هيمنة الإنتماءات والعصبيات الطائفية والمشاكل المتفاقمة.
وللوصول إلى قناعات مشتركة بتحقيق المساواة بين اللبنانيين داخليًا، لا بدّ من اعتماد حياد لبنان عن كل النزاعات الخارجية لتحقيق شرعية الحكم والحكومات و قبول الإصلاح, وهذا الإصلاح يتحقّق عندما نعتمد على الأقل رأيًا عامًا يعتبر المتهرّب من القانون ضالًا وليس بطلًا فيردعه، والمتجاوز للمصلحة العامة والمسخّر للأموال العامة لغاياته الخاصة مخطئًا أساء الأمانة وليس كريمًا متساهلًا فيحاكمه، والمتهاون بتطبيق القانون حسب أهوائه ومصالحه مخرّبًا فيقف بوجهه، ويرشده إلى ما هو أكثر نفعًا له ولوطنه.
قائمة المراجع:
المؤلّفات
-الكاردينال جول مازارين: دليل الرجل السياسي، ترجمة د. خضر خضر، منشورات جروس برس 2000 .
-سليم الحص: للحقيقة والتاريخ (تجارب الحكم ما بين 1998 و 2000)، بيروت، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2001 .
-جورج قرم: الإصلاح المالي في لبنان: الفرصة الضائعة، بيروت، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر 2001 .
-د. سعيد حمودة الحديدي: نظام الإشراف والرقابة على الانتخابات الرئاسية، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، سنة 2013.
-محمد ناصر الألباني: سلسلة لأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة، مكتبة دار المعارف، المجلد الأول، الرياض، الطبعة الأولى،1992.
-الشيخ عبد الرزاق بيطار: "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر"، حقّقه ونسّقه وعلّق عليه محمد بهجت البيطار، بيروت، دار صادر، الطبعة الثانية 1413، 1993 الجزء الثاني.
-د. أدمون رباط: الوسيط في القانون الدستوري، الجزء الثاني الطبعة الثانية، دار العلم للملايين بيروت 1971.
-ألكسي دو توكفيل: الديمقراطية في أميركا، ترجمة أمين مرسي قنديل 1962.
-د. سعود المولى: في الحوار والمواطنة والدولة المدنية، دار المنهل اللبناني، المركز العربي للحوار، 2012.
- سليم الحص: "آفة الفساد"، ضمن كتاب:"المشاريع الدولية لمكافحة الفساد"، المنظمة العربية لمكافحة الفساد، بيروت، ط 2006.
-كمال أمين الوصال: "الفساد دراسة في الأسباب والآثار الاقتصادية"، مجلة عالم الفكر، المجلد 38، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2009.
-د. بلال أمين زين الدين: ظاهرة الفساد الإداري في الدول العربية والتشريع المقارن, دار الفكر الجامعي, الطبعة الثانية الإسكندرية 2012.
-د. أنطوان مسرة: مرصد الديمقراطية في لبنان 1997- 1999، مؤسسة جوزف مغيزل بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، 2000.
-د. عقل كيروز، د. إدوار صياح: "الفساد والإصلاح الإداري في لبنان"، منشورات Collection Beryte، الطبعة الأولى، 2005.
-د. طارق المجذوب: "الإدارة العامة-العملية الإدارية-الوظيفة العامة والإصلاح الإداري"، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، بيروت، 2005.
-د. سمير التنيّر:"عهد الفساد الأسود"، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الطبعة الأولى بيروت 2007.
-د. رضا سعادة: ثمار الإدارة الفاسدة (عينات وقائع وأرقام) دار بلال للطباعة والنشر، الطبعة الأولى بيروت 2011.
-رندة أنطوان:"نحو استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد"، برنامج الأمم المتحدة للتنمية، بيروت، 2009.
-د. عيسى بيرم:"حقوق الإنسان والحريات العامة"، دار المنهل اللبناني، الطبعة الأولى، 2011.
Emmanuel Aubin: "droit de la fonction publique", Gaulino editeur, 3 edition, Paris, 2007.
