- En
- Fr
- عربي
العوافي يا وطن
الأعياد المجيدة على مرمى أيام قليلة. معالم العيد تتحدى الأوجاع المقيمة في أيامنا. لا تكافؤ في المنازلة. الأوجاع المتفشية أكبر وأكثر من أن تتراجع أمام زينة هنا وعروضات هناك. لكن ورغم كل شيء، تبقى الأعياد محطة نتزود منها أملًا لأيام آتية. أمل ينبت من ابتسامة أولاد ينتظرون بابا نويل حاملًا إليهم الفرح. أمل ينساب من عزيمة مواطن سحقته الظروف القاسية وما زال يبحث عن فرصة للنهوض بمسؤولياته وعائلته. أمل يتدفق من زنود عسكريين متأهبين دائمًا على مرمى الواجب.
إنّهم هنا، قرب بيوتنا، في شوارعنا، وإنّهم هناك بين سهل وجرد. وفي كل مكان لهم مأثرة وحكايات مجيدة. وجوههم التي أكلتها الشمس تخبر القصة نفسها، وكأنّ لجميعهم وجه واحد وقصة واحدة.
ثابتون في الواجب، راسخون في الإيمان، مقيمون دائمًا وأبدًا في الالتزام. كأنّ التعب لا يمرّ في دروبهم، وكأنّ قسوة الأيام لا تقترب من بيوتهم ومعاجنهم وأحلام أطفالهم. لكننا نعلم، نعلم وندرك جيدًا أنّ دروبهم هي التعب في أقصى درجاته، وأنّ الهموم مقيمة في بيوتهم من بابها إلى محرابها.
من أين تأتيهم الشجاعة التي لا تنضب فيما هم وسط الخطر والقحط والقهر والتقشّف والإحباط؟ كيف لهم أن يظلوا سواعد مشدودة في كل مهمة وجباهًا مرفوعة أمام كل خطر؟
إنّه النذر الذي قطعوه على أنفسهم، نذرهم أن يكونوا للوطن حتى آخر رمق.
إنّه الوفاء الذي يجعل جميعهم واحدًا في النخوة والالتزام والتضحية.
إنّه الشرف العسكري يحملهم إلى ما فوق الواجب، إلى أقصى درجات العطاء والترفّع.
بكل ذلك يرتفعون فوق الأهوال التي يواجهونها، ينتصرون على أوجاعهم وينصرفون إلى مداواة أوجاع مواطنيهم، أو على الأقل التخفيف من وطأتها، ويحافظون على جهوزيتهم الدائمة في وجه كل طارىء.
2020 تشهد لصلابتهم وعزتهم، لتضحياتهم وشجاعتهم في مواجهة أقسى الظروف، وفي تنفيذ أصعب المهمات.
بوركت نخوتكم يا رجال وطني، بوركت سواعدكم، وبورك العرق المتدفق من خلايا أجسادكم.
عرفناكم أوفياء، أشداء، نبلاء، لكن في هذه السنة تجاوزتم كل الأوصاف وكسرتم كل الأرقام القياسية.
كارثة المرفأ ستكون عنوانًا أبديًا للانتصار في ساحات الخراب واليأس، وستكون عنوانًا لكيفية جعل المستحيل ممكنًا.
قد لا تكون السنة المقبلة أقل قسوة وإيلامًا، لكننا نعرف أنّكم ستكونون هنا وهناك، قربنا، في قلب وجعنا، وفي صلب أملنا.
العوافي يا وطن.
العوافي يا جيشنا.