- En
- Fr
- عربي
العوافي يا وطن
لا يمحو تراكم الأيام لحظة رهيبة، طرق بها باب القلب خبر كسر القلب، وجعل هذه اللحظة تستوطن أيامه كلها.
قد لا يفلح الزمن في غسل الحزن المقيم في عيون ودّعت غاليًا يرتدي بزة الميدان، ليعود مرتديًا علم بلاده.
وحدها لحظة الانتصار تفلش الفرح في القلوب والعيون والعروق، وتعيد رسم المشاعر. فحين ينتصر الوطن، يتكىء الوجع إلى كتف البطولة، تحنو الدمعة لتشرق ابتسامة، وفي بيت الشهادة ينبت فرح، غلال بيادره لبيوت كثيرة، لوطن.
باسم هذا الوطن وأبطاله كان «فجر الجرود».
الأبطال الشهداء والأبطال المتأهبون للواجب، كانوا معًا في أعالي الجبال والهضاب والتلال، وفي تعرجات الأودية والشعاب، معًا صنعوا النصر. طهّروا الأرض، ثأروا لرفاق طال انتظار معرفة مصيرهم، ولرفاق سبق أن كتبت أسماؤهم على راية الخلود. ولأمهات وآباء وأخوة وأولاد أقام الوجع في نهاراتهم ولياليهم...
انتصروا، فغسل الفرح الذي صنعوه قلوبًا كثيرة، وظلّ نظيفًا.
دُحر الإرهابيون، حقّق الجيش وعده بالقضاء عليهم في أوكارهم، وظل متمسّكًا بمناقبيته العالية.
تسلّق جنودنا القمم، اقتحموا حقول الألغام، وحيث عجزت الآليات عن التقدّم، تقدّموا راجلين من صخرة إلى صخرة، وأنجزوا مهمتهم.
الوحوش الذين غدروا بعسكرنا واقترفوا أبشع الجرائم في حق الجيش والمواطنين والإنسانية، ماتوا بنيران جنودنا، أو دحروا وفرّوا. إلى هنا، ونقطة على السطر.
لا عرض واستعراض لصور جثثهم، لا تنكيل، لا استهداف لعائلات المجرمين.
في لحظـة ما، كان كل منّا يرغب برؤية هؤلاء الوحوش مقطّعين إربًا... لكنّ جيشنا ظلّ نظيفًا حتى في غضبه.
جنودنا عادوا مكلّلين بالغار، فهدر الفرح في ملاقاتهم، وزغردت الشرفات والطرقات لهاماتهم المرفوعة...
هذا العدد هو كلمة «عوافي» يوجّهها لهم كل بيت، وكل قلب.
لا تصنع الكلمة بطولة، لكنها تقطف من البطولة حكايات ترسم ملامح أيام آتية.