J.G Fichite: Machiavel et autres Ecrits Philosophiques et politiques, Payot, Paris 1981.
Machiavel: le Prince, traduction de jean Anglade, livre de poche, Texte intégral L.G.F 1983.
Issam Moubarak : l’Etat et la décentralisation thèse Paris 1996.
الدوريات: النهار، الجمهورية، الديار، البلد.
[1]- النائب الأسبق غسان تويني، تصريح منشور في جريدة النهار، الأحد 26 آب 2007.
[2]- الدور التشريعي السابع عشر، العقد الثاني، 1989، محضر الجلسة الثانية المنعقدة يوم الأحد الواقع فيه 5 تشرين الثاني 1989.
[3]- إنّ النمر لا يحتاج إلى الإعلان عن قوته... كما يقول مثل نيجيري.
[4]- الكاردينال جول مازارين، دليل الرجل السياسي، ترجمة د. خضر خضر، منشورات جروس برس 2000، ص 158.
[5]- سليم الحص: للحقيقة والتاريخ، تجارب الحكم ما بين 1998 و 2000، بيروت شركة المطبوعات للتوزيع والنشر 2001 .
جورج قرم والإصلاح المالي في لبنان: الفرصة الضائعة، بيروت شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2001.
[6]- "... جاء تقرير 2016 الصادر قبل أسابيع ليضع لبنان في المرتبة 136 بين 176 دولة (...) الأكلاف المقدّرة للفساد في لبنان سنويًا، وفق بعض الخبراء، تتجاوز الأربعة مليارات دولار". طوني عيسى: البلد الـ 136 يمّول الفساد بالضرائب". الجمهورية، الجمعة 24 شباط 2017 والديار 31 آذار 2017.
[7]- "مفوضية شؤون اللاجئين: عدد السوريين المسجلين مليون و17 ألف و 433 لاجئًا"، الديار 16 كانون الأول 2016. "كل عام يولد 23 ألف طفل لبناني في مقابل 50 ألف طفل نازح سوري في لبنان لا يتم تسجيلهم في دوائر القيد السورية ولا اللبنانية". الجمهورية 28 آذار 2003.
[8]- "ولأنّ هذا المجلس النيابي يتألف من نواب غير منتخبين وقد اقتضوا التمديد لأنفسهم مرتين، فهو إذا حسب الدستور الشرعي مجلس غير شرعي". الوزير السابق جوزف الهاشم، الجمهورية 14 تشرين الأول 2016.
[9]- .J.G Fichite, Machiavel et autres Ecrits Philosophiques et politiques, Payot , Paris 1981, p.42
[10]- .Machiavel, le Prince, traduction de jean Anglade, livre de poche, Texte intégral L.G.F 1983, p. 153
[11]- د. سعيد حمودة الحديدي: نظام الإشراف والرقابة على الانتخابات الرئاسية، دار النهضة العربية، الطبعة الأولى، سنة 2013.
[12]- محمد ناصر الألباني: سلسلة لأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة، مكتبة دار المعارف، الرياض، الطبعة الأولى،1992، المجلّد الأوّل، ص 70.
[13]- الشيخ عبد الرزاق بيطار: "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر"، حقّقه ونسّقه وعلّق عليه محمد بهجت البيطار،" بيروت، دار صادر الطبعة الثانية 1413، 1993، الجزء الثاني ص 816. ويستطرد قائلًا إنّ الوليد بن عبد الملك بن مروان كان مشغوفًا بتشييد البنيان، فكان الناس في زمانه ليس لهم همة إلّا بتشييد البنيان والقصور، وفي ذلك طول الأمل والغرور.
ثمّ ولي بعده، أخوه سليمان بن عبد الملك بن مروان فكان مشغوفًا بكثرة الأكل، وتنويع الأطعمة، وتكثير الألوان، فكان الناس في زمانه يتفاخرون بالتوسعة في تنويع المأكولات، ومنهمكين في التلذّذ بالشهوات، وفي ذلك أعظم البليات، ثمّ تولى عمر بن عبد العزيز الملحق بالخلفاء الراشدين، فكانت همته في الانشغال بالطاعات، والعدل، وإقامة الدين، فكان الناس بزمانه راغبين في فعل الطاعات مستكثرين من الخيرات، فقالوا الناس على دين ملوكهم.
[14]- د. أدمون رباط: الوسيط في القانون الدستوري، الجزء الثاني الطبعة الثانية، دار العلم للملايين، بيروت، 1971، ص 248.
[15]- إذا كان الذين يديرون دفة الأرستقراطية يحاولون أن يرشوا الشعب أحيانًا، فرؤساء الديمقرطيات أنفسهم فاسدون مرتشون... وليس الذي يخشى هو فساد أخلاق الزعماء، بل الخوف أن يكون فساد الأخلاق هذا وسيلة إلى بلوغ العظمة". الكسي دو توكفيل، الديمقراطية في أميركا، ترجمة أمين مرسي قنديل، 1962، ص 270 و271.
[16]- " إنّ الصفات التي يجب أن يتحلّى بها مطلق رجل وأمرأة يعملان في الشأن العام ليستحقا وصف رجل دولة أو امرأة دولة، متعدّدة وصعب وجودها في شخص واحد، لكن الصفة الأولى الواجب توافرها بداية، هي ايمان الشخص بضرورة وجود دولة ديمقراطية قوية عادلة قائمة على مبادىء الحرية والسيادة واحترام كرامة الإنسان، وأن يعمل في سبيل قيام مثل هذه الدولة، وأي شخص يمتلك مثل هذه الصفة، لا يمكن إلّا أن يكون شجاعًا مضحيًا، نطيف الكف، خلوقًا، عسف اللسان، محبًا، متسامحًا، إلّا مع اعداء الوطن والدولة..." . فؤاد أبو زيد "رجال دولة "، الديار 3 آيار 2012.
[17]- مؤشر مدركات الفساد للسنة 2008، لبنان في المرتبة 102 بين 180 دولة. النهار 24 أيلول 2008. وقد ازداد الفساد إلى نسبة 92% في لبنان بحيث أصبح الأكثر فسادًا في الدول العربية، الجمهورية 4 آيار 2016 .
[18]- ”ويبدو أنّ المسؤولين عندنا، وهم ممّن يطبل ويزمر للإرشاد الرسولي ولا يقرأون إلّا الأدعية الواردة في الإرشاد أو بعض المقاطع من الإنجيل أو التوراة... فهم لا يعترفون بوجود خلل في البلاد، أو إختلال في الحياة العامة ... ولا يقرون بأنّهم ضربوا ويضربون عرض الحائط بكل موجبات التوازن واحترام الآخر والمصالحة (...) فكيف إذا قرأوا أيضًا: "لا يمكن أن تمتهن بلا عقاب حقوق وواجبات الأشخاص والجماعات الثقافية والدينية والشعوب... وتجاهل ذلك يقود حتمًا إلى فقدان الشعب بكامله الثقة بالمؤسسات الوطنية بشكل حتمي". د. سعود المولى في الحوار والمواطنة والدولة المدنية، دار المنهل اللبناني. المركز العربي للحوار 2012، ص 64 .
[19]- د. سليم الحص، "آفة الفساد" ضمن كتاب: "المشاريع الدولية لمكافحة الفساد"، المنظمة العربية لمكافحة الفساد، بيروت، ط 2006، ص 214.
[20]- كمال أمين الوصال، "الفساد دراسة في الأسباب والآثار الاقتصادية"، مجلة عالم الفكر، المجلّد 38، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2009، ص 327.
[21]- "العصبيات لا تزال تتحكّم في تصرفات وسلوك الغالبية العظمى من أبناء الطوائف، فالانتماء إلى الطائفة هو عصبية أكثر ممّا هو انتماء ديني ومذهبي"، رئيس المجلس الدستوري، الدكتور عصام سليمان خلال مؤتمر جامعة الحكمة، "لبنان اليوم.. بين تداعيات المسار وإمكانات النهوض"، البلد، 5 نيسان 2014.
[22]- "كان ادمون رباط، كلّما تذاكرت معه في موضوع إلغاء الطائفية السياسية وهو المتجذّر في علمانيته، كما كانت الحال بالنسبة إلى كمال جنبلاط وريمون إده، ينظر إلي متبسمًا ثم تأخذه موجة عارمة من الضحك"، بشارة منسى "في الغاء الطائفية السياسية العهود والوعود"، النهار، 15 شباط 2010.
[23]- - د. بلال أمين زين الدين، ظاهرة الفساد الإداري في الدول العربية والتشريع المقارن، دار الفكر الجامعي، الطبعة الثانية، الإسكندرية 2012، ص 209.
[24]- . Emmanuel Aubin, "droit de la fonction publique", Gaulinoediteur, 3 edition, Paris, 2007, p: 119
[25]- المادة: (1) من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، كذلك انظر: المادة (2): من الاعلان المذكور والمادة: (7) منه.
[26]- المادة: (7) من الدستور اللبناني لعام 1926 مع تعديلاته .
[27]- "العصبيات لا تزال تتحكّم في تصرّفات وسلوك الغالبية العظمى من أبناء الطوائف، فالانتماء إلى الطائفة هو عصبية أكثر ممّا هو انتماء ديني ومذهبي"، رئيس المجلس الدستوري الدكتور عصام سليمان خلال مؤتمر جامعة الحكمة "لبنان اليوم.. بين تداعيات المسار وامكانات النهوض"، البلد، 5 نيسان 2014.
[28]- "ويبقى النموذج اللبناني المثال الواقعي، الأقرب إلى العقل، منه إلى القلب، أنّه نموذج التعايش بين 18 طائفة، وكلّ منها تريد الوحدة ضمن التنوع، وتريد التشبث بخصوصيتها، من دون تراجع أو تنازل، كما تريد في الوقت نفسه أن تطلب من الوطن أكثر مما تعطيه. ومرّ هذا النموذج بحروب أهلية عدة، كانت تطرح خلالها مختلف النماذج المطلبة من التقسيم إلى التغثيث، إلى قيام النظام الفدرالي أو الكونفدرالي، لكن في كلّ مرة كانت تنتهي الأمور إلى تسوية، وكان يتدخّل الخارج لفرضها، والتسوية لها" جورج علم "الأقليات والضمانات"، الجمهورية، 6 آذار 2012.
[29]- "كل شيء معطّل في البلد بسبب الولاءات القائمة، التعيينات متوقّفة وسفارات عديدة شاغرة، ولا قرارات إصلاحية اقتصادية تخرج من الأزمة
الكبيرة، وذلك لأنّ الولاء لأشخاص لا للبنان". البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الجمهورية، 15 آيار 2012.
"إجراءات لمنع المذهبيات"، الشيخ أحمد قبلان المفتي الجعفري الممتاز، النهار، 22 نيسان 2007.
راجع ناشر الأبجدية يعاني في تعليمها، البلد، 23 آب 2008 .
"فلقد ارتفع مثلًا عدد الجامعات التي توفّر شهادات مزيفة على الإنترنت من 200 إلى 800 بين عامين 2000 و2004". النهار، 7 حزيران 2007.
[30]- د. أنطوان مسرة، مرصد الديمقراطية في لبنان 1997- 1999، مؤسسة جوزف مغيزل بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي 2000، ص 28 و29.
[31]- "إنّ هذه الفجوة بين المواطن والمسؤول ليست جديدة في لبنان، ... ليس مقبولًا من أحد الدفاع عن الخطأ والمخالفة والجريمة، والأخطر من الدفاع هو التبرير، وهذا التبرير صدر أكثر من مرّة عن وزراء ونواب وقيادات ومسؤولين، وهذا من شأنه أن يسيس الأمن والقضاء .." فؤاد بو زيد "الناس بالناس والحكومة بالمحاصصة؟"، الديار، 5 كانون الأول 2011.
[32]- "... لقد كان بلدنا منذ القرن التاسع عشر ولا يزال انعكاسًا للأزمة الإقليمية التي اتفق على تسميتها المسألة الشرقية، والتي أصبحت القدس وحروب فلسطين محورها الأساسي منذ مطلع القرن العشرين. (...) عند انهيار الإمبراطورية العثمانية... في لبنان لجأ إلى الحماية الفرنسية التي دامت، شأنها شأن كل الهيمنات الاستعمارية، فترة كافية لفرض النفوذ وتحقيق المصالح". غسان تويني، النهار، 12 حزيران 2004 .
[33]- - الروتين: هو مصطلح ساخر يتعلق بالتنظيم المفرط أو الالتزام الصارم بالقواعد الرسمية التي تعتبر زائدة عن الحاجة أو بيروقراطية، أو تحوّل دون عمل أو صنع قرار، عادة ما تطبق على الحكومة، لكن يمكن أن تطبق على الشركات.
[34]- - د. عقل كيروز، ود. إدوار صياح، "الفساد والإصلاح الإداري في لبنان"، منشورات Collection Beryte، الطبعة الأولى، 2005، ص35-36.
[35]- المرجع نفسه، ص 36.
[36]- فادي عبود، وزير سابق، "اليوم حجم الفساد كبير، وهناك فئة كبيرة أسيرة عقلية الفساد والرشوة، فهذه بيئة تضخّمت وكبرت وتحوّلت نمط حياة يصعب الاستغناء عنه، ..."، الجمهورية، 30 كانون الأول 2016.
[37]- د. طارق المجذوب، "الإدارة العامة-العملية الإدارية-الوظيفة العامة والإصلاح الإداري"، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، بيروت، 2005، ص 824.
[38]- يقول ميشال شيحا : "... كما يوجد في سويسرا كونتونات يوجد في لبنان طوائف، أساس الكونتونات مناطق وأساس الطوائف تشريع ...".
[39]- د. سمير التنيّر، "عهد الفساد الأسود"، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، الطبعة الأولى، بيروت 2007، ص 92.
[40]- د. رضا سعادة، "ثمار الإدارة الفاسدة (عينات وقائع وأرقام)"، دار بلال للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، بيروت 2011، ص 41.
[41]- المرجع نفسه، ص 40.
[42]- يقول رئيس حكومة الاستقلال الراحل رياض الصلح، في بيان حكومته عام 1943: "إنّ الساعة التي يمكن فيها إلغاء الطائفية، هي ساعة يقظة وطنية شاملة ومباركة في تاريخ لبنان"، أمّا رئيس الجمهورية الراحل فؤاد شهاب، في بيان عزوفه عن الترشّح لرئاسة الجمهورية لدورة ثانية يقول:"إنّ المؤسسات السياسية اللبنانية، والأصول التقليدية المتبعة في العمل السياسي، لم تعد صالحة للنهوض بلبنان".
[43]- Issam Moubarak, l’Etat et la décentralisation, thèse Paris 1996.
[44]- برفسور جاسم عجاقة، "الحكومة الإلكترونية أداة فعالة في محاربة الفساد"، الجمهورية، 21 تشرين الثاني 2016 .
[45]- رندة أنطوان، "نحو استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد"، برنامج الأمم المتحدة للتنمية، بيروت، 2009، ص 25.
[46]- د. كيروز، عقل ود.صياح، إدوار، مرجع سابق، ص 332.
[47]- د. عيسى بيرم، "حقوق الإنسان والحريات العامة"، دار المنهل اللبناني، الطبعة الأولى، 2011، ص 269.
[48]- وأن يكون "عامل في خدمة رب عامل واحد اسمه لبنان". العبارة للسفير فؤاد الترك، راجع فؤاد أبو زيد، "متى يصبح المسؤول والسياسي عاملين لدى رب عمل ... هو لبنان"، الديار، 2 شباط 2012 .
Toward the rationalization of management in Lebanon
The Lebanese system is based according to the constitution on the legitimacy founded on the principle of coexistence and therefore the legitimacy of the government as well as the legitimacy of the management is secured through a cohesive series of several considerations mainly the urgent need related to public interests.
The establishment of a modern management is a dilemma that hurdles the government’s work in Lebanon for it is unnecessary to launch slogans and present ideas with the aim of modernizing laws since modern management is in dire need of leaders who hold the banner of modern thinking and capable of piloting modernization while relying on the people’s confidence. Hence, the leader should work for those who are working for him while abstaining from taking advantage of their weaknesses to control their lives, should respect all men as an independent value, and not as subordinates or compelled individuals and the leader’s wellbeing is guaranteed if he remains unbiased vis-à-vis all the sides.
It is worth noting that elections turned into the doctrine of democracy considering that it constitutes the basic democratic means that holds the pillars of modern political systems. Hence, if political freedom is the means that guarantees the rise of a democratic State in an effective and truthful manner, it means the contribution of every citizen in public affairs, assuming responsibilities and controlling the government’s work. There is no doubt that the fulfillment of the transfer of power is considered as criteria of a sound democratic system and a way of organizing the political conflict in society.
It is worth mentioning that the rationalization of management is affected by different factors such as the public interest, administrative corruption and the paralysis of governmental work. For the sake of public interest, there are standards that we should resort to, mainly the elections, and the personality of the administrative leader while performing his duties. As for administrative corruption, it is represented through different images; however, different reasons lead to the proliferation of corruption some of which are related to the structure of society on one hand while other reasons are related to the public servant in person on the other hand. It is worth mentioning once again that there are policies adopted in the fight against corruption such as administrative decentralization with the aim of reaching a transparent and responsible public administration in addition to stimulating the administration by facilitating administrative paperwork and education. Respecting the laws may lead to embolden the judiciary system and guarantees its independence. Furthermore, prevalent constitutional and judiciary principles necessitate from those working in the public sector to be loyal primarily to the service of the country and the public interest and therefore the affiliation to the country is stronger than the affiliation to the sects and this ensures achieving the most important reforms.
Vers une bonne gouvernance de l’administration libanaise
Le régime libanais se base d’après la constitution sur la légitimité basée sur la consociation.
De ce fait, la légitimité du gouvernement ainsi que celle de l’administration se réalise à travers une chaine de considérations dont la plus importante est la nécessité du respect de l’intérêt public.
De toute facon, l’instauration d’une administration moderne, se confronte a une certaine difficulté dans le fonctionnement de l’administration libanaise. D’ailleurs, cette modernisation ne se réalise pas à travers des slogans, mais bien évidement par la présence des chefs créatifs d’un esprit moderne, et capables de gérer la modernistaion sur la base d’une crédibilité populaire. Le chef est celui qui travaille pour les autres sans aucun abus, tout en gardant une certaine égalité entre toutes les parties de la société. Il faut souligner, l’importance de l’éléction qui est une des piliers de la démocratie en permettant au peuple de participer aux affaires publiques ainsi que, pour gérer les particularités de chaque société.
La meilleure gouvernance dans l’administration est affectée par des facteurs divers dont l’intérêt public est la corruption qui aboutit à la paralysie de l’activité gouvernementale. Pour assurer l’intérêt public il faut recouvrir à des critères comme l’éléction, la perseruable du leader qui se reflète dans l’exercice de ses missions, la corruption se manifeste à travers plusieurs facettes. Les raisons qui la favorisent se partagent entre la composition confessionnelle de la société libanaise et le fonctionnaire lui-même.
Notons la présence de plusieurs procédés qui tendent à contrecaner la corruption. On peut citer la décentralisation administrative, la révalorisation de l’adulte de l’administration à travers l’éduction et la simplification des procédés.
Le respect des lois, peut aboutir dans son côté à la consolidation du rôle des juridictions.
Enfin, il faut dire que les principes constitutionnels et juridiques adaptés dans les Etats exigent de ceux qui assurent les services publics une appartenance fidèle à la partie et non pas à la confession dans l’objectif d’un changement pour le meilleur.